تحت عنوان "حملة مئة ألف كتاب إلى غزة"، أطلقت مؤسسة "بيت أطفال الصمود" دعوة إلى المهتمين والناشطين للمساهمة بالحملة، عبر التبرع بكتب ثقافية أو قصص أطفال ليتم إرسالها من لبنان إلى قطاع غزة، وقد حددت المؤسسة آخر مهلة لتسليم الكتب حتى آخر شهر حزيران/ يونيو الجاري.
تأتي المبادرة بعيد العدوان الصهيوني الذي تعرض له قطاع غزة، ما أدى إلى تدمير مئات المكتبات وضياع عدد كبير من الكتب والقصص، لا يقل عددها عن مئة ألف كتاب.
تأمين ألف كتاب حتى اللحظة
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول مدير مؤسسة "بيت أطفال الصمود" – مركز عين الحلوة، أحمد عوض: "جاءت المبادرة بعد اجتماع عقد في بيروت بين رئيس مجلس "مؤسسة عامل الدولية"، ممثلة بالدكتور كامل مهنّا، وبين "دار نلسن للنشر" ممثلة بالدكتور سليمان بختي، لبحث آلية إغناء مكتبات غزة التي دمرت بالكامل جراء العدوان الأخير الذي أرادوا به قتل الفكر والوعي لدى الإنسان، وجهنا دعوات وحملات إلى جميع المثقفين والأصدقاء في عاصمة الفكر والثقافة والوعي بيروت للمساعدة في جمع هذه الكتب".
ويضيف: "على ضوء الحملات والإعلانات التي أطلقت من مؤسسة بيت أطفال الصمود وهي تتألف من ١٢ مركزاً في مخيمات لبنان من شمال لبنان إلى جنوبه، بالتالي فإن لكل مركز إحصائية في جمع عدد الكتب، صار لدينا عدد من الكتب التي قُدمت سواء من الأطفال أو الأهالي أو الجمعيات، يفوق عددها ألف كتاب تقريباً في جميع مراكز الجمعية".
وحول آلية إيصال هذه الكتب إلى قطاع غزة، يوضح عوض أنها "ستتم بالاتفاق بين مؤسسة عامل الدولية وإدارة جمعية بيت أطفال الصمود ممثلة بمديرها الأستاذ قاسم عينا. وسيتم جمع التبرعات عن طريق المراكز وإرسالها إلى مكتب الإدارة العامة في بيروت، وبالتعاون بين جمعيتنا ومؤسسة عامل ومؤسسة "دار نلسن للنشر" سيتم إرسال الكتب بطائرة خاصة إلى قطاع غزة".
حملة "مئة ألف كتاب إلى غزة" لاقت صدى كبيراً في المخيمات الفلسطينية وغيرها من المناطق اللبنانية، إذ تم الترحيب بالفكرة بشكل كبير باعتبارها جديدة ومبتكرة، وتهدف إلى إعادة نشر الفكر والثقافة والعلم حتى لو أرادوا قتل الفكر والوعي لدى الإنسان الفلسطيني"، بحسب عوض.
ويضيف أن "هذه الحملة تستهدف العلم بالدرجة الأولى، ونحن من خلالها نعيد إحياءه وهو باق في الشعب الفلسطيني ولن يقتلوه".
يذكر أن طائرات العدو الصهيوني قد استهدفت مكتبات سمير منصور، وإقرأ، والرؤية، والنهضة، كما أسفر العدوان عن تدمير عدد من المراكز الثقافية، وهي منتدى الأمة للتنمية، ومراكز المواهب الفلسطينية، وبسمة للثقافة والفنون، ونفحة، بالإضافة إلى تدمير عدد كبير من المراكز المختصة في مجالات العلوم والأبحاث والتدريب، وشركات الإنتاج الإعلامي والفني، بحسب بيان للهيئة العامة للشباب والثقافة في غزة.
واستهدف العدوان أيضاً "مؤسسة مشارق" وهي أكبر شركة متخصصة في الدعاية والمعدات التقنية في قطاع غزة، تأسست قبل 22 عاماً. وتعد المؤسسة مهداً للعديد من الفنانين والمبدعين والمواهب الشابة في مختلف المجالات الفنية والإعلانية في القطاع.
حملة ذات دلالات معنوية وثقافية
"حملة المئة ألف كتاب إلى قطاع غزة حملت دلالات كثيرة، أهمها أنها تخرج من لبنان إلى غزة، هو بلد يهتم بالهوية الوطنية التي هي بشكل أو بآخر أكدتها الانتفاضة الأخيرة، التي حملت اسم انتفاضة الهوية الفلسطينية والوعي الوطني"، بحسب الروائي الفلسطيني، ومسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، مروان عبد العال.
وخلال حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يؤكد عبد العال أن "غزة كانت دائماً تحاول بث هذه الروح الوطنية، وفي الانتفاضة الأخيرة بثتها بالفعل، أعتقد أنها تستحق الرد عليها بهذه الدلالة الثقافية لأن أساس الاستهدافات الوطنية الفلسطينية بعيداً عن الاتفاقات والتسويات، هو محاولة ضرب هذا الوعي الثقافي".
يشيد عبد العال بـ "أهمية حملة تنطلق من المخيمات الفلسطينية بلبنان التي شهدت ما يصفه بتزييف وتفكيك وتفريق وفصل عن قضاياها، ويعتبرها هامة جداً ولها دلالات معنوية كبيرة.
وحول الرسالة السياسية لمثل هذه المبادرات، يرى الروائي الفلسطيني أن "القوة المعنوية مهمة جداً للتمسك بحق العودة، وتعزيز الانتماء الشعبي لفلسطين. ومما لا شك فيه أن غزة أوصلت رسالة مهمة تبعث الروح الوطنية على كامل أرض فلسطين التاريخية. فقد تم تعريف الكل الفلسطيني ليس بشكل متجزء أو فصائلي، أي كل الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، حتى في الشتات وتحديداً في لبنان، حيث كان لهذه المعركة وقع كبير بأن يسمعوا ما يحدث في قراهم ومدنهم من مقاومة ضد المستوطنين وجنود الاحتلال سواء في عكا أو الناصرة أو طبريا أو أي مكان في هذه القرى، ذلك جعلهم يستعيدون الذاكرة إلى ما سمعوه من أجدادهم".
ويعتبر عبد العال أن "هذه الروح الوطنية تكسر البعد الجغرافي لدى شبابنا عن الوطن، رغم كل محاولات إبعادهم عنه بشتى الطرق".