تراهن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونروا" على تحسين الظروف الاقتصادية للاجئين من خلال 2.31 مليون دولار قد تستطيع تقديمها كقروض للمشاريع الصغيرة، هذه ليست نكتة أو تهكماً ولكن ذلك ما تقوله المؤسسة الأممية المفوضة بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في بيانها حول موازنتها للعام ٢٠٢٢، وكأن هذا المبلغ قد يتكفل حقاً بأي تحول بوضع مخيم أو تجمع واحد من مخيمات اللاجئين في بيئات اللجوء الخمسة.
بحسب بيان"أونروا" فإنها في حال تمكنها من الحصول على تمويل كامل لموازنتها، البالغة 6.1 مليار دولار، فإن ذلك سيمكنها من تخصيص المبلغ المذكور على شاكلة قروض صغيرة للاجئين، وقد سبق ولحق ذلك بيانات متتالية من الوكالة تعلن فيها عن وجود أزمة مالية خلقت عجزاً دائماً في موازنتها تدفعها لتأخير رواتب موظفيها وتقليص خدماتها الأكثر أهمية المقدمة للاجئين الفلسطينيين.
لعل الإشكال الأكبر بهذا الشأن هو اعتيادنا وتسليمنا باستحالة قيام "أونروا" بأي دور تنموي أو تشغيلي للاجئين، وإزاحة الجدل حول دورها هذا، أي دورها بإنشاء مشاريع تنموية تتكفل بنقلة نوعية في حياة اللاجئين ووضعهم الاقتصادي المستمر في التردي، وأيضا إزاحة الجدل حول إيقاف و تقليصها خدماتها في مجالات الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الحيوية، أو النضال والاحتجاج من أجل ضمان دفعها للمساعدات ضمن برامج الطوارئ المخصصة للتعامل مع الظروف التي أحاطت باللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان وغزة بفعل الحروب والعدوان والأزمات.
هذه الحالة تضع اللاجئين الفلسطينيين في حيز عيش الكارثة الدائمة، وتجعلهم تحت تهديد جملة من الأخطار المميتة على نحو دائم، فالنظام الصحي ووضع البنية التحتية كما الوضع الاقتصادي، وتقليصات "أونروا" المستمرة عوامل تقود نحو انهيار شامل شبه محتوم.
بتاريخ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر صوتت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على تمديد عمل وكالة "أونروا" لثلاث سنوات إضافية تنتهي في حزيران/ يونيو 2023، وهو إجراء شبه روتيني يتم على نحو دوري منذ تأسيس الوكالة عام 1949، إذ رُهِنَ وجود الوكالة بهذا التمديد الدوري، كما رُهنت موازنتها بتبرعات المانحين، ما أبقى اللاجئين الفلسطينيين والمعنيين بقضيتهم رهن الابتزاز السياسي الدائم من قبل المانحين، على غرار ما قامت به الإدارة الامريكية في جولات متعددة، آخرها محاولة إدارة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" استخدام الوكالة وتمويلها في تصفية قضية اللاجئين.
سبق لبوابة اللاجئين الفلسطينيين كما جهات عدة معنية بقضية اللاجئين ومناصرة لهم، أن طرحت إشكالية تمويل الأونروا الحدث الدائم كل عام تقريباً في خطاباتها، وضرورة إقرار موازنة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتجاوز حالة الابتزاز والاستنزاف هذه، وهي دعوات لم تحظى بالتناول الجدي الكافي من قبل الوكالة أو الجهات الممثلة للفلسطينيين أمامها.
يمكن القول: إنه دون أحداث تحول جوهري في عمل الوكالة بما يشمل إطلاق مشاريع تحمل طفرة تنموية في مجتمع اللاجئين، وتحدث تغييراً استثنائياً في وضع الخدمات والبنى التحتية والمرافق السكنية، فإن وضعهم ذاهب نحو الانهيار الشامل.
وإذا ما استمرت موازنة وكالة "أونروا" في الاعتمادعلى نوايا المانحين وأجنداتهم السياسية، فإنها لن تغادر أبداً مسار التقليصات لخدماتها وصولاً للانهيار أو إنهاء خدماتها، والمطلوب اليوم من أنصار اللاجئين والمعنين بقضيتهم وكذلك وكالة "أونروا" التوجه بجهودهم نحو التالي:
١- إلزام الأونروا بوضع موازنة بضعف السقف المالي الحالي أي ما يقارب 3.2 مليار دولار على الأقل كحد أدنى للايفاء بالالتزامات تجاه اللاجئين.
٢- الضغط دبلوماسياً وحقوقياً على الأمم المتحدة وصولاً لإصدار قرار بتمديد مفتوح لمهام الوكالة الدولية وإقرار موازنة تصاعدية لخمس سنوات على الأقل تبدأ من الرقم المذكور، على أن تكون هذه الموازنة جزءاً من موازنة الأمم المتحدة ولا ترتبط برغبات المانحين.
٣- وضع المساهمات الطوعية للدول المانحة في صندوق خاص يؤسس لمصلحة مشاريع تنموية إضافية في خدمة تطوير الوضع الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين وتطوير برامج للتنمية المستدامة تخدم مختلف الشرائح في مجتمع اللاجئين.
٤- ضرورة تحمل الجهات الفلسطينية الرسمية لمسؤوليتها في العلاقة مع "أونروا" والأمم المتحدة باتجاه تحقيق الأهداف المذكورة.