المخيمات الفلسطينية في قلب الانهيار اللبناني..

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان: قد نلجأ للحطب بعد انقطاع الغاز 

الأربعاء 18 اغسطس 2021

يبدو أن أزمة فقدان المواد الأولية والأساسية التي يشهدها لبنان، وتتوالى واحدة تلو الأخرى، ستجبر سكانيه على اللجوء إلى بدائل تقليدية "أكل الدهر عليها وشرب".

فما إن حذر رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون من انقطاع عبوات الغاز المنزلي خلال أسبوع، إذا لم يدفع المصرف المركزي الاعتمادات اللازمة للمستوردين، حتى شهدت شركات تعبئة الغاز طوابير طويلة مؤلفة من الناس بينهم لاجئون فلسطينيون لتعبئة قوارير الغاز المنزلي قبل فقداته بشكل كلي.

التحذيرات هذه أدخلت قارورة الغاز في مزاد علني خاضع لتسعيرة السوق السوداء، إذ يبلغ سعر القارورة المنزلية حالياً داخل الشركات الموزعة نحو 60 ألف ليرة (أي 40 دولاراً بحسب السعر الرسمي وثلاثة دولارات ونصف الدولار حسب سعر السوق)، لكنه من المرجح أن تصل تسعيرتها إلى 100 ألف ليرة في السوق السوداء.

توفير غاز الطبخ يتطلب جهداً

تروي ابنة مخيم برج الشمالي اللاجئة الفلسطينية زهراء رحيل كيف شاهدت جارها بأم عينها وهو يحمل طنجرة الطعام ذاهباً بها إلى حماته لتتمكن من طهيها في منزلها، بعد أن فرغت قارورة الغاز لديه، وبحث عن واحدة بديلة في مدينة صور منذ أسبوع وحتى اللحظة لا يزال عاجزاً عن تأمينها.

تقول رحيل لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "أزمة الغاز صعبة جداً فنحن نتحدث عن عنصر أساسي ومن الضروري وجوده في كل منزل، حيث لا يمكننا الطهي أو تحضير أي شيء من دون وجود غاز".

وتصف الوضع القائم في لبنان بأنه لا يحتمل، "فقد تعدينا أزمة انقطاع الكهرباء وفقدان المازوت، لكننا نريد أن نأكل والناس صارت تموت من الجوع".

ليس جار زهراء وحده من يبحث عن قارورة غاز منذ أيام، بل هي وزوجها أيضاً مجبران على قصد عائلاتهما لتناول الطعام منذ أسبوع كونهما عجزا عن تأمين الغاز لمنزلهم.

وتعتبر رحيل "أننا حالياً لا نعود 10 سنوات إلى الوراء بل مئة عام من جراء الأزمات المتتالية التي نشهدها في لبنان، اليوم نحن مهددون بفقدان لقمة الأكل، وهي بالأصل باتت مكلفة بعد غلاء أسعار السلع، لتأتي أزمة الغاز وتساهم أكثر بفقدان الطعام".

الاجتياح أخف وطأة!!

"خلال الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982 لم نشهد مثل هذه الأحداث ولم نجوع مثل اليوم"، بهذه الكلمات تستذكر اللاجئة الفلسطينية نعمة حجازي ما عاشته خلال اجتياح الاحتلال معتبرة إياه أخف وطأة على اللاجئين الفلسطينيين مما يعيشونه حالياً.

في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تقول ابنة مخيم عين الحلوة نعمة حجازي: "الناس لم تعد قادرة على التحمل أكثر من ذلك، فاللاجئ الفلسطيني انعكست عليه الأزمة بشكل كبير، أتوقع أن نعود إلى العصر الحجري، فأنا أنام يومياً على ضوء قنديل الكاز حيث لا كهرباء ولا اشتراك بمولدة وحالياً لا يوجد غاز".

وتشير حجازي إلى أن "قارورة الغاز إن وجدت في مخيم عين الحلوة فهي تباع بسعر 75 ألف ليرة لبنانية أقلها، وليس كل الناس بوسعهم شراؤها بهذا السعر".

وتؤكد أن "الغاز ضروري في المنزل من ناحية الاستهلاك، فنحتاج لطهي الطعام لنا ولأولادنا وفي ظل غيابه ماذا سنفعل ؟ نستعمل الحطب؟ كيف يمكننا أن نستخدمه ونحن نعيش في بيوت ضيقة خالية من المساحات الواسعة؟".

من ناحيتها تقول أم جهاد موسى: "بالتأكيد سنترحم على أيام أهالينا، وسنعود لاستخدام الحطب وموقدة النار كما كانوا أمهاتنا في قديم الزمان".

وتضيف موسى اللاجئة في مخيم برج البراجنة: "كل عائلة تحتاج تقريباً في الشهر إلى عبوتي غاز هذا إن توفر في الشركات. فالغاز مهم جداً لأن كل ما تحضره ربة المنزل يعتمد عليه، ولا يمكننا الطهي بكميات تكفي يومين بسبب انقطاع الكهرباء بشكل دائم، مما نضطر لتجنب طهي الطعام بكثرة لعدم إفساده. ناهيك عن ضرورة تسخين الطعام وهو ما لا يمكن حالياً في ظل غياب الغاز".

وتعتبر أم جهاد أن "الأزمة بشكل عام أثرت على جميع الناس لا سيما اللاجئين الفلسطينيين نفسياً ومعنوياً ومادياً فلا كهرباء ولا مياه ولا طعام ولا أمان، وجميع الأمور باتت مفقودة في السوق بالتالي سنلجأ إلى جميع الأشياء القديمة كالخبز في المنزل والطهي على الحطب والجلوس على بابور الكاز".

النرجيلة تتأثر بفقدان الغاز!

يقول الشاب الفلسطيني جهاد موسى له مشكلة أخرى مع انقطاع الغاز، فهذا يحرمه من تدخين النرجيلة!

يقول موسى لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "نحن الشباب نشرب النرجيلة أكثر من 6 مرات يومياً، بالتالي نلجأ لإشعال الفحم على الغاز، وكل مرة نحتاج لـ 5 دقائق تقريباً لنحضر الفحم، ما يعني أننا نستخدم الغاز أكثر من نصف ساعة تقريباً في اليوم فقط لشرب النرجيلة. ناهيك عن استخدامه في تحضير المشروبات الساخنة بخاصة في فترة الصباح".

ويضيف موسى: "حالياً وفي خضم انقطاع مادة الغاز أصبحنا نقتصد في إشعال الفحم، إذ نضعه على النار بضعة دقائق بعدها نعرض قطع الفحم في الهواء الطلق لتشتعل".

ويرى أن "أول الأزمة بدأ يرتفع سعر قارورة الغاز في شركات التوزيع ليصل إلى 69 ألف ليرة لبنانية، ليتم بعدها الإعلان عن فقدانها وارتفاع أسعارها إن وجدت في السوق السوداء بأرقام خيالية".

ويتابع: "حتى نستطيع تأمين قاروة غاز نضطر للانتظار ساعات طويلة في طوابير بشرية لتأمين قنينة واحدة تكاد تكفي أسبوعين أو أكثر قليلاً. ناهيك عن القوارير التي يحدث فيها ثقب إذ يضطر أصحابها لتلحيمها وعدم اللجوء لشراء واحدة جديدة كونها غالية الثمن، وقد يصل ثمنها إلى أكثر من مليون ليرة ثمنها".  

احتكار لرفع الأسعار

موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" حاور اللاجئ الفلسطيني مروان عبد الحليم، وهو وكيل توزيع قوارير الغاز من شركة الموصلي في الجنوب، حول أسباب إغلاق شركات الغاز في جميع مراكزها في لبنان وفقدان قوارير المازوت بشكل كبير .

يقول عبد الحليم: "كتجار غاز أو وكلاء نحن نكون تحت رحمة صاحب شركة التوزيع، يعني إذا ذهبنا حالياً إلى الشركات نجد صهاريج ضخمة مليئة بالغاز. لكن المسألة تقع في التخوف لدى أصحاب الشركات من رفع الدعم عن الغاز ووضعه على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد. بالتالي إلى حين صدور القرار يعطوننا قوارير بعدد قليل أي 20 قارورة مثلاً وانا لدي حوالى 500 زبون، لمن سأسلم منهم. مما انعكس ذلك بغياب الغاز وارتفاع ثمنه بشكل جنوني إن وجد".

ويشير إلى أن "هذه ليست أول أزمة تطرأ على الغاز، فمنذ 7 سنوات إلى يومنا هذا كل فترة عندما تقرر الدولة رفع سعر الغاز تتراكض الناس إلى شركات التوزيع لشرائه قبل أن يرتفع سعره ثم يبيعونها للمحتاج للمحتاج بأسعار خيالية".

8-1.jpg

ويوضح أن "قنينة الغاز ثمنها من الشركة على سعر صرف 1500 يساوي نحو 60 ألف ليرة لبنانية. كما أن ثمن النقل ازداد بسبب انقطاع البنزين بالتالي كانت الشاحنة تنقل لي قوارير الغاز إلى بيروت بـ 30 الف ليرة، حالياً بات ثمن النقل 150 الف، ما انعكس على سعر القارورة لتصبح بـ 80 ألف ليرة لبنانية".  

"أما عن السوق السوداء، يرتفع السعر عندما يكون هناك شخص يحتكر عددا ً من القوارير وينتظر بيعهم بأسعار خيالية، مثلاً سمعت أن أشخاصاً اشتروا قارورة غاز بـ 150 ألف ليرة لبنانية أي ضعف ثمنها".

ويرى عبد الحليم أن "حلحلة الأزمة يكمن في توجه الدولة لفتح الشركات بالقوة، وهي مليئة بصهاريج الغاز خاصة أن أصحاب الشركات اشتروا القوارير على سعر 1500 ليرة لبنانية، بالتالي أي سعر يبيعه لاحقاً يبقى ربحه مضاعفاً".

تجدر الإشارة إلى أن الحد الأدنى للأجور في لبنان يساوي 675 ألف ليرة، أي ما يعادل 450 دولاراً قبل الأزمة الاقتصادية، و30 دولاراً اليوم بحسب سعر الصرف في السوق السوداء.

ويحصل غالبية ساكني لبنان لا سيما اللاجئين الفلسطينيين على أجورهم بالعملة المحلية، هذا إن حالفهم الحظ وحظوا بفرصة عمل في ظل البطالة المتفشية في البلاد. ما يعني أن ثمن قارورة الغاز في السوق السوداء يعادل ثلث الراتب الشهري، فهل ما تبقى يكفي لتأمين قوت يومهم؟.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد