بعد الانتهاء من إعلان نتائج الثانوية العامة في المملكة الأردنية، دأب الطالب سامر عزام بالبحث عن المنح الجامعية والفرص المتاحة لأبناء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، للتخفيف من تكاليف الدراسة الجامعية المرتفعة، والتي لا تتناسب مع ظروفه المادية والمعيشية، فوالده عامل مياومة ويتقاضى أجرًا بالكاد يكفيهم لتلبية حاجاتهم الأساسية.
سامر الذي يقطن في مخيم حطين، شمالي الأردن، وحصد معدل 90.9%، ويطمح إلى دراسة الطب منذ كان طفلًا حتى يساعد أبناء مخيمه، لن يستطيع تحقيق هذه الرغبة بسبب ارتفاع الرسوم الجامعية لهذا التخصص ومحدودية الفرص التي تمنح لأبناء المخيمات.
نتعب على أولادنا ليحصّلوا معدلاً عالياً فنصطدم بواقع عجزنا عن تعليمهم الجامعي
تقول والدته لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن معاناة أبناء اللاجئين مضاعفة، فالطالب يظلم كثيرًا بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المخيمات، نحاول بقدر المستطاع تهيئة الظروف لأولادنا حتى يستطيعوا حصد النتائج المرتفعة، وما أن يتحقق هذا حتى نصطدم بعجزنا عن تعليمهم الجامعي.
تخشى والدة الطالب المتفوق سامر ألا يتمكن ابنها من تحقيق حلمه بدراسة الطب، وألا يكون من الأسماء المدرجة في "المكرمة الملكية السامية لأبناء المخيمات". علمًا بأن هذه المكرمة توفر للطالب فقط مقعدًا دراسيًا في إحدى الجامعات الحكومية، دون تغطية الرسوم الجامعية. كما أنها تفرض التخصص على الطالب المستفيد.
"لاختيار الطالب المستفيد من المكرمة والمنح، يفترض أن تتم دراسة الوضع المعيشي الخاص الذي يعيشه ابن المخيم ومراعاة ظروفه، فالطالب الناجح تحدى نفسه وبذل أقصى جهده حتى يحصد هذا النجاح"، بحسب قولها.
ذات الأمر طالبت به والدة طالب لم يحصل على معدل مرتفع، وهو أن تشمل المكرمة والمنح الأخرى كافة أبناء المخيمات الناجحين في الثانوية دون أن تقتصر على المتفوقين، داعية لأن يكون التعليم الجامعي مجانياً للاجئين الفلسطينيين، وأن تتضمن المنح أبناء المخيمات من داخلها وخارجها.
قالت الأم خلود الراشد التي تقطن مخيم جرش: "ما عندي مشكلة ابني يكون عامل، الشغل مش عيب بس المهم يكون حامل شهادة جامعة".
تقدمت الطالبة هديل حسن الحاصلة على معدل 95%، العام الماضي، إلى مكرمة المخيمات، وفرزت لها المكرمة تخصص علوم طبية مختبرات، مما جعلها تقرر إعادة الثانوية العامة من جديد حتى تحصد معدلاً أعلى، وحصلت على 96.85 ، على أمل أن تحقق حلمها في دراسة الطب.
والدتها استدانت رسوم القسط الأول ، فظروفها المعيشية متردية جدًا، إضافة إلى أنها تسكن في بيت أجار وبالكاد تستطيع دفع تكاليفه، قالت:" يجب أن تكون هناك منح جزئية بجانب المكرمة ،حتى يستطيعوا الأهالي تعليم أبنائهم، معربة عن استيائها من شح الفرص وارتفاع التكاليف الجامعية مقارنة بأوضاعها".
في حال لم تحصل هديل التي تقطن في مخيم حطين، على تخصص الطب، ستعيد دراسة الثانوية العامة العام القادم، لتحظى بمعدل أعلى من أجل تحقيق حلمها، حيث أنها درست العام الأول من الجامعة تخصصًا مجبرة عليه.
نظامان من المنح الدراسية للفلسطينيين في الأردن
الناشط السياسي والاجتماعي محمد البهبهاني أوضح أن قبول الفلسطينيين في الجامعات الأردنية كان- حتى نهاية عام 2000- متاحًا لمن يحمل الرقم الوطني ولمن لا يحمله، بعد ذلك تغيرت الآلية، وبات يتم تطبيق نظام آخر ينص على أن الفلسطيني الذي لا يحمل رقماً وطنياً يُعامَل معاملة الوافد، ما تسبب بزيادة معاناتهم. يكمل "في العام 2005، أصدر رئيس الوزراء فيصل الفايز قرارًا بأن يُعامَل أبناء قطاع غزة معاملة الأردني، في جميع مناحي الحياة المدنية (وليس السياسية)، لكن لم يطبق القرار بالشكل المطلوب، وكان رهنًا لأهواء الجهات المسؤولة.
البهبهاني، وهو من لاجئي غزة بالأردن، تحدث عن نظامين من المنح للدراسة داخل الأردن، "الأول: عن طريق السفارة الفلسطينية بعمان، لا تتجاوز فيها نسبة المستفيدين 5%، وهذه المنحة متاحة لأبناء الضفة الغربية ما يزيد المنافسة ويضعف فرص القبول". النظام الثاني "هو المكرمة الملكية، وتضم 350 مقعدًا لأبناء المخيمات. وهنا يُشترط أن يكون المتقدم من أبناء المخيم وقاطناً به، ودرس 6 سنوات على الأقل في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
هذه الشروط وغيرها تحدّ وتعقد قبول الطلبة في المنح، وخاصة أبناء قطاع غزة غزة، كون أغلبهم يقطنون خارج حدود المخيمات نظرا إلى أنهم هاجروا بعد تأسيسها.
يُضاف إلى هذا، وفق ما أوضحه الناشط، البعثات الخارجية التي تقدمها منظمة التحرير وسفارة السلطة الفلسطينية بعمان، وهي متاحة لمن يحمل الرقم الوطني ومن لا يحمله. وكذلك وكالة الغوث (الأونروا) التي تتيح الدراسة للّاجئين في جامعة ناعور- كلية العلوم التربوية-.
الطلبة من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، ضمن 13 مخيمًا، يتنافسون على هذا العدد المحدود جدًا، وبشروط عديدة، على هذه المنح.
الموظف في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ووالد طالبة اجتازت الثانوية العامة بنجاح- رفض ذكر اسمه- بيّن أنّ "رسوم الجامعات الخاصة أكثر بأضعاف من الحكومية، فلماذا لا تتضمنها المنح، كي تُتاح لأبنائنا فرص الدراسة فيها؟!". وانتقد ما اعتبره تمييزًا وتفضيلًا لحملة الرقم الوطني، قائلًا ان "الطالب الحاصل على معدل 85% من أبناء غزة لا يحق له الالتحاق بتخصص الهندسة، بينما يحق لطالب آخر حاصل على أقل من هذا المعدل فقط لأنه من حملة الرقم الوطني".
على النقيض من الآراء السابقة، رأى الموظف الذي عمل لسنوات في قطاع البعثات والمنح أن اقتصار المنح على القاطنين في المخيمات، واستثناء من يعيشون خارجها شرطًا عادلًا ويتصف سكان المخيمات الذين يعانون ظروفًا معيشية معقدة، تجعل الدراسة أمرًا صعبًا.
لكنه انتقد شروطًا أخرى، متعلقة بمنحة كلية العلوم التربوية والآداب التي تقدمها الأونروا في جامعة ناعور، حيث اعتبرها أنها تظلم الطلبة وهي معدلات القبول العالية جدًا – أن لا يقل عن 90% - إضافة إلى أن التخصصات المفتوحة أمامهم مُشبعة في سوق العمل.
"التحدي دائمًا يكون بين الطالب ونفسه، إضافة إلى أن الحصول على معدل مرتفع صعب جدًا بسبب الوضع المعيشي الذي يعد أحد العوامل الأساسية لانخفاض المعدل "،بحسب قوله.
اعتبر الموظف أن المنح غير كافية، خاصة أن هناك العديد من زملائه لا يستطيعون تدريس أبنائهم في الجامعات الخاصة، مما يدفعهم إلى التنازل عن الشهادة الجامعية.