تحت عنوان "سلام من أهل المخيم إلى القدس"، نظّمت جمعية الكمنجاتي وبيت أطفال الصمود حفلًا غنائياً وموسيقياً في مسرح إشبيليا بمدينة صيدا.
وعبر الأغاني التراثية والشعبية الفلسطينية عبّر خمسةٌ وستون شاباً وشابة من مخيّمي شاتيلا وبرج البراجنة عن حبّهم لوطنهم فلسطين وارتباطهم الوثيق بها بالرغم من تهجيرهم القسري عنها.
الفن الذي تقدمه الفرقة شكل من أشكال المقاومة
تقول منسّقة جمعية الكمنجاتي بلبنان نور أبو ريا: إنّ عنوان الحفل الغنائي هذا العام هدفه إيصال رسالة للعالم وهي: "لن تستطيع أي قوة أن تثنينا عن حبنا وارتباطنا الإنساني والروحي بفلسطين وستبقى القدس عاصمتنا الأبدية رغم محاولات التهويد والتطبيع لطمس الهوية".
أبو ريا المنحدرة من قرية كوكبة بفلسطين وتعيش في مخيم برج البراجنة تضيف لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: أنّ الفن الذي تقدّمه الفرقة هو طريقة من طرق مقاومة الاحتلال الصهيوني، فالموسيقى بحسب تعبيرها لا تعرف حدوداً أو لغة، وتدخل أيّ مكان بدون استئذان، موضحةً أنّ هذا العام بالتحديد قاومت الفرقة من خلال حفلاتها الاحتلال والأزمات والصعوبات المعيشية التي تواجه الشعب الفلسطيني يومياً داخل المخيمات في لبنان.
تؤكد أبو ريا أن فرقة الكمنجاتي بعد عمل دؤوب استمرّ على مدار ثلاثة عشر عاماً، استطاعت أن تغيّر الصورة النمطيّة السلبيّة التي صوّرها الإعلام عن المخيمات بأنها مصدر للفوضى وبؤرة أمنيّة للخارجين عن القانون، واستبدلتها بأخرى جميلة هادفة ذات طموح عالي، مشيرة إلى أن أنّ المخيمات الفلسطينية في لبنان مليئةً بالمواهب والإبداعات وهي بحاجة فقط لمن يكتشفها ويدعمها، وهو ما فعلته الفرقة حين نقلت برامجها إلى لبنان عام 2008، حيثُ قدّمت للطلاب بعض الآلات الموسيقية، وخصصت لهم مدربين لتعليمهم الموسيقى وكيفيةاستخدامها.
الدعم المحدود للفرقة لا يمكنها من توسيع نشاطها إلى باقي المخيمات في لبنان
لكنّ الدّعم المحدود للفرقة لم يمكّنهم من توسيع دائرة نشاطهم، واقتصر فقط على مخيميّ شاتيلا وبرج البراجنة، لذا دعت أبو ريا الجهات المسؤولة عن الشعب الفلسطيني لا سيّما سفارة السلطة الفلسطينية ووكالة "أونروا" إلى دعم هذا المشروع الثقافي الفني ليتطوّر أكثر ويشمل عدد مبدعين فلسطينيين أكبر.
وتتلقى الفرقة دعماً مادياً من بعض المؤسسات الفلسطينية كما تعتمد على عائدات حفلاتها في تغطية مصاريقها، فريع الأمسية الأخيرة مثلاً سيعود لصندوق الطلبة، لتغطية تكاليف تصليح الآلات الموسيقية وتأمين ثمن المواصلات وغيرها من المستلزمات التي يحتاجها المتدربون، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمرّ به لبنان جرّاءانهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، بحسب أبو ريّا.
وتعمل "الكمنجاتي" على إحياء التراث الوطني الفلسطيني والمحافظة عليه من جيل إلى جيل، ونشره لدى الجماهير العربية الأخرى، عبر برنامجها لتعليم الموسيقى للأطفال الفلسطينيين، وتشجيعهم على اكتشاف إمكاناتهم الإبداعية ودعم فرص الاحتراف والتعليم العالي بغيةالوصول إلى العالمية.
و الكمنجاتي في مخيم شاتيلا امتداد لمؤسسة الكمنجاتي التي تأسست في فلسطين عام ،200 بمبادرة الموسيقي الفلسطيني رمزي أبو رضوان، بهدف إتاحة التربية الموسيقية للأطفال والشباب الفلسطينيين أينما وجدوا، والمساهمة في تعزيز الثقافة الموسيقية في فلسطين.
وتعمل الكمنجاتي على تأسيس مدارس ومراكز الموسيقى للأطفال والشباب الفلسطيني في غالبية القرى، والمخيمات، والمدن الفلسطينية، حيث تقدم فرص تعلم الموسيقى من خلال منهاج أكاديمي، ومن خلال التعرف على التراث الموسيقي الفلسطيني والعربي، إضافة إلى الثقافات الموسيقية العالمية.
المخيمات بحاجة إلى مثل هذه الأنشطة
"صوتُ الحقّ الفلسطيني وصل إلى العالم عبر غنائنا ضمن فرقة كمنجاتي"، بهذه العبارة وصفت أميرة مسلماني مشاركتها بالحفل، أميرة التي تبلغ من العمر 13 عاماً، تقول: إنّ الحفل نجح في تقديم الصوت الفلسطيني المقاوم بعد أسبوعٍ كامل من التدريبات والتحضيرات،وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نقل حفلهم بشكلٍ أوسع، وأشارت إلى أنّ ممارستها لهواية الموسيقى لا سيّما التراثية تخدم القضية الفلسطينية، وتمنّت أن تشارك فرقتها بعروض عالمية.
وبدت والدة أميرة متشجعة جداً لمشاركة ابنتها لأنها ترى في العروض التراثية والأغاني الفلسطينية ترسيخاً لحبّ الوطن داخل قلوب الكبار والصغار، وتشير إلى أنّ المخيمات بحاجة إلى مثل هذه الأنشطة والمناسبات التي تزرع في نفوس وعقول الأجيال الانتماء إلى الوطن والسعي والمقاومة حتى العودة.
كالجسد الواحد، يعمل أعضاء الفرقة لإيصال صوتهم إلى العالم، فجميع الطلاب أثنوا على الحفل، هكذا قالت حياة أبو اللبن التي كبرت مع الفرقة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
انضمت حياة إلى الفرقة قبل سبع سنوات وكانت حينها في السادسة من عمرها، حيث شاركت في تقديم عروض تراثية، ثم تطوّر أداؤها وبدأت تعزف والآن هي تغنّي، وتحلم بأن تصبح مدرّبة تنشئ أجيالاً تحبّ الموسيقى وتدرك أهميتها.
تقول حياة: إنّ صوتها وصوت زملائها ينقل صورةً جميلةً للعالم بأنّ الشباب الفلسطيني رغم الظروف المعيشية المأساوية يحبّ الحياة ويسعى للعيش بسعادةٍ كغيره.