عدم توفر مستشفى، أو آلات غسل كلى في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان، فرض على مرضى المخيم مزيداً من الأعباء، حيث يضطرون للذهاب الى مخيم البداوي لتقلي العلاج وغسل الكلى، في ظل ظروف صعبة، ولم تفلح كل المساعي والمناشدات حتى الآن من إيجاد حل لهذه المشكلة.
الأم فاطمة عبد العال تتحدث بحرقة عن ولدها خالد الذي يغسل الكلى منذ 23 سنة: "عندما يريد إبني خالد أن يغسل كلى في مخيم البداوي يكابد عناء في الطرقات التي قد تكون مقفلة في بعض الأحيان بسبب الأوضاع الراهنة في البلاد، وفي بعض الأيام يعود ابني مشياً على الأقدام بعد جلسة علاج تستمر لـ 4 ساعات، يخرج بعدها وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، وجع شديد لا يوصف".
لماذا علي أن أذوق عذاب الطريق مع كل جلسة علاج؟
تطالب فاطمة منظمة التحرير والفصائل ووكالة "اونروا" – حيث تصفهم بالمعنيين - بإنشاء مركز غسيل كلى بمخيم نهر البارد، وتشير إلى "أن الأوضاع سيئة والمواصلات تحتاج الكثير من المصاريف وخصوصاً بعد رفع التعرفة، ونحن نحتاج الى الألف ليرة في هذه الأثناء"، مضيفة أن للدواء حكاية أخرى من حيث المعاناة "نموت باليوم ألف مرة لتأمين حبة دواء واحدة وفي بعض الأحيان لا نجدها".
يقول نجلها المريض خالد الدوخي: إن الدواء الذي يساعده على تحمل ألم علاج غسيل الكلى غير موجود حالياً في كل لبنان، وصعوبة تأمين الدواء يفاقم من سوء الحال التي يعيشها.
كل ما يأمله خالد هو نقل جهاز غسيل واحدة من البداوي الى مخيم نهر البارد حتى يتمكن من الغسيل هو وغيره من المرضى، لافتاً إلى أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لا تتعرف على مرضى الكلى لا من قريب أولا بعيد، على حد وصفة.
يتحدث الدوخي عن تأثير فقدان المحروقات في نهر البارد وطرابلس عموماً في صعوبة إيجاده سيارة لتقله الى مركز غسيل الكلى في مخيم البداوي، متسائلاً: لماذا علي أن أذوق عذاب الطريق مع كل جلسة علاج، فقط لأن بعض القيادات والجهات لا يحركون ساكناً في توفير سيارة لنقلي إلى المركز او حتى إنشاء مركز غسيل للكلى في المخيم؟
لم يعد بمقدوري تحمل أعباء الطريق وتكاليفه والانتظار طويلاً تحت أشعة الشمس
الحاجة إنصاف عبد الرحمن حسن تكابد مشكلة الطرقات وصعوبة التنقل وسط ظروف المرض أيضاً، فهي تحتاج لـثلاث جلسات علاج كلى في الأسبوع، وتذهب إلى مستشفى صفد في مخيم البداوي بالمواصلات التي ارتفع أجرها مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية.
تقول الحاجة حسن: سائق التاكسي صار يطالبني بـ 8 آلاف ليرة لإيصالي من نهر البارد الى البداوي، وبعد انقطاع المحروقات صرت أقف في الشارع لساعات طويلة حتى أجد سيارة تاكسي تقلني إلى المشفى".
تطالب الحاجة حسن إدارة مشفى الهلال الأحمر الفلسطيني في البداوي، أن تؤمن لها وسيلة نقل من مخيم نهر البارد الى مكان غسيل الكلى في مخيم البداوي، لأنها لم تعد تتحمل عناء الطريق، قائلة" أنا امرأة كبيرة في السن ولم يعد بمقدوري تحمل أعباء الطريق وتكاليفه العالية، والانتظار طويلاً تحت أشعة الشمس الحارقة".
أخذنا قراراً بتقديم 150 ألف ليرة لبنانية شهرياً لكل مريض غسيل كلى
حول هذه الشكاوى، يقول مسؤول لجنة غسيل الكلى في مخيم نهر البارد صالح اسماعيل: "
نحن كلجنة غسيل الكلى جلسنا مع إدارة الهلال الأحمر الفلسطيني وطرحنا أفكاراً تساعد مرضى غسيل الكلى عند قطع الطرقات وهو تأمين سيارة إسعاف مخصصة فقط لنقل مرضى غسيل الكلى في المخيم".
يتساءل صالح حول عدم نقل 4 أجهزة لغسيل الكلى من أصل 7 أجهزة موجودة في مستشفى صفد بمخيم البداوي إلى مشفى الهلال الأحمر في مخيم نهر البارد؟ مشيراً إلى أن عدد مرضى غسيل الكلى في نهر البارد يصل الى 20 مريضاً بينما في البداوي يصل الى 7 أو 8 مرضى
يقول صالح: إنهم نقلوا هذا الاقتراح إلى إدارة الهلال الاحمر الفلسطيني، لكنها لم تتجاوب معه.
ويضيف: "أخذنا قراراً بتقديم 150 ألف ليرة لبنانية كل شهر لكل مريض غسيل كلى في المخيم، وهي عبارة عن مواصلات بسبب ارتفاع تعرفة آجار المواصلات إلى 8 آلاف ليرة، وهذا ما لا يستطيع تحمله أي مريض، ونحن ندرك أن المبلغ المذكور لا يقدم ولا يؤخر، ولكن حتى يشعر المريض أن هناك اشخاصاً مهتمون لهم ولأمورهم".
اللجنة تشكلت بعد أن قصرت كل الفصائل الفلسطينية تجاه مرضى الكلى
ويؤكد صالح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن لجنة غسيل الكلى تشكلت بعد أن قصرت كل من الفصائل الفلسطينية والأونروا عن خدمة مرضى الكلى في مخيم نهر البارد، قائلاً: " نعم المريض يغسل مجاناً في مستشفى الهلال في البداوي، ولكنه يعاني من ناحية مادية ونفسية في الوقت نفسه".
وأوضح صالح "أن هناك مرضى يحتاجون أربع جلسات في الأسبوع، وهذه التنقلات تدفع على حساب المريض، حوالي 500 ألف بالشهر، وهناك مشكلة قطع الطريق أمام مرضى غسيل الكلى، حاولنا إيجاد طريقة حتى لا يتعذب أي مريض، وهي إيجاد طريق بديل، ولكنه أطول في المسافة وهذا ما سيكلفه أكثر مادياً، بالإضافة للتعب الجسدي، وناهيك عن التكلفة التي تصل بين 700 الف الى المليون ونصف"، مضيفاً :"لو يتم تجهيز غرفة لغسيل الكلى في مخيم نهر البارد ستخف معاناة المرضى الى 80 %".
السياسة الصحية لا تسمح ببناء مشفى يبتعد عن مشفى آخر 20 كيلو متراً لمؤسسة واحدة
المدير العام لإدارة الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان سامر شحادة أوضح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن إمكانيات المؤسسة لا تسمح بتوفير مستشفيين في البداوي ونهر البارد لغسيل الكلى، لأن السياسة الصحية لا تسمح ببناء مستشفى يبتعد عن مشفى أخر 20 كيلو متراً لمؤسسة واحدة، مشيراً الى أن مريض غسيل الكلى عليه أن يكون قريباً من المستشفى أو داخلها بحال تعرض لأي مضاعفات وعوارض بعد عملية الغسل".
ويقول شحادة: إن مسشتفى الهلال الأحمر خصصت سيارة لنقل المرضى من مخيم نهر البارد الى البداوي أثناء قطع الطرقات، مشيراً إلى أن مريض غسيل الكلى يغسل مجاناً في المشفى، وتكلفة الجلسة الواحدة خارجاً 200$، ويغسل المريض 4 مرات في الأسبوع هذا يعني ان تكلفة كل مريض تصل بالشهر الواحد الى 2400$.