وسط نسب فقر تجاوزت 92%، وأوضاع عامّة غير مسبوقة في ترديها، حلّ عيد الأضحى المبارك لهذا العام على اللاجئين الفلسطينين في سوريا، مُتأثراً بالأوضاع الاقتصاديّة والانهيار الخدمي الشامل، والتي أخفت طقوسه بشكل واسع داخل المنازل وخارجها، بشكل دفع البعض لوصف عيد الأضحى لهذا العام بالأسوأ منذ سنوات.
أسوأ عيد يمر على المخيّمات منذ العام 2011، بحسب اللاجئ الفلسطيني من سكّان مخيّم جرمانا " أبو عمر البركي" بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، مشيراً إلى أنّ الأوضاع المعيشيّة الراهنة، لم يشهدها الأهالي طوال سني الأزمة التي خلت، من ناحية انعدام القدرة على ممارسة ما اعتاده اللاجئون خلال فترة الأعياد.
وأوضح اللاجئ، أنّ مخيّم جرمانا للاجئين الفلسطينيين على سبيل المثال، لم يخلُ من مظاهر العيد في يوم من الأيّام، كا هو الآن، مقدّراً نسبة من أعدّوا كعك العيد بـ 30% من السكّان فقط، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية اللازمة لصناعة الحلويات. فيما انخفض بشكل كبير، توزيع لحوم الأضاحي بعد بلوغ سعر الكيلوغرام الواحد لخاروف الأضحيّة أكثر من 12الف ليرة سوريّة، وهو ما لا يستطيع أيّ لاجئ تأمينه باستثناء البعض الذين لديهم أقارب مغتربين ويرسلون لهم ما يدعمهم من أموال، أو بعض الجمعيات الخيريّة التي خَفِتَ نشاطها لهذا الموسم بشكل ملحو، حسبما أضاف.
وبحسب "البركي"، فإنّ اليوم الأوّل للعيد، شهد بعض الطقوس التي لا يمكن للأهالي التخلّي عنها، وهي ثابتة ولا تتأثر بالأوضاع المعيشيّة، كزيارة مقابر الشهداء والمتوفين، كنوع من الوفاء لشهداء فلسطين، وتذكر اللاجئين لذويهم تحت التراب، ووضع أكاليل الزهور وسقاية التربة. فيما نُصبت بعض الالعاب في الشارع الرئيسي.
وفي مخيّم خان الشيح بريف دمشق، عمد البعض على خلق بعض المظاهر، التي بدت خجولة، وسط ضعف قدرة اللاجئين على دعم أطفالهم لنيل بعض البهجة والمرح التي اعتادوا على الحصول عليها خلال الأعياد.
"أبو مصطفى" لاجئ فلسطيني من أبناء مخيّم خان الشيح، يقول لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ أبسط مظاهر اللهو خلال العيد، باتت مكلفة بالنسبة لربّ أسرة لديه 3 أطفال، فالالعاب التي اعتاد الأطفال على شرائها خلال العيد ارتفعت أسعارها بشكل يفوق قيمة "العيدية" التي يمنحها الأهالي لأبناهم. موضحاً أنّ تعرفة الركوب بالالعاب تتجاوز الفي في حال أراد الطفل قضاء يومه في الساحة، بينما سعر أبسط لعبة في المحلات لا تقل عن الف ليرة.
وقوف على أطلال مخيّم اليرموك
أمّا اللاجئ ابن مخيّم اليرموك " أبو ايهاب" فقال لموقعنا، أنّ العيد بالنسبة له بات فرصة ليزور المخيّم المنكوب، لانّ اليوم الأوّل يعتبر فرصة للدخول وزيارة المقبرة دون عوائق أو خوف، حسب تعبيره، نظراً لكونه يوماً بات شبه رسميّ، حيث تتداعى الفصائل الفلسطينية لإقامة فعاليات زيارة مقبرة الشهداء ووضع أكاليل الزهور.
وأشار "أبو إيهاب" أنّ العيد بالنسبة لأبناء المخيّم المهجّرين، بات مناسبة للألم، واستدعاء الذكريات والوقوف على الأطلال، حيث كان المخيّم سابقاً ساحة تعجّ بالحيوية والبهجة، ومقصداً لكل الناس لقضاء عيد سعيد، بينما اليوم يختزل العيد فيه بزيارة المقابر فقط، وسط الركام والدمار.
ووفّر حلول العيد، فرصة لأهالي مخيّم اليرموك لاستذكار حال مخيّمهم قبل سنوات خلت، حيث عجّت وسائل التواصل الاجتماعي بالمنشورات التي استدعت ساحات العيد بحيويتها السابقة، عبر صور والكثير من الحسرات.