عندما يتحوّل الهاتف المحمول إلى مصدر إنارةٍ في غرفة طوارئ مستشفى، فهذا مؤشر أن المأساة وصلت إلى ذروتها!
في الصورة أعلاه طفل تعرض لحادث، ومن حسن حظه في هذه الظروف أن والده تمكن مسبقاً من شحن هاتفه الجوال، الذي صار وسيلة الإنارة الوحيدة في مستشفى حيفا بمخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين أثناء إسعاف الطفل وتقديم العلاج له.
هذه الحادثة لم تحصل في أجواء حرب بل في أزمة طاحنة أصبح الهمّ الأول والأساسي للاجئ الفلسطيني كنظيره اللبناني فيها كيف يحصل على الكهرباء، فأزمة انقطاع المازوت تتفاقم يومًا بعد آخر، وبدأت تطال جميع مناحي الحياة، وكلّ المؤسسات تعاني من غياب الكهرباء، لكنّ الأمر الآن وصل إلى صحّة أكثر من 45 ألف لاجئٍ فلسطيني يقطن في مخيّم برج البراجنة.
مولدة المشفى غير قادرة على التغذية لساعات طويلة بسبب التعدي عليها من قبل بعض الأهالي
منذ أيّامٍ بدأت إدارة مستشفى حيفا خطّة تقنين الكهرباء، في ظل التقنين الشديد الذي تقوم به كهرباء الدولة ومولّدات الاشتراك، وفي حديث لـ بوّابة اللاجئين الفلسطينيين يقول مدير مستشفى حيفا الدكتور خليل مهاوش: إن خطة لتشغيل مولّدات المستشفى وضعت، بحيث يتم تشغيل المولدات فقط من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة ليلًا وبهذه الفترة يتمّ إجراء العمليات الطارئة أمًا العمليات الصعبة والتي تأخذ وقتًا طويلاً تمّ تأجيلها خوفًا من انقطاع التيار الكهربائي.
وأوضح مهاوش أنّ الطاقة الكهربائية للمستشفى تتغذى من ثلاثة مصادر الأول كهرباء حيفا وهي الجهة الرسمية التابعة للدولة، والمصدر الثاني مولّد الدعبول وساعات التشغيل من الثامنة مساءً الى الثامنة صباحًا، أمّا المصدر الثالث فهو مولّدة المستشفى، لكن هذه المولّدة ليس لديها قدرة على العمل طوال اليوم وذلك بسبب التعدّيات الحاصلة عليها من قبل أهالي المخيم.
عمل الطاقم الطبي محفوف بالمخاطر بسبب الانقطاع المفاجئ للكهرباء
وأضاف: "خلصت إدارتنا إلى تشغيل المولّدة في الفترة الصباحية حتى الثانية عشر ظهرًا وبهذه الفترة تتم العمليات الطارئة، أمّا العمليات الصعبة والتي تأخذ وقتاً طويلاً وتحتاج إلى معدّات وناضور وإنارة يتمّ تأجيلها إلى وقت لاحق، وفي حال أتت إلى المستشفى حالة طارئة خارج هذا الوقت يتم تشغيل المولّدة، لكن ما تسعى إليه الادارة هو المحافظة على المازوت قدر الإمكان لاستخدامه عند الحاجة الملحّة، ورغم هذا يبقى عمل الطاقم الطبي محفوفاً بالمخاطر بسبب الانقطاع المفاجئ للكهرباء، وقد حصل هذا الأمر اليوم أثناء إجراء عملية، فقد سخنت المولّدة وتوقّف تعن العمل والسبب كما ذكرنا سابقًا تعديّات أهالي المخيم عليها.
وأكّد مهاوش أن إدارة الهلال الأحمر الفلسطيني أصدرت قرارًا بالاستمرار في تقديم الخدمات إلى آخر نفس، وتجري اتصالاتهامع الصليب الأحمر اللبناني لتزويدهم بالمازوت، وقد سبق وقدم الصليب الاحمر منذ نحو شهرين 4 آلاف لتر من المازوت، لكنّ المشكلة الحقيقية التي تعاني منها المستشفى سابقًا والآن اشتدت أكثر هي أولًا تعدّي الناس على مولّدة المستشفى، فالمولّدة حسب إمكانياتها والخطّة الموضوعة تستطيع العمل وتقديم خدمات بشكل أفضل للمرضى، والأزمة الثانية هي طريقة عمل كهرباء الدولة، فعلبة كهرباء حيفا مقسّمة إلى حي شرقي وحيّ غربي، وأشار مهاوش إلى أن إدارة المستشفى طالبت اللجنة الشعبية منذ بداية العمل في هذه الآلية إلى استثنائهم منهاوتزويدهم بالكهرباء دائمًا، لكنّ اللجنة رفضت، والآن بعدما أصبح الوضع صعبًا جدًا عادت وكررت الطلب من اللجنة الشعبية وهي بانتظار استجابتها لهذا النداء.
يقول الكتور خليل: إن شريان الحياة الأساسي لأهالي المخيمات الفلسطينية في بيروت هي مستشفى حيفا التي تعمل منذ أكثر من خمسين عامًا، ومتى قطع هذا الشريان انقطع النفس عن شعبنا الفلسطيني، وعليه يطالب الشعب الفلسطيني بمساعدتهم والتزامهم بالقانون لتخطّي هذه المرحلة الحسّاسة والصعبة التي تعصف بلبنان وبالمخيمات الفلسطينية.
عمليات العلاج وتغيير ضمادات الحروق يتم تأجيلها الى ساعات الليل لضمان وجود كهرباء
ليست مستشفى حيفا المؤسسة الصحية الوحيدة في المخيم التي تعاني جرّاء انقطاع الكهرباء، فعند وصول فريق بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى عيادة علاج الحروق التابعة للدفاع المدني الفلسطيني، وجد أيضًا شابًا يجلس على سرير المرض ويتلقى العلاج على ضوء هاتف زميله!
وأشار مسؤول وحدة الإسعاف عمران حمادة إلى أن أزمة المازوت أثّرت بشكل كبير على عملهم، فبعض عمليات العلاج وتغيير ضمادات الحروق يتم تأجيلها الى ساعات الليل لضمان وجود كهرباء، كما أنه لا يمكن معالجة مريض بدون تعقيم المواد بالفرن الكهربائي، وأضاف "هناك بعض الحالات الطارئة التي تلجأ إلينا تحتاج إلى علاج فوريّ فيتمّ تشغيل المولّدة الخاصة بالمركز، لكن المولّدة صغيرة الحجم، ولا يمكن تخزين مادة المازوت في مركز الدفاع لعدم وجود مكان آمن لذلك فأي خطأ يسبب انفجاراً.
أمّا على صعيد عملهم في إطفاء الحرائق قال حمادة: "إنهم يواجهون صعوبة في تعبئة السيارة بمادة البنزين، فانتظارهم لوقت طويل على محطات الوقود يؤخّر عملهم، كذلك بعض الأحيان تغلق المحطات المحيطة بالمخيّم.
وطالب حمادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والفصائل الفلسطينية بالسعي لتزويدهم بمادة المازوت لتسهيل عملهم واستمرارهم في تقديم خدماتهم المجانية لأهالي المخيم.