كان الفنان الموسيقي والملحن ناصر ناصر في المرحلة الابتدائية، عندما خرج شقيقه من سجن المحطة بالأردن- مطلع الثمانينات من القرن الماضي - ليبدأ تعليمه عزف العود.

الشقيق المُحرر، وخلال اعتقاله السياسي، كان  قد تعلّم العزف على يد الفنان وليد عبد السلام، رفيقه في الزنزانة، حيث كان يُحدّثهم عن الشيخ إمام ومارسيل خليفة، على أنغام العود، الذي شكّل أكثر من ونيسٍ لهم، في عتمة الأسر. ومع دقّات العود، تعلّموا أثر الأغنية الوطنية في مواجهة الاحتلال.

ناصر، يقطن حالياً في مخيم العودة بالأردن، نهِل مما تعلّمه شقيقه خلال الاعتقال، وخَبِر قوّة معنى النضال والمقاومة بالأغنيات.

في أروقة المخيم نشأ وترعرع واعتبر الفن أحد أشكال المقاومة

يقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: تأثرنا بالأغنية المقاوِمة، كوننا أناء قضية، وواظبت على العزف والتمرّن على العود، وانسجمت مع هذا الخط ووجدت أنه متنفس وحيد لي.

. في أروقة المخيم نشأ وترعرع ناصر، بين عائلة عكست صورة القضية الفلسطينية وعبّرت عنها بكل وطنية وانتماء، حمل عوده لأنه آمن بأن المعركة تتعدى السلاح وتكمن في الفكرة وفي مضاد الفكرة وأن على الفنان أن يصرخ للوطن وأن لا يكتفي بالبكاء على الطلل.

وحول إجادته لصيانة الآلات الموسيقية التالفة، يوضح أنه عندما يأتي له أية آلة عود تالفة، بحاجة إلى أن يذهب إلى المصنع لإعادة تصنيعها من جديد، إلا أنه يقوم بتصليحها دون أن يفكها، وهذا نتاج للخبرة والممارسة دون تعليم من أحد.

10-1.jpg

ناصر يعمل في مجال التصميم والجرافيك ديزاين، إلى جانب موهبته في العزف والغناء والتلحين، ويشير إلى أنه تأثر في الموسيقى والرسم نتيجة عمله، إضافة إلى أن زوجته فنانة تشكيلية وابنته تجيد رسم الفن السينمائي.

يؤكد ناصر، أن الفن التشكيلي والموسيقى لهما تأثير كبير على المجتمع، فالموسيقى أداة نضالية لقضية عودة حتمية، لافتًا إلى أنه عندما يمسك آلة العود ويعزف أمام الجمهور، فهو لا يحمل كلاشنكوف وبندقية، ولن يحرر فلسطين من خلال العود، ولكن كل ما يريده توعية المجتمع أننا أصحاب قضية وحق، ولدينا قضية نناضل من أجلها بشتى الوسائل، وأخلق صدى عالياً من خلال ذلك.

يردف: شاهدنا ذلك من خلال أغاني الفرقة المركزية التي هزت المجتمع في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وكذلك فرقة العاشقين التي صنعت أثراً كبيراً في توجيه الرأي العام.

العود كبندقية الثائر كلاهما بوصلته القدس

يتابع ناصر، أن الموسيقى عبارة عن تفريغ نفسي تغسل الروح. مؤكدًا أن الذي يأتي ليتدرب على موسيقى يكون مندفعاً ليس بالضرورة لهدف وطني ولكن أحيانًا يكون لهدف إنساني وهو أبعد بكثير من البعد الوطني.

يرى ناصر أن عوده كبندقية الثائر كلاهما بوصلته القدس، وله تجربة مع فرقة المخيم وفرقة الشراع وفرقة شمس الوطن، حيث كان أحد أعضائها، وشارك في عدة حفلات لفرقة بلدنا، وله عدة أعمال غنائية لعدد من الشعراء كان قد لحنها وغناها في أمسيات ومناسبات مختلفة.

يردد الفنان ناصر دوماً، لأنها فلسطين نحيا، فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة، ولأنها فلسطين نغني، فمن يستمع لنشيد الحياة، لا يموت.

من خلال الحفلات نقوم بالتوعية وتعبئة أبناء المخيمات لنؤكد أن صاحب الحق لا ينسى

بين القصة الذاتية والهمّ الوطني مسافات وحكايات كثيرة أخذها الفنان يوسف أبو غيث قائد فرقة شمس الوطن هو ومجموعة من أصدقائه الموسيقيين منطقة البحث عن مواضيع وأفكار تلامس الجرح العربي.

يقول أبو غيث الذي يقطن ذات المخيم، "أطلقنا اسم شمس الوطن على الفرقة الموسيقية، لمحاكاة جرح الوطن العربي من النهر إلى البحر، على درب مارسيل خليفة وغيره من المطربين الذين غنوا للوطن، فالجرح العربي سواء كان سوريًا أو فلسطينيًا أو لبنانياً، هو جرحنا وألمنا وهمنا، فالاسم عربيًا ووطنياً".

عازف العود يوسف الذي اكتشف ملكة التلحين لديه في عمر 23 عاماً، يوضح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: أن "الجيل الجديد ليس لديه الوعي الكافي تجاه القضية الفلسطينية والأحداث التي جرت على مر التاريخ، من خلال الحفلات نقوم بالتوعية وتعبئة أبناء المخيمات، لنؤكد أن صاحب الحق لا ينسى".

10-2.jpg

يؤكد أبو غيث، أن النضال بالأغنية الوطنية والفن لا يقل عن النضال بالسلاح والبندقية، إضافة إلى أن الموسيقى والثقافة بينهما علاقة وطيدة ترفع الذائقة الفنية والثقافية.

ويلفت، إلى أن الموسيقار مهضوم حقه مقارنة مع المطرب، رغم أن الفرقة الموسيقية هي القارب الذي يحمل المطرب وهو أقوى فنيًا وتكتيكيًا من المطرب.

يقول أبو غيث، إن "رسالتنا كانت ومازالت رسالة إنسانية، نغني للهم العربي والحرية وخصوصًا الوجع الفلسطيني، نطالب بحق العودة إلى فلسطين ونؤمن بأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة العربية ".

يقول:" إن الهم والجرح العربي  واحد،  ومن ضمن الكلمات التي غنوها الشباب أغنية هزي الغربال وغني، فمن يريد أن يحسبها على الشعب الفلسطيني أو العراقي أو السوري أو اللبناني ، فتغنى للشعوب كافة".

هِزّي الغُربال وغَنّي ... أيدك يا بلادي حَنّي

يا أم الشهدا... في السماوات ... بالفرح أنتِ تهنّي
يا بلادي بكرة بنرجع ... ثورة رشاش ومدفع
بكرة الرايات بنرفع ... أمرك يا بلادي تمنّي

وعن تفاعل الجمهور مع الأغنية الوطنية يقول: إن "هناك من يبكي لتأثره بالكلمة واللحن،  فالأغنية تقسم إلى قسمين صدق العاطفة و اللحن، الذي يناجي ويلامس شعور الآخرين ووجدانهم".

"أعطني خبزًا فأعطيك فنًا" بهده الكلمات لخص الفنان أبو غيث، أبرز المعوقات المادية التي تواجههم في فرقة شمس الوطن، مؤكدًا أن جميع ما يتم إنتاجه على نفقتهم الخاصة، ولا يوجد دعم مالي لإنتاج المزيد من الأغاني.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد