المُخيّمات الفلسطينيّة بكل ما فيها من بؤسٍ وشقاء هي أحد نتائج "وعد بلفور" الذي صدر يوم الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1917، وهو عبارة عن رسالة وجهها وزير الخارجية البريطانية آنذاك "آرثر بلفور" إلى إلى أكبر زعيم يهودي في بريطانيا "والتر روتشيلد"، وتضمنت الرسالة تصريحاً من الحكومة البريطانية بإنشاء "وطن قومي" لليهود في فلسطين.
شكل التصريح تعهداً من قبل بريطانيا بالتصرف بفلسطين التي كان يسكنها 650 ألفاً 85 % منهم مسلمون وحوالي 10% مسيحيون و5% يهود
تصريح بلفور جاء تتمة لما بذلته الحركة الصهيونية في مؤتمرها الأوّل بـ"بازل" السويسرية عام 1897 في البحث عن دولة لليهود باعتبارهم "شعباً بلا وطن" وفق سرديتهم، وبدأ التنفيذ الفعلي للوعد بموجات هجرة ليهود العالم إلى فلسطين تحت أعين بريطانيا وعصبة الأمم آنذاك
في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 استكمل الوعد بتبني الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى منطقة للعرب وأخرى لليهود وثالثة دولية
في عام 1948 كانت العصابات الصهيونية بموافقة بريطانية جاهزة لارتكاب مجازر بالفلسطينيين وتهجير أكثر من 80 ألفاً وإقامة كيان صهيوني على 78 % من أرض فلسطين، لذا يعتبر وعد بلفور السبب الأول في نكبة الشعب الفلسطيني وما حل به من مجازر واعتداءات واستيطان واستباحة للمقدسات وتهجير ولجوء
الوعد أسس لوجود لاجئين فلسطينيين خارج أرضهم
يقول رئيس اللجان الشعبيّة في مُخيّمات غزّة رجائي عمر لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ هذا الوعد الذي أسس قضية اللاجئ الفلسطيني لولا وعد بلفور وقيام دولة "إسرائيل" المزعومة على أرض فلسطين لما كان هنالك لاجئ فلسطيني، لعاش الفلسطيني في بلاده آمناً مطمئناً، وهذا الوعد المجرم الذي قامت به بريطانيا نحن كشعبٍ فلسطيني نطالب الحكومة البريطانية بالعدول عنه، ونطالب محكمة العدل الدولية بمحاكمة الحكومة البريطانية على هذا الوعد الذي أعطى فيه من لا يملك لمن لا يستحق.
ومن جهته، أوضح رئيس مركز دراسات اللاجئين في غزّة كمال الكحلوت، أنّ الحكومة البريطانية لا زالت تعيش بالعقلية الاستعمارية المجرمة التي أسست لهذا الوعد، وفي حال تراجعها عن هذا الوعد كحكومة حالية أو مستقبلية فإنها بهذا التراجع ستقر بأنها ارتكبت جريمة وجريمة كبيرة جداً بحق الشعب الفلسطيني.
وشدّد الكحلوت على أنّ قضية اللاجئين ليست قضية لجوء وإنما قضية وطن بأكمله وشعب بأكمله قد تفقد مع فقدان قضية اللاجئ قد نفقد حقنا في وطننا بالكامل، مشيراً إلى ما يصفها بمؤمرات وخطط في أيامنا هذه تسعى لتصفية القضية من حيث أن بعضها قد يكون مغلفاً بغلاف لامع مثل غلاف "تحسين الأوضاع الاقتصادية" و"إعادة الكرامة للاجئ الفلسطيني" و"توطين اللاجئ الفلسطيني" كلها في النهاية خطط هدفها تصفية قضية اللاجئين.
على بريطانيا تعديل خطيئتها والاعتذار
اللاجئ الفلسطيني في مُخيّم جباليا هشام أبو هاشم، فقد أكَّد أنّ الرسالة التي يجب أن تصل إلى بريطانيا والحكومة البريطانية هي تعديل هذه الخطيئة التاريخية التي أحلت بشعبٍ كامل داخل فلسطين هجرتهم من أوطانهم ولا زالت "إسرائيل" أيضاً تهجر الشعب الفلسطيني حتى في قطاع غزة والضفة الغربية حتى في الشتات، مُشدداً أنّ "إسرائيل" تلاحق الشعب الفلسطيني أينما وجد.
وقال رياض العيلة، وهو لاجئ فلسطيني من قرية يبنا المهجَّرة، إنّ لديه كتاب قرية يبنا تم تأليفه سنة 2000 ولنذكّر أبناءنا وأطفالنا بقرية يبنا والقرى الفلسطينية المجاورة التي احتلت عام 1948، ولا زال الشعب الفلسطيني يناضل من أجل الرجوع إلى هذه الديار، وهم بهذه الطريقة يسعون إلى مجابهة تداعيات وعد بلفور السبب الأول في نكبتهم.
وفي الذكرى 104 لصدور هذا الوعد الذي يعتبره الفلسطينيون مشؤوماً، شارك عدد من الفصائل الفلسطينيّة في وقفةٍ احتجاجية أمام مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" بمدينة غزة، أمس الاثنين، حيث حمل المشاركون في الوقفة لافتات منددة بوعد بلفور والتي كتب على بعضها: "وعد بلفور الوعد المشؤوم"، و"وعد بلفور باطل"، و"لا لاعلان بلفور"، مؤكدين أنّه لا تنازل عن كامل أرض فلسطين.
وخلال الوقفة، أكَّد القيادي في حركة المجاهدين مؤمن عزيز، أنّ الوعد المشؤوم ليس له وجود لا في تاريخ ولا حاضر ولا مستقبل الشعب الفلسطيني، بل إن الوجود اليوم هو لشعبنا على هذه الأرض الفلسطينية المباركة التي سنبقى ندافع عنها بكل ما أوتينا من قوة ولن نتنازل عنها، مُشدداً أنّه لن يكون لهذا الكيان الصهيوني وجود على هذه الأرض الفلسطينية وإن وقفت معه كل القوى الدولية.
ولفت عزيز إلى أنّ هذه الأرض هي أرض إسلامية عربية لا يمكن التنازل والتفريط بها، مطالباً بريطانيا بأن تتراجع عن هذا القرار المشؤوم وبأن تدفع التعويضات لشعبنا الفلسطيني إزاء هذا القرار.
كما نظّمت جامعة الإسراء وقفة احتجاجية في هذه الذكرى، حيث رفع الطلبة خلال الوقفة شعارات التنديد بوعد بلفور الذي وهب من لا يملك لمن لا يستحق، وسط مطالبات للحكومة البريطانية بالاعتذار عن هذا الوعد المشؤوم.
وقال الأستاذ الدكتور عبد الخالق الفرا، إنّ وعد بلفور المشؤوم الذي منحت بريطانيا بموجبه الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين بُني وبرر بمقولةٍ زائفة وهي "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، موضحاً أنّ وعد بلفور كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين، مشيرًا أن الحق لا يسقط بالتقادم.
كما وقّع جميع العاملين في الجامعة والطلبة على رسالة موجه إلى المجتمع الدولي والحكومة البريطانية في الذكرى 104 لوعد بلفور، سيتم تسليمها للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عبّرت خلالها الجامعة عن رفضها لصمت المجتمع الدولي المطبق وتقاعسه في نصرة الحق الفلسطيني، وطالبته والحكومة البريطانية للعمل الجاد على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي كفلت حق الشعب الفلسطيني بالحرية وتقرير المصير.
وعد بلفور الذي مضى عليه أربعة أعوام بعد المئة، كان عبارة عن رسالة ورقية وجهها وزير الخارجية البريطاني "آرثر بلفور" إلى أكبر زعيم يهودي في بريطانيا "والتر روتشيلد" في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، وتضمنت الرسالة تصريحاً من الحكومة البريطانية بإنشاء "وطن قومي" لليهود في فلسطين.
كما شكل التصريح تعهداً من قبل بريطانيا بالتصرّف بفلسطين التي كان يسكنها 650 ألفاً 85 % منهم مسلمون وحوالي 10% مسيحيون و5% يهود، حيث جاء التصريح تتمة لما بذلته الحركة الصهيونية في مؤتمرها الأوّل المعروف بـ"بازل" السويسرية عام 1897 في البحث عن دولة لليهود باعتبارهم "شعباً بلا وطن" وفق سرديتهم، وبدأ التنفيذ الفعلي للوعد بموجات هجرة ليهود العالم إلى فلسطين تحت أعين بريطانيا وعصبة الأمم آنذاك.
وفي 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 استكمل الوعد بتبني الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى منطقة للعرب وأخرى لليهود وثالثة دوليّة، وفي عام 1948 كانت العصابات الصهيونية بموافقة بريطانية جاهزة لارتكاب مجازر بالفلسطينيين وتهجير أكثر من 80 ألفاً وإقامة كيان صهيوني على 78 % من أرض فلسطين.
لقد كان وعد بلفور السبب الأوّل في نكبة الشعب الفلسطيني وما حل به من مجازر واعتداءات واستيطان واستباحة للمقدسات وتهجير ولجوء.