صادف اليوم الخميس الثامن من تموز/ يوليو، الذكرى الـ49 لاستشهاد الثائر والأديب الفلسطيني غسان كنفاني (1936-1972)، بتفجير سيارته في منطقة الحازمية قرب العاصمة اللبنانية بيروت، واستشهدت برفقته ابنة شقيقته فايزة، لميس حسين نجم (17 عاماً)، على عملاء الموساد الصهيوني.
ويعتبر كنفاني سياسي وصحفي وروائي وقاص وكاتب مسرحي، ولد في عكا في التاسع من نيسان عام 1936، واضطر لمغادرة فلسطين عام 1948 إلى لبنان ثم إلى سوريا، رحل غسان من يافا إلى عكا، حيث أقامت عائلته في بيت جد أمه، وكان 25 نيسان 1948 يوم الهجوم الكبير على عكا من العصابات الصهيونية، وفي 29 نيسان 1948، لجأت عائلة غسان مع سبع عائلات أخرى إلى "صيدا" و"الصالحية" و"المية مية"، إلى أن استقر بهم المقام عند أقرب قرية للعودة إلى فلسطين، قرية الغازية أقصى جنوب لبنان.
وفي الثامن من حزيران 1948، انتقلت العائلة الى دمشق، ثم الزبداني، وفي 19 تشرين أول 1948 عادوا لدمشق وأقاموا في حي الميدان، حتى عام 1952، قبل أن ينتقلوا لحي الشويكة، حتى عام 1956 حيث انتقلوا لبيتهم الأخير، ثم انتقل للكويت ومنها إلى لبنان.
صدر لغسان كنفاني حتى تاريخ وفاته المبكّر ثمانية عشر كتابًا، وكتب مئات المقالات والدراسات في الثقافة والسياسة ونضال الشعب الفلسطيني، ترجمت معظم أعماله إلى حوالي 16 لغة في عشرين دولة مختلفة. وكانت أهم أعماله الأدبية: رواية "رجال في الشمس"، ورواية "عائد إلى حيفا"، و"الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968".
وكانت مقالات كنفاني تنشر تحت اسم مستعار (فارس فارس) في "ملحق الأنوار" الأسبوعي (1968) ومجلة "الصياد" من شباط إلى تموز 1972 ومقالات قصيرة في جريدة "المحرر" تحت عنوان "بإيجاز" 1965، ونال عام 1966 جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان عن روايته "ما تبقى لكم"، كما مُنح لاسمه بعد استشهاده عدة جوائز أهمها: جائزة منظمة الصحفيين العالمية في 1974 وجائزة اللوتس في 1975، ومنح وسام القدس للثقافة والفنون في 1990.
استشهد على يد الغدر (الموساد) في 8/7/1972 في بيروت وكانت ترافقه ابنة أخته لحظة انفجار سيارته واستشهدا معاً.
مؤلفاته
صدر لغسان كنفاني خمس دراسات وبحوث، "أدب المقاومة في فلسطين المحتلة" عام 1966 في بيروت، و"الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 48 – 68" عام 1968 في بيروت، و"في الأدب الصهيونى" عام 1967 في بيروت، و"المقاومة ومعضلاتها"، و"ثورة 36 – 39 في فلسطين، خلفيات وتفاصيل".
وفي المسرحية، أخرج غسان كنفاني ثلاث مسرحيات "الباب" عام 1964، و"جسر إلى الأبد" عام 1965، و"القبعة والنبي" عام 1967.
أمّا الروايات، فقد أخرج غسان كنفاني في طول حياته أربع روايات مختصرة كاملة "رجال في الشمس" عام 1963، و"ما تبقى لكم" عام 1966، و"أم سعد" عام 1969، و"عائد إلى حيفا" عام 1969، وكتب، ما عدا هذه الروايات الأربع، ثلاث روايات أعجلته المنية قبل أن يكملها العاشق، الأعمى والأطرش، وبرقوق نيسان، وهناك رواية تم إصدارها عام 1980 بعد استشهاده بعنوان "الشيء الآخر أو من قتل ليلى حائك".
قصصه القصيرة: صدر لغسان كنفاني خمس مجموعات قصصية وهي: "موت سرير رقم 12" عام 1961، و"أرض البرتقال الحزين" عام 1962، و"عالم ليس لنا" عام 1965، و"عن الرجال والبنادق" عام 1968، و"القميص المسروق وقصص أخرى" نشرت بعد وفاته.
وفي هذه المناسبة، أصدر الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين بياناً قال فيه: "بوسعنا أن نكمل المشوار، وأن نمهد للأجيال ما يجب علينا قبل انشراح السماء في دفتر الضوء، وولوج الليل من ثقوب فتحناها بالكد والجهد، فنحن من جيل تربى على حِجر "أم سعد" ورفض الهوان من قبل ومن بعد "رجال في الشمس" وكتب العهدة المقدسة تطريزا مبدعا في "أرض البرتقال الحزين" ولم ننس لوهلة أن الموانئ شرايين مغلقة أمام القلب، لطالما خرجنا عن "عائد إلى حيفا"، وأعدنا خلايا النحل لولادة عسل الوطن فوق "جسر إلى الأبد"، ونحن نرتب الكلام الجريح في ضمادة الأمنية لنقول "ما تبقى لنا" كل هذه البلاد ولو رجعت إلينا بذكريات يحملها فزاعة يحملون بأيديهم "القنديل الصغير" قرب نهر توعّك بالحنين، فدخل المستشفى ونام قرب "موت سرير 12" ليجعل البقاء ممكنا كلما اجتاحنا "عالم ليس لنا"، ونغني على سومطرة الكرمل وهي تهتدي إلى قلب "العاشق" وهو يحكي لنا عن "القبعة والنبي".
وجاء في بيان الاتحاد: "نحن نقرأ غسان كنفاني في كل عام نقرأ الوطن المجيد في وهج عنفوانه؛ الوطن الذي اقترب أكثر من المُخيّم تأكيداً على ثابت العودة، الوطن الذي ولد من نبرات صوته وهو يجري في فلوات الدنيا وقُحَال الضمائر لتسقى بماء الحق، الوطن الذي لم يتعب من الانتظار وغسان يغير في كل ساعة نحوه ليطرد الاحتلال الوقواقي ويعيد زغاب الطير لعشاشها، والهواء للجليل، وعلى مسرحه السهول تتورد بالسنابل والميجانا، وتجري الغيمات في السماء المطلة على القصائد لتبللها بالمسك والعود، ومن صوبه تأتي المراعي على شبابةٍ، خلف قطعان الماعز الراوي والمروي في كتاب البقاء السرمدي خارج منغصات الدخلاء".
وأكَّد الاتحاد في ختام بيانه، على أنّ "ساعة يد غسان كنفاني ما زالت تدقّ معلنة صيرورة الفعل وتدفقّ الزمن الفلسطيني الذي يشقِّق اليباس والمحل وينتصر".