النمسا - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

تقرير: وليد صوان

تشهد الساحة الفلسطينية في النمسا تحركات لإقامة تجمعات فلسطينية تضم القادمين الجدد من فلسطينيي سوريا، وسط مساع لتشكيل جالية فلسطينية موحدة، وإقامة انتخابات لهذه الجالية.

في الشق المتعلق بفلسطينيي سوريا، بدت حالة من الحنق الشديد على التجمعات الفلسطينية المُؤسَّسة قديماً، لعدم وقوفها بشكل جاد وعملي على مشاكل القادمين الجدد، ومساعدتهم في فهم البلد الجديد، باستثناء بعض الجهود، وهو ما دفع العديد منهم إلى تشكيل تجمعات وأندية، اعتمدت على أساس من سكنوا في المخيمات الفلسطينية في سورية، لتقدم نفسها على أنها أندية وملتقيات اجتماعية وثقافية ورياضية، أي أنها تبتعد عن السياسة، هرباً من المماحكات الفصائلية والخلافات الفلسطينية.

ما يؤخذ على هذه الملتقيات والأندية أنها لا تتسع للجميع ولا تسعى لضم كل الفلسطينيين سواء أكانوا قادمين من "فلسطين أو لبنان أو سوريا أو الأردن أو غيرها من الدول، حيث اقتصرت عضويتها على من كانوا يقيمون في بعض المخيمات الفلسطينية في سوريا، لكن هذه التجمعات تبدو كأنها رد فعل على عجز التجمعات الفلسطينية القديمة عن احتضان فلسطينيي سوريا، أكثر من كونها انقساماً مجتمعياً على أساس المخيمات.

من هذه التجمعات ملتقى مخيم اليرموك في النمسا، وملتقى مخيم النيرب وتجمع فلسطينيي حلب في النمسا، ونادي الجليل الذي ضم أبناء مخيم العائدين في حمص، وملتقى خان الشيح، وغيرها، إضافة إلى وجود نادي المهاجر الذي يقدم دروس اللغة الألمانية، ونادي حنظلة المؤسس منذ سنوات وينظم أنشطة ثقافية واجتماعية وتراثية، وبعض الانشطة السياسية.

على المقلب الآخر، تسود خلافات كبيرة وعميقة على توحيد الفلسطينيين في جالية واحدة، تضم كافة مكونات الشعب الفلسطيني من خلال إجراء انتخابات شفافة تكفل تمثيلاً حقيقياً للفلسطينيين.

في هذا الإطار ظهر الحراك الشعبي لتوحيد الجالية الفلسطينية في النمسا الذي عمد إلى عقد لقاءات مع عدد من الأطراف والشخصيات الفلسطينية، ونظم اجتماعين موسعين للفلسطينيين، بهدف عقد مؤتمر وطني وإجراء انتخابات في 19/3/2017.

ولاحقاً، تم تغيير اسم الحراك إلى الجالية الفلسطينية الموحدة، حيث ضمت هيئتها التحضيرية شخصيات فتحاوية ويسارية، وأخرى محسوبة على التيار الإسلامي، ومستقلين.

وبحسب شخصيات من الجالية الفلسطينية الموحدة فإن تحركهم يعود لعدم قيام الجالية بدورها المرجو والمرتقب إزاء الفلسطينيين بشكلٍ عام، وللعمل على توحيد الصف الفلسطيني، خاصة بعد قدوم أعداد كبيرة من فلسطينيي سوريا.

وعلى خط الانقسام بين الجالية الفلسطينية القديمة والجالية الفلسطينية الموحدة، دخل اتحاد الأطباء والصيادلة الفلسطينيين، ليعالج هذا الداء، وعقد اجتماعاً قبل أيام وصدر عنه "حرص الاتحاد على مشاركة جميع أبناء الشعب الفلسطيني بكل أطيافه والمستقلين منهم ومنحهم الدور والمسؤولية لمشاركة الجالية وتنشيطها، وضرورة استقطاب القادمين من سوريا".

ووفقاً لما صدر عن الاتحاد فإن منذر مرعي رئيس الجالية الفلسطينية نفى الاتهامات الموجهة للجالية على أنها تمثل فصيلاً معيناً، مؤكداً أن باب الجالية مفتوح للجميع.

كما نقل الاتحاد عن الدكتور بسام الخالدي ممثل الهيئة التحضيرية للجالية الفلسطينية الموحدة في النمسا أن بداية تحركهم جاء نتيجة الشعور السائد بأن الجالية الفلسطينية في النمسا لا تقوم بدورها المرجو والمرتقب من أبناء الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام.

وفي نهاية الجلسة تم الاتفاق على تكوين لجنة متابعة تشرف على عملية توحيد جميع الأطراف، والتحضير لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، وتحت سقف فلسطيني موحد وشامل، حيث سيعقد لقاء قريباً ليكون أول جلسة للجنة المتابعة التي اختيرت من الهيئة الإدارية لرئاسة الجالية الحالية وأعضاء من الجالية الفلسطينية الموحدة، وسيتم الاتفاق على الدعوة لمؤتمر عام لجميع الفلسطينيين بالنمسا وثم الانتخابات.

ومن خلال رد رئيس الاتحاد الدكتور شادي أبو ضاهر على مواقع التواصل الاجتماعي تحدث عن إجراء لقاءات منذ أكثر من سنة مع الجالية وشخصيات وطنية، وعن قطع مشوار لا بأس به، لكن خطأهم كان عدم إعلام أبناء الجالية بما تم التوصل إليه، على حد قوله.

عقب هذا الاجتماع تحدث عدد من المشاركين فيه من الجالية الفلسطينية الموحدة عن حضورهم بصفة شخصية، فيما صدر بيان يؤكد مضي الجالية الفلسطينية الموحدة قدماً بإجراء الانتخابات في موعدها في 19/3/2017، إضافة إلى دعوة اتحاد الأطباء والصيادلة الفلسطينيين للمشاركة بهذه الانتخابات، دون أن يعلق البيان على ما صدر عن الاتحاد، ما يوحي بالغموض حول ما جرى، وانعدام الثقة المتبادلة بين الجاليتين، ويبدو أن الأمر بحاجة لخطوات أكثر ينتظرها الفلسطينيون في الاجتماع المقبل الذي سيعقد بحضور ممثلين عن الأطراف الثلاثة، ولا يبدو المشهد مبشراً بتوحد مرتقب.

وسط هذه التحركات والخلافات، يبرز طرح جديد بحل الجاليتين وتشكيل جالية جديدة، وإجراء انتخابات عامة، لكن هذا الطرح لم يحظ بفرص نقاشات جدية حوله.

ولا تبدو فرص لم شمل الأطراف الفلسطينية في النمسا بالأمر اليسير، فدونه الانقسامات الفصائلية، وما يجري هنا أشبه بصورة مصغرة عن الانقسام الفلسطيني، ففرص لم الشمل تحول دونها عقبات وتعقيدات لا تعد ولا تحصى، والخلافات التي يعود عمرها لسنوات كثيرة، ربما لن تحل بين ليلة وضحاها.

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد