لطالما انتظر الشاب الفلسطيني اللاجئ في لبنان ياسين جمال موسى ذو 23 عاماً فرصة عمل، وحين حصل عليها كعامل نظافة مياوم لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أصيب بخيبة أمل كبيرة.

يقول موسى لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّه كان ينتظر هذا العمل بفارغ الصبر لتحسين ظروفه المعيشية وإتمام زواجه، وعندما قدّم على امتحان الوظيفة في معهد سبلين بمدينة صيدا علم أن هذه الوظيفة تشمل عددا كبيراً من ابناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتم قبول هذه الوظائف براتب ٤٠$، وبهذه القيمة عمل مئات الشباب في المخيمات من قبل، لكنه تفاجأ عندما جاء يمضي على عقد التوظيف أنّ راتبه اليومي انخفض الى النصف، وأبلغهم المشرف أنّ سبب ذلك يعود لزيادة عدد العمال.

 وأضاف موسى إلى أنهم عوملوا بطريقة سيئة، فعندما احتجوا على القرار قال لهم المشرف: "هذا الموجود و يلي ما عاجبه ما يشتغل في غيرك ناطر دوره".

وبعد هذا، اضرب عمّال النظافة المياومين في مخيّم برج الشمالي جنوب لبنان اليوم الثلاثاء 2 تشرين الثاني/نوڤمبر عن العمل، احتجاجًا على تقليص وكالة أونروا أجرهم من ٤٠$ إلى ٢٠$، ووصف المحتجّون قرار الوكالة بالظالم واللامسؤول وأنه يهدف الى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني.

وقال العمال: إنّهم ينتظرون هذه الفرصة منذ أشهر لتحسين وضعهم المادي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تضرب لبنان، وقد رضوا بهذا العمل وسعوا إليه رغم أنّ بعضهم يحمل شهادات جامعية.

 وأكّد المحتجّون أنهم ليسوا ضد زيادة عدد العمال لكن ليس على حساب فئة أخرى، وطالبوا الوكالة بإنصافهم ومعاملتهم إسوةً بباقي اللاجئين الذين عملوا في السابق.

أونروا: القرار جاء لتوظيف أكبر عدد ممكن من اللاجئين الفلسطينيين

اللاجئ الفلسطيني ياسين موسى أشار إلى أنهم عندما زاولوا عملهم يوم أمس كانوا فقط ٤ شباب، "وهذا دليل على أنّ كلام أونروا غير صحيح وهناك كذب وتغيير بقرارات الوكالة"، بحسب قوله.

وعللت وكالة "أونروا" قرارها، بـ " الاستجابة للطلبات المتزايدة من المجتمع المحلي لتوفير المزيد من فرص العمل، لأكبر عدد ممكن من اللاجئين في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة وارتفاع البطالة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان."

وأضافت الوكالة، أنّ الإجراء يهدف كذلك " إلى زيادة فرص العمل للشباب اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في قوائم التوظيف (الروستر) الخاص بهذا المشروع. سيتم صرف كل التمويل المتوفر لهذا المشروع لتأمين فرص عمل للاجئين." بحسب توضيح للوكالة.

كذلك قالت المتحدثة الإعلامية باسم وكالة أونروا هدى السمرا لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ هذا القرار جاء هذا في ظل المطالبات المتكررة من قبل اللاجئين بأن يتم زيادة فرص العمل حتى يستفيد عدد أكبر، فتقسيم المبلغ الممنوح لهذه الوظيفة يسمح لعائلات كثيرة زيادة مدخولها.

 وأضافت السمرا: أن 60 % هي ؜ نسبة العمال الإضافيين المستفيدين من هذا التغيير، وليسوا جميعهم عمال إضافيين بشوارع المخيمات، لهذا ربما لا يرى الناس عدد عمال إضافيين، ولو أن العدد زاد ، فالعدد الذي زاد منهم أذنة ومنهم عمال تنظيفات في المكاتب وفي العيادات وفي المدارس وفي قطاعات أخرى غير عمال النظافة.

توظيف هؤلاء العمال جاء ضمن مشروع لوكالة "أونروا" يحمل اسم "العمل مقابل المال" ويهدف إلى توفير فرص عمل قصيرة لنحو 1000 شاب من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لمدّة 40 يوماً، ويتحيّن الشبّان اللاجئون فرص الحصول على شاغر وفقها، بسبب انتشار البطالة وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصاديّة التي تعصف بلبنان وانعكاساتها المعيشيّة الحادّة على اللاجئين الفلسطينيين.

13-1.jpg

هؤلاء العمال جميعهم من الطبقة الفقيرة المحتاجة معظمهم عاطلون عن العمل

لذا فإن قرار الوكالة بتخفيض الأجر اليومي إلى النصف سبب صدمة لدى المستفيدين من هذا المشروع، وقرروا الإضراب تحت عنوان "الأمان الوظيفي خط أحمر".

اللاجئ الفلسطينيي ابراهيم المرعي شارك في الإضراب، ويقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين:  "عمري ٥٠ عامًا متزوّج وعندي أولاد، وضعي المعيشي سيء جدا، أعمل حالياً ناطور بناية، اثنان من أولادي أصبحا بالجامعة، اضطررت إلى توقيف واحد منهما لعدم قدرتي على دفع تكاليف الجامعة، ومنذ 14عامًا وأنا أقدّم على وظيفة سائق في "أونروا" وقد ورد اسمي على الروستر مرتين لكن لم يتم تعييني".

يشير مرعي إلى أن 800 لاجئ فلسطيني قدّموا امتحانات وظيفية لمشروع عامل الصحة في معهد سبلين، وقد تمّ قبولهم، وأيّ مشروع توافق عليه "أونروا" يعني أنّه مموّل بالكامل، والآن بحسب الروستر وصل عدد العاملين في المشروع الى ٣٨٠ شابًا جميعهم وقعوا على راتب 40$ على اليوم الواحد، هؤلاء العمال جميعهم من الطبقة الفقيرة المحتاجة معظمهم عاطلون عن العمل وبعضهم يعمل في حصد الليمون، وسعوا الى هذه الوظيفة لتحسين وضعهم وتسديد أقساط المدارس والجامعات وأمور الحياة.

ويستغرب مرعي بأن قرار خفض الأجر اليومي صدر بحقّ الفئة الأضعف وهم عمال النظافة، وتساءل "لماذا العمال المياومين في باقي الاقسام كالهندسة والتعليم لم يطبّق عليهم القرار؟!"

صهيب مرعي هو أيضاً ممن تفاجؤوا بهذا القرار واحتجّوا عليه.

صهيب طالب جامعي دفعته ظروف الحياة الصعبة والبطالة المتفشية إلى السعي وراء وظيفة عامل نظافة، يقول: إن "الأعمال كلها حسنة ولا فرق بيننا، ولكني طالب جامعي وقدمت على هذه الوظيفة كي أسدد أقساط جامعتي، فأنا بحاجة جدًا للعمل، والفكرة ليست بتقليص الراتب، لكن بالتمييز بالمعاملة، الذين عملوا من قبلنا ليسوا أفضل منّا ومن حقّ الجميع أن يحصل على المبلغ الذي حددته وكالة أونروا منذ بداية المشروع".

هو إذاً قرار غير منصف بحسب عمال حصلوا على الوظيفة بعد عناء طويل على أمل تحسين أوضاعهم ليتفاجؤوا بأن عليهم العمل بأجر زهيد، قد لا يسد رمق عائلاتهم المحتاجة.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد