شهد مخيّم ضبيّة للاجئين الفلسطينيين شرق العاصمة اللبنانية بيروت، اعتصاماً غاضباً صباح اليوم الخميس 9 حزيران/ يونيو، أمام مكتب مديرة خدمات وكالة "أونروا" في المخيّم، وذلك على خلفية وفاة طفلة حديثة الولادة، جرّاء "إهمال الوكالة في متابعة حالتها الصحيّة وتوفير تغطية استشفائيّة لها".

وتعرّضت الطفلة الرضيعة كلاريا، لمضاعفات عقب ولادتها قبل 3 أيام، في مستشفى "أبو جودة" في منطقة جلّ الديب، ليضطر ذويها للبحث عن مستشفى آخر، لعدم قدرتهم على تغطية تكاليف المستشفى الباهظة، ما دفعهم للتوجه لوكالة "أونروا" التي لم تتجاوب مع الأمر، ولم تجب على اتصالات الأهل، ليجري إيداع الطفل في مستشفى الكرنتينا حيث توفيّت الطفلة. حسبما وثّق " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

وسرعان ما تحّول الاعتصام، إلى حالة احتجاج غاضبة وعارمة تجاه سياسات الوكالة، التي وصفها المعتصمون بـ " الفاسدة". وأغلق المحتجّون الطريق أمام مكتب الخدمات بالأحجار والصخور، فيما خطّوا عبارات على جدران المكتب، نددت بأداء مديرة المخيّم تمارة بطارسة، التي لم تلتحق بدوامها الرسمي، فيما عبّر والد الطفلة المتوفية كلاريا الياس الديك، عن إصراره لأخذ حق طفلته، التي أدّى إهمال الوكالة في تغطية حالتها الصحيّة إلى تدهور حالتها ووفاتها.

وقال والد الطفلة الياس الديك، إنّ ابنته توفيت، ومن الممكن أن تتكرر الحالة كثيراً، نظراً لعدم وجود تغطية ومستشفى قريب تتعامل معه الوكالة، فيما تحوّل الوكالة اللاجئين إلى صيدا، وتحرم أبناء مخيّم ضبية من مستشفيات قريبة.

قصص معاناة وتعامل فوقي وفساد بيّن

وخلال الاعتصام، روى لاجئون من أبناء المخيّم قصص معاناتهم المتنوّعة مع إدارة المخيّم، وتعاطي الوكالة فيما يخص الملف الصحّي. واعتبر اللاجئ الياس موسى من أبناء المخيّم، أنّ ما جرى مع الطفلة كلاريا، قد يتكرر مع كافة اللاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى العديد من الحالات السابقة تخص كبار سنّ وشبّان توفوا نتيجة الإهمال الصحّي وعدم توفير الوكالة لتغطية صحيّة شاملة.

وروى اللاجئ الياس موسى، معاناته، جرّاء تعاطي عيادة الوكالة مع حالة زوجته، التي تعرضت لحادث سير وهي في الشهر السابع من حملها، وقال: إنّ الحادث تسبب في خطورة كبيرة على حياة الجنين، وهو ما اضطرّه إلى الذهاب يومياً على مستشفى "أبو جودة" باهظ التكاليف، لإعطائها إبرة تثبيت حمل على حسابه الخاص.

وأشار موسى، إلى أنّه اضطر لقصد المستشفى المذكور، نظراً لكون البديل المُتاح والذي تغطي الوكالة تكاليفه، هو أخذها إلى مستشفى تتعاقد معه الوكالة في صيدا، ما يعني 3 ساعات على الطريق، لإعطاء زوجته الإبرة.

وحول إجراءات تغطية الولادة، قال موسى إنّه اتصل بمكتب الوكالة للسؤال عن إجراءات التحويل، فأجابوه بأنّ عليه التوجه لعيادة "أونروا" في مخيم الضبية وجلب ورقة تحويل، وختمها من مكتب الوكالة للحصول على تغطية المستشفى.

الّا أنّ اللاجئ موسى، قد اضطر لنقل زوجته التي أنجبت قبل أوانها، كحالة إسعافيه طارئة، إلى مستشفى بيروت الحكومي، بناء على توجيهات الطبيب، وقام بعد ذلك بالاتصال بطبيبة عيادة الوكالة في المستشفى، وأخبرها عن حالة زوجته، وبأنه قد اضطر لنقلها إلى المستشفى الحكومي، وطلب منها تحويلاً، فأجابته " نحن لا نغطي تحويلات إلى المستشفى الحكومي، وقلت لها زوجتي اخذناها حالة طارئة على مستشفى بيروت الحكومي، وأريد تحويل، فقالت له "نحن لا نعطي تحويل إلى مستشفى بيروت الحكومي" وأضافت " انت عم تمنجه نفسك وعم تولّد مرتك بالمستشفى الحكومي، لماذا لم تأخذها على مستشفى حيفا" وأغلقت الخط بوجهه، حسبما نقل اللاجئ موسى.

واعتبر موسى، أنّ وكالة "أونروا" فاسدة فيما يخص التحويلات والتغطيات الصحيّة، ودلل على ذلك بما حصل معه شخصيّاً، حيث التجأ إلى واسطة من داخل الوكالة، فقامت بتأمين له تحويلاً إضافة إلى تغطية لخمسة أيّام في جهاز "القوفاز" لطفله في المستشفى الحكومي، علماً أنّ الطفل لا يحتاج أكثر من يومين. ووصف ذلك بالفساد البين الذي يدفع اللاجئين للجوء إلى الوساطات من أجل الحصول على حقوقهم.

مخيّم مهمّش بلا مياه وبلا مدرسة وبلا اغاثة

وأثار المعتصمون، جوانب متعددة لـ " إهمال وفساد" وكالة "أونروا" فيما يخص أمور متعددة، وعلى رأسها مسألة المياه، حيث يعاني المخيّم من انقطاعها منذ 8 أشهرن حسبما أكّد الناشط في اللجنة المحليّة للمخيّم باسل رمزي غطاس لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

وأشار غطّاس، على أنّ أهالي المخيّم نفذوا اعتصاماً في آذار/ مارس الفائت، للمطالبة بالمياه، وكان رد فعل مديرة مكتب خدمات المخيم تمارة بطارسة، أن استدعت الجيش وأمن الدولة لمواجهة المعتصمين، وقاموا باستدعاء عدد من الأهالي من بينهم نساء على المخفر.

وأضاف غطّاس، أنّ لجنة المخيّم مع أصحاب الصهاريج ومولدات الضخّ، كي لا يرفعوا سعر البرميل الواحد لأكثر من 20 ألف ليرة، فيما تتقاعس الوكالة عن النظر بالملف، وحل مشكلة المياه التي تعتبر من أهم المشاكل اليومية التي يعاني منها الأهالي.

وخلال الاعتصام، قالت إحدى اللاجئات إنّ تكاليف شراء المياه تبلغ بين 700 إلى 800 ألف شهرياً، فيما الشبّان قاعدون في منازلهم دون عمل. وانتقدت أداء مديرة المخيّم وتردي الخدمات الصحيّة والبيئيّة.

كما أثار المعتصمون، غياب مدرسة تابعة لوكالة "أونروا" للطلبة الفلسطينيين من أبناء المخيم، وهو ما يضطرهم لقصد المدارس الحكوميّة، والتي كثيراً ما تتعاطى معهم بـ “عنصرية" لكونهم فلسطينيون وليس لهم مكاناً، وسط عجز عن قصد المدارس الخاصّة لتكاليفها الباهظة.

وحمّل المعتصمون وكالة "أونروا" كامل المسؤولية عن نتائج تقصيرها في توفير الخدمات لأبناء المخيّم، من توفير المياه إلى المدارس إلى تغطية صحيّة شاملة والتعاقد مع مستشفى قريبة من المخيّم، إلى الخدمات البيئيّة والصحيّة.

ويقع مخيم ضبية للاجئين الفلسطينيين على بعد 12 كيلو متراً من العاصمة بيروت باتجاه الشرق، وقد تم تأسيسه عام 1956 بهدف إيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين جاؤوا من منطقة الجليل في شمال فلسطين، لا سيما من مدينة حيفا وقرية البصة.

وبحسب وكالة "أونروا" يقطن فيه نحو 4 آلاف لاجئ فلسطيني، إلا أنهم يعيشون في ظل صعوبات اقتصادية شديدة، والعديد منهم عاطلون عن العمل. ويعمل عدد قليل من الرجال كعمال مياومين فيما يعمل بعض الشباب في المحال أو كعمال نظافة.

متابعات/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد