"نحنُ لا نطلب مساعدات، نحنُ نطالب بحقوق" هكذا يقول اللاجئون الفلسطينيون من سوريا إلى لبنان، والمعتصمون منذ 36 يوماً أمام مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في بيروت داخل خيمة أطلقوا عليها اسم (194) في إشارة إلى القرار الأممي الحامل ذات الرقم، والذي يقر بحقهم في العودة إلى الأراضي الفلسطينية التي هجروا منها عنوة بسبب النكبة عام 1948.

  خيمة الاعتصام (194) أقيمت لمطالب محددة يأمل فلسطينيو سورية من وكالة "أونروا" بتنفيذها، وخاصة إعادة المساعدة المادية الشهرية التي كانت تقدم لهم وقيمتها 100 دولار أمريكي كبدل إيواء و27 دولاراً للفرد، هذه المساعدة ألغيت من قبل الوكالة وأعطيت عوضاً عنها مساعدة 25 دولاراً للفرد شهرياً فقط، ما جعل آلاف الفلسطينيين القادمين من سوريا عرضة للتشرد والجوع كونها كانت مساعداً أساسياً لهم في لجوئهم الثاني.

سوء الأحوال الجويّة وعدم استجابة الوكالة لمطالبهم حتى اللحظة لم يمنعهم من الاستمرار في اعتصامهم المفتوح، الذي أرفق باعتصام أكبر تحذيري يوم الثلاثاء 15 شابط/ فبراير الجاري، وقالوا خلال الاعتصام الذي علت فيه هتافات تؤكد حق العودة إلى فلسطين بأن "عاصفة غضب شعبي" ستتبعه إن لم يتم تحقيق مطالبهم.   

يقول مسؤول مجموعة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا رامي منصور: إن الوضع المعيشي لم يعد يُحتمل، والعائلات الفلسطينينة اللاجئة من سوريا إلى لبنان أصبحت على شفير الهاوية في ظلّ جائحة كورونا والانهيار الاقتصادي الذي ضرب لبنان وأثّر بشكل كبير على العائلات المهجرة.

اللاجئون الفلسطينيون من سوريا صاروا يحتاجون لقمة الطعام بكل ما تعنيه الكلمة من معنى

ويشير منصور إلى أنّ مطالبهم أصبحت معروفة للجميع و"قد جفّ لسانهم من تكرارها" وهي: "إلغاء القرار التعسفي لإدارة أونروا الذي يقضي بإلغاء بدل الإيواء وقيمته ١٠٠$ وبدل الطعام لكل شخص، موضحًا أنّ هذا المبلغ أصلًا غير كافٍ في ظل الغلاء الفاحش وقد كانت مطالباتهم قبل القرار الأخير زيادة القيمة النقدية لتصل الى ٢٠٠$ كبدل إيواء و٤٠$ كبدل غذاء"

 ولوح منصور ستشهدها الأيام المقبلة لم يسبق لها مثيل، مضيفاً أن  28 ألف لاجئ فلسطيني من سوريا في لبنان مسجلون في لوائح "أونروا" سيفترشون محيط مقر الوكالة ببيروت بعد أن يصبحوا بلا مأوى.

ووفق شهادات الناشطين في أوساط فلسطينيي سوريا في لبنان فإن العائلات بالكاد تستطيع تأمين قوت يومها وكثيرون لا يحصلون على الطعام، ف ظل ارتفاع إيجارات المنازل التيي يقطونها وهي بالأصل غير قابلة للسكن، وما يرافق ذلك من ارتفاع ثمن الاشتراكات في موالدات الكهرباء، وفقدان معظم الأدوية التي لا توفرها الوكالة وتردي الخدمات الصحية التي تقدمها.

تقول مريم غريري وهي لاجئة فلسطينية كانت تقطن في مخيم اليرموك وصارت تعيش في مخيم برج البراجنة ببيروت إن "هذه المستحقات سُرقت من ميزانية اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا أمام أعين الجميع"

وتضيف أن اللاجئين الفلسطينيين من سوريا صاروا يحتاجون لقمة الطعام بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتشير إلى أن الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان أقعدت كثيراً من فلسطينيي سوريا عن العمل، ما جعل حاجتهم لمساعدات وكالة "أونروا" أكبر.   

وعليه تطالب غريري الوكالة باسترداد حق معيشي – في إشارة إلى المساعدات- لم يكونوا بحاجته في سوريا ولم يأخذوه من الوكالة حينها، حين كان العمل والسكن مؤمن قبل الحرب-  وفق قولها.

نجاح ظاهر لاجئة فلسطينية من سوريا طال عائلاتها أيضاً قرار تقليص المساعدات تقول: إنها تسكن مع زوجها وأطفالها الثلاثة في بيت لا يصلح للعيش الآدمي في الطابق السابع بمخيم برج البراجنة، وإيجاره يصل الى أكثر من ٧٠٠ ألف ليرة شهرياً، بينما ما يحصل عليه زوجها من العمل لا يكفي لإطعامهم لمدة أسبوع، مشيرة الى أن قطع بدل الايواء سيعرّض حياتهم للخطر ولن يكون أمامهم إلا الشارع.

إدارة وكالة "أونروا" تستجيب للنداءات الإسرائيلية الأمريكية!

 أمّا المطلب الأبرز والأهم بحسب هدية زهران الناشطة في خيمة (194) هو عدم تجزئة معونة فلسطينيي سوريا (الإيواء والغذاء) مؤكدة أن الجميع في هذه الأوقات التي يمر بها لبنان في أزمة بحاجة للمساعدة لجهة الغذاء والسكن والطبابة والتعليم.

قرار وكالة "أونروا" الذي صدر في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي جاء صادماً لآلاف العائلات، وهو يأتي في سياق التكيّف مع العجز المالي الذي تنتهجه الوكالة، بحسب عضو قيادة لجان حقّ العودة في لبنان، أحمد سخنيني، الذي أكّد أن ادارة وكالة "أونروا" الحالية تستجيب للاملاءات الإسرائيلية والاميركية، على حد تعبيره.

وطالب سخنيني بإصدار خطة طوارئ إغاثية وصحية شاملة مستدامة، وانهاء النظام البيروقراطي التعجيزي بما يتعلق بتسجيل العائلات وسد الشواغر الوظيفية مشددًا على أنّ من حقّ اللاجئين المهجرين من سوريا الحصول على وظائف داخل مؤسسات وكالة "أونروا" في لبنان.   

11-1.jpg

 

هناك جهة تعتصم يجب أن أن يقابلها جهة تستمع للمطالب

من جهته، يقول مسؤول العمل الاجتماعي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان فؤاد ظاهر: إنهم واكبوا تحركات اللاجئين الفلسطينيين من سوريا منذ اليوم الاول ووقفوا إلى جانبهم في مطالبهم المحقّة والعادلة، مشيرًا الى أنه طالما هناك خيمة نصبت منذ أكثر من شهر وتشهد اعتصامات يومية هذا يعني أن هناك جهة مضربة يجب أن تقابلها جهة ثانية تستمع الى هموم ومطالب الناس ويجروا مفاوضات بينهما للوصول الى حلّ عادل، وعليه يتمّ تعليق الإضراب.

ولكن بعد أكثر من شهر على الاعتصام، لا يجد فلسطينيو سورية من يسمعهم من قبل وكالة "أونروا" سوى موظف قال إنه مدير الأمن في مقر الوكالة وقد تم تفويضه للتحدث مع المعتصمين.

يقول مدير الأمن في الوكتلة أحمد الوزير: إنه يتعاطف مع المعتصمين ومؤمن بمطالبهم ووعد بنقل كل رسائلهم إلى المسؤولين في وكالة "أونروا" مضيفاً أنه لا يمكنه فعل أكثر من ذلك.

 أمام هذا "التسويف" وهذه "الممطالة" من قبل "أونروا" كما يصفها المعتصمون طالب مسؤول اللجنة العليا لمتابعة ملف المهجرين الفلسطينيين في بيروت حسن علي البزم، مدير"أونروا" في لبنان كلاوديو كوردوني بتقديم استقالته في حال عجز عن تلبية مطالب أبناء الشعب الفلسطيني، وإحضار موظّف لديه كفاءة من أبناءالشعب الفلسطيني يفهم ويشعر بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين، على حد تعبيره.

يقول البزم: إن هذه الخيمة ليست لإعادة التوطين ولا خيمة لجوء إنساني إنما هي خيمة مطالب شرعية كبدل إيواء وبدل غذاء وبدل طبابة وبدل حليب، ولهذه الأهداف بالذات تم تأسيس الوكالة.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد