على وقع الاشتباك الذي اندلع في مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين، جنوبي لبنان، قبل نحو أكثر من شهر، خلال تشييع جثمان القيادي في حركة حماس، حمزة إبراهيم شاهين، وأدى إلى سقوط 3 ضحايا لحركة حماس، عمدت الفصائل الفلسطينية إلى إطلاق مبادرة لاحتواء تداعيات الجريمة، ومنع انزلاق المخيم إلى ما لا يحمد عقباه.
وكان الأمن اللبناني قد اعتقل عدداً من المشتبه فيهم، في جريمة إطلاق النار على تشييع شاهين، ليعمد أهالي الموقوفين، إلى التحرك في الشارع وقطع مداخل مخيم برج الشمالي، بالإطارات المشتعلة، والتهديد باتخاذ مسارات تصعيدية إن لم يتمّ الإفراج عن أبنائهم.
بوابة اللاجئين الفلسطينيين، تواصلت مع أهالي الموقوفين لدى أجهزة الأمن اللبنانية، فأكدوا أنّ تحركاتهم التصعيدية قد توقفت، وأنّهم رهن الإجراءات والتطورات القضائية.
وعلم الموقع كذلك، أنّ التحقيقات القضائية وعملية الاستجواب مستمرة، فيما قد تمّ الإفراج عن جميع من تمّ توقيفهم ما عدا شخص واحد لا يزال رهن التوقيف، و استدعى قبل أيام مسؤولَ الأمن الوطني في برج الشمالي، طلال العبد، للتحقيق معه حول ملابسات الحادث.
وكان محمود الدحويش، وهو والد أحد الموقوفين، قد أكد في حديث سابق لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، رفض أهالي الموقوفين "أن يتمّ نعتنا بالعصابات، أو أننا نرغب بإشعال المخيم وحمل البندقيات ضد بعضنا البعض، نحن لسنا كذلك، إنما نحن أهالي لنا مشاعر وقضية، وعليه نحاول الضغط على الرأي العام، وقيادات الفصائل والمشايخ واللجان، للعمل على حلّ قضيتنا لإيماننا ببراءة أبنائنا".
ومع هذا الخطاب الحاقن في الشارع الفلسطيني داخل لبنان، الذي بثّ الرعب في نفوس كثير من اللاجئين الفلسطينيين، الذين تخوفوا من اندلاع أعمال عنف داخل المخيم، تداعت الفصائل الفلسطينية لإطلاق مبادرة تحتوي تداعيات الجريمة التي وقعت.
مساع لجمع حماس وفتح على طاولة حوار
ممثل حركة الجهاد الإسلامي، في لبنان إحسان عطايا قال: إنّ المبادرة التي عملت حركته مع عدد من الفصائل الفلسطينية، على إطلاقها وبحثها مع الفصائل الفلسطينية عامة، وحركتي فتح وحماس خاصة، هدفت إلى تهيئة الأجواء وتمهيد الطريق أمام الوسطاء لمعالجة ذيول الجريمة البشعة، وقطع الطريق على العابثين بأمن المخيمات، لجرّها إلى فتنة خبيثة، لا يستفيد منها إلا العدو الصهيوني وداعموه والمتواطئون معه.
وذكر عطايا، في حديثه مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، عددًا من النقاط التي يجري العمل عليها، من خلال المبادرة، وهي: "وقف التراشق الإعلامي والتحريض، إفساح المجال أمام القضاء اللبناني لاستكمال تحقيقاته وإجراءاته في وقائع الحادث، وإنزال العقوبات بحق المجرمين والمرتكبين".
وأشار عطايا، إلى أنّ "المبادرة حققت جزءًا مهمًّا من أهدافها، لا سيما فيما يتعلق بتمهيد الطريق أمام مساعي الوسطاء الذين يعملون جاهدين لتقريب المسافة بين حركتي حماس وفتح، من أجل الجلوس على طاولة بحضور من يرتضي بهم الطرفان من الوسطاء، لطرح هذه القضية ومناقشتها، بغية التوصل إلى تفاهم يحفظ أمن المخيمات واستقرارها، ويضمن حقوق الشهداء والجرحى، ويفتح الباب أمام هيئة العمل الفلسطيني المشترك للقيام بدورها وفقًا للوثيقة الموقعة من جميع أطرافها".
وأكد القيادي في الجهاد الإسلامي، أنّ "السلاح الفلسطيني عنوان لتحرير فلسطين، وضمانة لحق العودة، واستخدام السلاح للاقتتال الداخلي لا يجوز بأي شكل من الأشكال، ولا يجوز تصويبه إلا بوجه العدو الصهيوني. ولذلك عند حصول مشكلة ما، أو حدث مأساوي ما، تسارع القيادات الفلسطينية إلى إجراء حوار فيما بينها لمناقشة الأسباب التي دفعت إلى حدوث المشكلة، والبحث عن حلول تحفظ الأمن والدماء والكرامات، والسعي لتدارك الوضع، وضبط الأمور، حتى لا نذهب إلى المربع الذي يريده لنا الأعداء".
الحوار لم يصل إلى نتيجة
من جهته، عضو القيادة السياسية الفلسطينية المشتركة في لبنان، أبو جابر لوباني، استنكر في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني الحاصل، الذي قد يساهم إلى انزلاق المخيم إلى مشاريع يستفيد منها العدو الصهيوني.
وأضاف لوباني، أن "المبادرة التي قاموا بها بالتعاون مع عدد من الفصائل الفلسطينية، للأسف لم تصل إلى نتيجة مرضية حتى اليوم، والسبب في ذلك التعنت".
وأوضح لوباني، "حركة حماس قدمت قائمة بأسماء تقول أنهم مشتبه بهم، فيما عمدت حركة فتح وبناء على توجيهات من القضاء اللبناني إلى تسليم جميع من صدر بحقهم استدعاءات، وبناء على التحقيقات التي لا تزال تجري على يد القضاء اللبناني الذي أوقف عدداً منهم، ومن ثمّ أفرج عن بعضهم لاحقًا".
وتابع: "ليكن القضاء اللبناني هو الحكم في هذه القضية، وأن نذهب نحن كفصائل فلسطينية إلى جلسة حوار، نضع فيها خلافاتنا خلف ظهورنا، وأن نبدأ العمل على مصالحات ونخرج بحلول فيما يتعلق بعائلات ضحايا الإشكال، وأن نمنع انزلاق الأمور وسط تصاعد تهديدات العدو الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني وتجاه لبنان كذلك".