توفيت أمس الاثنين 8 تشرين الثاني\ نوفمبر اللاجئة الفلسطينية من أبناء مخيّم النيرب للاجئين الفلسطينيين في حلب شمال سوريا رجاء حسن حسن البالغة من العمر (44) عاماً جرّاء البرد الشديد عند الحدود البيلاروسيّة البولنديّة، خلال محاولتها اللهجرة إلى دول اللجوء الأوروبيّة.
يذكر، أنّ حالة الوفاة هذه هي الأولى فلسطينياً، تسجّل على طريق الهجرة عبر جمهوريّة بيلاروسيا، وهو طريق "ازدهر" مؤخّراً، وصار وجهة أولى للباحثين عن الهجرة لدول اللجوء الأوروبيّة، بعد المصاعب والعراقيل التي فرضتها إجراءات الدولة اليونانية للحد من وصول المهاجرين إلى أراضيها، والتي طالما كانت بوابة عبور باتجاه دول اللجوء خلال السنوات الفائتة.
خديعة منظمّة
احتمالات الفشل أو الموت متقاربة بين ركوب البحر أو عبور الحدود من بيلاروسيا باتجاه بولندا التي تعبر بوابة أولى للولوج إلى ألمانيا، أو إحدى دول غرب أوروبا، حسبما أكّد " عز الدين" وهو مواطن سوري خاض محاولته الثانية للهجرة عبر بيلاروسيا بعد فشل محاولته الأولى عبر اليونان.
"شلش" أطلع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" على صورة الأوضاع عند الحدود التي وصفها بـ "غابة متعددة الجنسيات" حيث يتواجد هناك الاف من السوريين و الفلسطينيين والعراقيين والأفغان والايرانيين وسواهم، جميعهم تعرضوا للخداع من قبل المهربين، وينتظرون مصيراً مجهولاً.
يقول "شلش" إنّ الرحلة تبدأ بخدعة من قبل المهّرّبين، منذ الحصول على فيزا الدخول إلى بيلاروسيا عبر مكاتب السياحة والسفر الموجودة في دمشق والانطلاق إمّا من أربيل أو بيروت، وهي مكاتب تعمل بالخفاء مع مهرّبي البشر المتواجدين في العاصمة البيلاروسيّة مينسك، على أن تبدأ الرحلة بعد الوصول إلى العاصمة بيومين والّا تستغرق عدّة ساعات بالسيارة باتجاه الحدود مع بولندا، حيث يصطدم المهاجر، باستحالة العبور بفعل الإجراءات المشددة على الحدود، والعنف الشديد الذي يتبعه الجيش البولدني، لينتهي الأمر بالمهاجرين في الغابات ينتظرون فرج ما اذا لم يكن لديهم إمكانيّة للعودة.
الفلسطينيون والسوريّون يخوضون المستحيل
ولفت "شلش"، إلى أنّ معظم الجنسيات المتواجدة في منطقة الحدود، وصلت إلى بيلاروسيا بطريقة غير شرعيّة عبر دفع مبالغ كبيرة للمهربين، ما يجعل أمورها شديدة الصعوبة، حيث تعلق عند الحدود وتُمنع من العودة إلى داخل بيلاروسيا كي تعود إلى بلادها.
الوضع في منطقة الحدود أشبه بالموت المجمّد، حيث لن يتمكنوا من العبور باتجاه بولندا، ولا العودة إلى مينسك
وأوضح، أنّه كداخل إلى بيلاروسيا عبر فيزا سياحية، سهّل عليه الأمر، أي حين شعر بفشل محاولته عبور الحدود باتجاه بولندا، عاد إلى العاصمة مينسيك ومن ثم إلى المطار ومنه إلى أربيل من حيث انطلق، لافتاُ إلى أنّ ذلك كان في منتصف شهر أيلول\سبتمبر الفائت، الّا أنّ الأوضاع اليوم باتت أصعب بكثير حسبما تشير المعطيات الواردة من هناك.
واتخذت كلّ من السلطات البولندية والبيلاروسيّة مؤخّراً إجراءات مشددة، حوّلت حياة من وصلوا إلى منطقة الحدود أشبه بالموت المجمّد، حيث لن يتمكنوا من العبور باتجاه بولندا، ولا العودة إلى مينسك، بسبب منع الشرطة البيلاروسيّة عودة طالبي الهجرة إلى مدنها الداخليّة، ما أفضى إلى سجن الالاف في منطقة الغابات.
تسجيل يظهر إجبار الشرطة البيلاوسية مهاجرين على دخول بولندا
وكانت السلطات البولندية، قد نشرت اسلاكاً شائكة على امتداد حدودها مع بيلاروسيا، لمنع تدفق المهاجرين، إضافة إلى الاف من جنود حرس الحدود، فيما منعت السلطات البيلاروسيّة عودة المهاجرين العالقين إلى العاصمة البيلاروسيّة، فيما يصفه مراقبين بتحدّي بيلاروسي لدول الاتحاد الأوروبي، حيث يتهم الاتحاد الأوروبي نظام الرئيس الكسندر لوكاشينكو باستعمال المهاجرين كورقة ضغط سياسي في مواجهة عزلة أوروبيّة مفروضة عليه منذ سنوات.
أعداد قليلة من الواصلين مقارنة بالعالقين
وتشير تقديرات صحفيّة، إلى أنّ بين 14 إلى 15 الف مهاجر، يتواجدون حاليّا عند منطقة الحدود بين بيلاروسا وبولندا، من المتوقّع أن تعصف بهم كارثة انسانيّة هي الأكبر في تاريخ الهجرة غير الشرعيّة، وخصوصاً مع اشتداد برد الشتاء في تلك المناطق، في حال لم تتخذ إجراءات لحل الأزمة بين الأطراف.
وبدأ طريق الهجرة عبر بيلاروسيا بـ " الازدهار" منذ أيّار\ مايو الفائت، حين أعلن الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو، وقف اجراءات الحد من وصول المهاجرين إلى الدول الأوروبيّة. وسجّلت تقارير رسميّة المانيّة وصول 7831 حتّى الأوّل من شهر تشرين الأوّل\ أكتوبر الفائت، من أصل 23 الف محاولة تسلل، فيما تساهم الإجراءات الجديدة بالحد بشك كبير من إمكانيّة عبور المهاجرين.
وأدّت الإجراءات الجديدة بحسب تقارير إعلاميّة، إلى ظهور حالات وفاة في صفوف العالقين، حيث عثرت السلطات البيلارسيّة على جثث ستّة مهاجرين عند المنطقة الحدودية الشهر الفائت.
ويشكّل طريق الهجرة عبر بيلاروسا، أحد أهم الوجهات حاليّاً للاجئين الفلسطينيين الفارين من الأوضاع في سوريا، بعد ارتفاع الطلب على الهجرة اثر تردي الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة، في موجة ثانية تشهدها سوريا منذ العام 2011. حيث يحصل الفلسطيني الذي يحمل الوثيقة السوريّة على تأشيرة دخول سياسية عبر مكاتب السفر المنتشرة في دمشق بأسعار تتجاوز 4 الاف دولار أمريكي.