أطلق ناشطون فلسطينيون في عدّة مخيّمات للاجئين الفلسطينيين في سوريا، حملة مطلبيّة تجاه وكالة "أونروا"، تدعوها لجعل المعونة سواء الماليّة الدوريّة التي تقدمها الوكالة كل 3 أشهر، أو العينية، إلى معونة شهريّة، تجاوباً مع زيادة تكاليف الحياة بالنسبة للاجئ الفلسطيني على ضوء التدهور الخدمي والمعيشي في البلاد.
ودعا الناشطون إلى حملة تغريد مطلبيّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت "هاشتاغ" #بدي_حقي_من_الأونروا، وذلك لكونها المسؤول الأوّل عن إغاثة اللاجئين الفلسطينيين في ظروف الانهيار المعيشي الحاد والمزمن الذي تشهده البلاد، وخصوصاً مع قرب موسم الشتاء والمدارس الذي يرتّب الكثير من التكاليف لزوم التدفئة والمستلزمات.
وحول أهميّة المطلب، قال اللاجئ الفلسطيني " ناصر بلاوني" من أبناء مخيّم سبينة في ريف دمشق لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ تحويل المعونة إلى شهريّة، بقيمة تغطّي الحد الأدنى من تكاليف العيش، بات ضرورة قصوى للاجئين الفلسطينيين.
الأهالي باتوا يضطرون لدفع مبالغ مالية كبيرة لقاء أمور كانت في السابق شبه مجانية
وأوضح بلاوني، أنّ تكاليف العيش صارت مرتفعة جدّاً، بسبب اضطرار الأهالي لدفع مبالغ إضافيّة لقاء أمور كانت سابقاً توفرها الدولة بأسعار زهيدة، على رأسها المياه والمواصلات والخبز، إضافة إلى مازوت التدفئة شتاءً. مضيفاً أنّ تكلفة شراء المياه باتت تتجاوز عتبة 10 آلاف ليرة شهريّاً، بسبب انقطاع المياه، والاضطرار لشرائها عبر الصهاريج، إلى جانب الخبز والمحروقات.
وتعاني مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من أزمة مياه خانقة، وخصوصاً مخيّمات ريف دمشق، ويبلغ سعر تعبئة 5 براميل مياه 3500 ليرة سوريّة، إضافة إلى مياه الشرب التي يبلغ سعر الجالون الواحد سعة 20 لتر 500 ليرة، لا يكفي ليوم واحد، بحسب اللاجئ بلاوني، وهو ما يكبّد العائلة تكاليف لم تكن سابقاً في الحسبان.
إلى جانب المياه، أثّر قرار تقنين مادة الخبز المدعوم في سوريا، وحصر الحصّة اليومية للعائلة برغيفين ونصف الرغيف للفرد يومياً، إلى توجّه الأهالي لسد احتياجاتهم من المادّة الأساسية، من السوق بأسعار مرتفعة، حيث يبلغ سعر الربطة من الأفران الخاصّة 500 إلى 600 ليرة سوريّة.
وفيما يخص تكاليف المحروقات، وخصوصاً مازوت التدفئة خلال موسم الشتاء، خصصت الحكومة السوريّة كميّات ضئيلة لهذا الموسم، حددت بـ 50 لتراً لكل عائلة بالسعر المدعّم، وهي كميّة لا تكفي لسد احتياجات التدفئة لأسبوع، حسبما يؤكّد ناشطون، ما يستدعي التوجّه إلى السوق السوداء لسد العجز، وسط غياب البدائل في ظل شحّ التغذية الكهربائيّة بشكل كبير.
موسم مدارس يكلّف أكثر من الحد الأدنى للأجور
وعلى أعتاب موسم المدارس، يتهيّاً اللاجئون الفلسطينيون في سوريا إلى "نكبة معيشيّة" جديدة، بحسب "أبو اسماعيل" من سكّان مخيّم جرمانا، بعد بلوغ سعر الحقيبة المدرسيّة 17 ألف ليرة سوريّة، عدا عن تكاليف القرطاسيّة والملابس، وسواها من مستلزمات، قد تكلّف عائلة لديها 3 تلاميذ، أكثر من 80 ألف ليرة سوريّة، وهو ما يعادل الحد الأدنى للاجور.
وحول مطلب تحويل المعونة إلى شهريّة، أفاد "أبو اسماعيل" لموقعنا، أنّه لا بد لوكالة "أونروا" أن تنظر إلى هذا المطلب بعين الاعتبار، أو تقدّم معونة شتاء وافيّة تغطي تكاليف المدارس والمازوت كحدّ أدنى، مشيراً إلى أنّ الأهالي سيصلون إلى حدّ لن يكونوا قادرين على الاستمرار في الحياة الطبيعية، وسيسحبون أطفالهم من المدارس، ويتخلون عن كل شيء غير الطعام والشراب، الذي بالكاد يجري تأمين الكفاف منه.
يأتي ذلك، في حين لا يتجاوز الحدّ الأدنى للأجور في سوريا عتبة 22 دولاراً أمريكياً في الشهر، وهو ما لا يغطي المعيار الدولي للفقر المطلق، والمحدد بـ 1.9 دولار يومياً للفرد، بحسب معايير صندوق النقد الدولي، الموضوعة سنة 2016، حسبما أظهر تقرير سابق نشره " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
وكانت "أونروا" قد بيّنت في آخر تقرير نداء طارئ صادر عن وكالة "أونروا" مطلع 2021 الجاري، أنّ نحو 91% من اللاجئين الفلسطينيين من أصل 438 ألف لاجئ، يعيشون في فقر مطلق، في حين وزّعت الوكالة في آخر دور مساعدات في تموز/ يوليو الفائت، تغطي 4 أشهر، لفئتين من المستفيدين، وهي الأكثر عوزاً وحددتها بمبلغ 140 الف ليرة للفرد، ستحصل هذه الفئة على مبلغ 140 الف ليرة سوريّة للشخص الواحد. أي أقل من 40 دولار لأربعة أشهر، و90 الف ليرة للفرد للحالات العادية أي أقل من 30 دولار لنفس المدّة.