يعد البحر المحاذي لمخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان ذي قيمة بيئية واقتصادية وجمالية بالنسبة لسكانه.

 فهو يتعتبر المتنفس الوحيد لأهالي المخيم فضلاً عن أنه مصدر رزق كبير لبعض الأهالي من خلال إقامة استراحات وخيم على الشاطئ، بخاصة في  خضم الغلاء الفادح بالأسعار في لبنان جراء الأزمة الاقتصادية.

البحر ملجأ للاجئين

"ازدادت أهمية البحر لدينا مع اشتداد الأزمة الاقتصادية التي نعيشها في لبنان، فنجد الناس تسبح بين أمواجه أو تجلس تحت خيم الاستراحات المقامة عليه، وهناك من يقوم بأنشطة رياضية مختلفة على الرمال كلعبة الكرة الطائرة وكرة القدم والتانيس وغيرها"، بهذه الكلمات تصف ابنة مخيم الرشيدية، اللاجئة الفلسطينية جنى شحرور، أهمية بحر الرشيدية بالنسبة لهم كمكان للاستجمام والراحة.

  تقول شحرور لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "في ظل الغلاء الفادح وارتفاع سعر صرف الدولار يبقى البحر أوفر من باقي المناطق، بحيث يمكن لرب الأسرة أن يصطحب عائلته إلى البحر للنزهة. بعض الأشخاص تشتري مأكولاتها من الدكانة وتحضر كراسيها وطاولاتها معها ويجلسون على الشاطئ مما تصبح تكلفة النزهة أقل بكثير من الذهاب إلى المطاعم".

وتوكد: "هناك العديد من الأشخاص في المخيمات الأخرى يتمنون أن يقيموا في مخيمنا، والعديد منهم يأتي إلى الرشيدية ليجلسوا على البحر، خاصة مع اشتداد التقنين الكهربائي في لبنان والتي تأثرت به المخيمات بطبيعة الحال، فباتت الناس تقصد البحر ليلاً نهاراً لتخصص عنها حرارة الصيف".

وترى أنه "على الرغم من وجود حديقة ألعاب للأطفال ونادي خيل وملاعب كرة قدم في مخيم الرشيدية، إلا أن الناس متعلقة بالبحر أكثر. أعرف أشخاصاً لا يبتعدون عن البحر، يستيقظون في الصباح يتناولون الفطور ويذهبون إلى البحر، ويتركونه في آخر الليل".

WhatsApp Image 2021-07-01 at 5.47.22 PM (1).jpeg

 

WhatsApp Image 2021-07-01 at 5.47.23 PM (1).jpeg

الأسعار مقبولة للجميع

"أسعار الجلوس في الاستراحات المقامة على شاطئ البحر هي عامل جذب بالنسبة لرواده"، هذا ما تعتبره ابنة مخيم الرشيدية، اللاجئة الفلسطينية ريم زيدان، عامل جذب لكل من يهوى البحر أو يريد أن يصطحب عائلته أو أصحابه في نزهة.

في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، تقول زيدان: "الأسعار بطبيعة الحال داخل المخيمات الفلسطينية أرخص بكثير من الخارج، وهذه الخيم البحرية موجودة منذ 15 سنة تقريباً على الشاطئ على امتداد الخط البحري للمخيم، بالتالي أصحابها يراعون الأحوال الاقتصادية لسكان المخيم وكل من يقصد البحر من خلال وضع أسعار مقبولة للجميع".

وتؤكد أنه "رغم غلاء جميع أسعار المواد الغذائية والسلع في لبنان، إلا أن الأسعار في الاستراحات رغم ارتفاعها عن السابق لا تزال مقبولة". 

البحر نعمة

"البحر نعمة موجودة في طرف المخيم وليست متوفرة في مخيم ثاني" هو لسان حال الكثير من أبناء مخيم الرشيدية، من بينهم اللاجئ الفلسطيني هشام هجاج.

يعتبر هجاج في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنه "بسبب الضغوطات المعيشية والغلاء الفادح، لا تجد الناس متنفساً لها سوى البحر. فنجد الشباب والصبايا والأطفال والعائلات كل يوم يجتمعون في البحر أو الاستراحات. فبغض النظر أن هناك أشخاص يقصدون البحر ليسبحوا، إلا أن هناك أفراد تأتي لكي تسترخي وتجلس تحت الخيم البحرية وهي تنظر إلى البحر. يطلبون الطعام والعصائر ويجلسون بجانب أولادهم الذين يلعبون عادة على الرمال".

"على سبيل المثال، يجتمع شباب المخيم في الصيف في إحدى استراحات البحر للسباحة نهاراً ولعب الورق ليلاً أو مشاهدة مباريات كرة القدم وشرب النرجيلة سوياً. وهناك زوار من خارج المخيم تأتي لتزور أقاربها، لكنها تفضل أن يجتمعون في الاستراحات على البحر فضلاً عن المنزل، بخاصة مع اشتداد التقنين الكهربائي".ولكن 

WhatsApp Image 2021-07-01 at 5.47.24 PM (1).jpeg

 

ظروف العمل تتأثر بالواقع اللبناني

ولكن أمام هذه النعمة البيئية والاقتصادية والترفيهية التي يصفها أهالي المخيم، يعيش أصحاب الاستراحات الموجودة على شاطئ البحر ظروفاً اقتصادية صعبة، بدأت بجائحة كورونا التي شلت كل شيء في البلاد وما فرضته من تداعيات وقائية. بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها سكان لبنان وانعكست على ارتفاع جنوني بالأسعار.

"استراحة الزيني" هي أحد أهم الاستراحات البحرية على شاطئ الرشيدية كونها تستقطب أكبر عدد من أهالي المخيم والزوار منذ 8 أعوام حين افتتحها صاحبها اللاجئ الفلسطيني حسين الزيني.

ورغم أن الزبائن يفضلون استراحة الزيني عن غيرها كونها تقدم مأكولات ومشروبات، إلا أن أحوالها تأثرت بفعل ظروف لبنان.

يقول حسين الزيني لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "خلال اشتداد جائحة كورونا في لبنان تأثر عملي في الاستراحة بنسبة 80% كبقية المصالح، لكن بالطبع فرضت إجراءات وقائية فكل شخص كان يريد شرب النرجيلة بات يحضر نربيجه أو نرجيلته معه ويأخذ الفحم من عندي".

ويضيف: "ما قبل الأزمة الاقتصادية كنت أبيع لـ 60 طاولة يومياً تقريباً، لكن حالياً صحيح العمل ازداد ولم يقل لكن المال لم يعد له قيمة، فزجاجة البيبسي كان سعرها 500 ليرة والآن أصبحت 3 آلاف ليرة. لكني لا زلت أراعي ظروف الناس وأسعى إلى البيع بالرخيص والربح القليل كي يستمر عملي لكن لا أشعر بضيقة اقتصادية".

"هذه الخيم هي مصدر رزقي صيفاً شتاءً وأعتاش منها. يوجد لدي قعدة في الداخل، ولدي استراحة في الخارج يجلسون الناس عندما يكون الطقس جميلاً ولا يوجد برد أو هواء فالموسم الأساسي لعملي هو حوالي ثلاثة أو أربعة شهور"، بحسب الزيني.

ويؤكد أن "الاستراحة تبقى عاملاً لكي لا أحتاج أحداً فمن خلالها يمكنني أن أكفي أموري وأطعم أولادي وأدفع مستلزماتي".

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد