دفع شغف اللاجئ الفلسطيني صلاح الدين الكحلوت من سكّان مُخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزّة، بالأحجار الكريمة، إلى تحويل إحدى صالات منزله إلى معرضٍ يحتضن الأحجار الكريمة النادرة التي جمعها على مدار سنواتٍ طويلة.

وبالقرب من عيادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في مُخيّم جباليا، يستقبل الكحلوت يومياً عشرات الزائرين والصحفيين للاطلاع على تلك الأحجار الثمينة والنادرة للغاية، والتي تمثل مرجعاً لبعض طلبة العلوم الجيولوجيّة، على حد قوله.

أحجار ثمينة تعود لعصور قديمة جداً

يُعرّف الكحلوت نفسه بأنّه رجل هاوٍ ويهتم في هذه الأحجار منذ سنواتٍ طويلة، لكنّه كان يواجه صعوبات جمّة في بداية مشواره في جمعها، وفي عام 2000 ولدى ذهابه لأداء فريضة الحج في السعوديّة جلب معه جهازاً خاصاً بفحص الأحجار الكريمة، وبعد ذلك اكتشف أنّ مهمته ليست بالسهلة.

يقول الكحلوت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ لديه أحجاراً ثمينة تعود إلى عصور تاريخيّة قديمة جداً، وهناك تشكيلة واسعة من الأحجار منها: القمري، والمريخي، والبحري، وحجر السلطان، والياقوت، والماس، عوضاً عن أحجار الشهب والنيازك النادرة.

6-1.jpg

 

 

(أحجار نيازك نادرة جداً)

وحول مصادر هذه الأحجار، يُبيّن الكحلوت: هذه الأحجار يتم جمعها من عدّة مصادر أهمها البحر عبر الغوص في أعماقه من قبل غواصين متخصصين يعتاشون من وراء هذه المهنة التي أصبحت مصدر دخلٍ لمئات الشبّان الذين يغوصون في أعماق بحر غزّة لساعاتٍ طويلة من رفح جنوباً وحتى شاطئ بيت لاهيا شمالاً بحثاً عن الأحجار النادرة التي تخضع بكل تأكيد للفحص الدقيق عبر أجهزةٍ خاصّة.

6-2.jpg

 

 

خطوة وطنية هامّة

 ومن المعيقات التي واجهت الكحلوت في جمع الأحجار هي التكاليف المالية الباهظة، خاصّة أنّ فريق البحث عن هذه الأحجار يستهلك ساعات طويلة في البحث، فقبل حوالي خمس سنوات صمم هذا الفلسطيني على تطوير هوايته وجمع أكبر قدر من الأحجار الكريمة والنادرة على حسابه الشخصي، واستشار بعض الخبراء لمعرفة أنواع بعض الأحجار، وأصبح لديّه حصيلة كبيرة، فجمعها في معرض سماه (مركز فلسطين للأحجار الكريمة والنادرة) وهو المركز الأوّل في فلسطين وقد يكون في الوطن العربي من نوعه ويحتوي على تشكيلة واسعة من الأحجار تقدر بأكثر من 1000 حجر يتنوّع ما بين نادرٍ وكريم، وأحبب الإعلان عن هذا المركز في المخيم كخطوةٍ حضاريّة ووطنية، لا سيما في ظل المحاولات الإسرائيلية المحمومة لتزوير التاريخ ونسب كل كنوز وآثار لفلسطين لكيان الاحتلال.

توجّه للتعاون مع الجامعات

وكشف الكحلوت لموقعنا أنّ هناك توجهاً للتعاون مع جهات الاختصاص بالتوجّه نحو الجامعات والمعاهد الأكاديميّة لاعتماد هذا المركز كمرجعٍ للأبحاث ولأهل الجيولوجيا والكليات العلمية المختصّة بالجغرافيا، مشيراً إلى أن أفكار القائمين على المركز اليوم لا تحدّها حدود ويتطلعون إلى تطوير هذا المركز ويسعوم للوصول إلى موسوعة "غينيس" للأرقام القياسيّة.

وحول تسمية المركز باسم مركز فلسطين، يقول الكحلوت: أنا لاجئ فلسطيني من مدينة المجدل المحتلة، وكبرت وترعرعت في مُخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين وعايشت الاحتلال والصمود الأسطوري لأهالي المُخيّم في الانتفاضة الأولى وفي العديد من المحطّات النضاليّة، لذلك ارتأيت صبغ المركز بطابعٍ وطنيٍ وجاء الاسم ليمثّل جميع فلسطين كالتزامٍ أخلاقي نجمع من خلاله كامل الأسرة الفلسطينيّة من أنواع الحجارة المختلفة، وبعد الوصول للأعداد والكميّات المناسبة من الأحجار افتتحنا هذا المركز.

 

مصدر دخل لعائلات كثيرة

بشكلٍ مفصّل تحدّث الكحلوت حول مقتنيات المركز المختلفة، يوضّح: يوجد العديد من أنواع الحجارة النادرة جداً والثمينة جداً جداً من (ألماس، سلوتير) وكامل ألوان طيف الجيولوجيا في فلسطين، ولدينا أحجار مثل (الزفير، الهبهاب، الياقوت، العنبر، الأوبال، والنيازك) ومصدرها من البحر والجو، حيث لدينا مجموعات شبابيّة مختصّة تطوف البحر كاملاً وتحضر الأحجار النادرة لفحصها وشرائها، ومع الأيّام أصبح لدينا مجموعة كبيرة من المنقّبين والصيّادين الذين يستفيدون من وراء هذا التنقيب.

6-3.jpg

 

وبشأن المصدر الثاني، يُكمل الكحلوت: الله سبحانه وتعالى ينزل النيازك والشهب ونحن نخرجها من الأرض ونهتم ونحتفظ بها، ومنها الكثير من الأنواع: القمري، المريخي، والعطاردي، ومن كامل المجموعة الموجودة حول كوكب الأرض، ولدينا مجموعة من نيزك "التكتيت" النادر جداً حول العالم، وبحمد الله رأينا هذا الإنجاز في عيون كل من زارونا وأكَّدوا أنّهم زاروا متحفاً وليس معرضاً صغيراً للأحجار الكريمة.

يأمل الكحلوت بتطوير هذا المركز الذي يحتضن التاريخ الجيولوجي للمنطقة بأكملها وليس أشياء عمرها عشرات أو مئات السنين فقط، لذلك سيفتح الأبواب لكل طلّاب العلم لإثراء المشهد التاريخي والثقافي، فيما يطالب بدعم هذا المشروع البحثي الإنساني الذي يتمنى أن يخرج من غزّة إلى كل العالم للمساعدة العلميّة والماليّة من أجل تطوير وتوسيع هذا المركز.

 

 

 

 

 

6-9.jpg
6-8.jpg
6-6.jpg
6-7.jpg
6-5.jpg
6-4.jpg
أحمد حسين-قطاع غزة/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد