يعاني آلاف اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من مخيّم اليرموك ويعيشون في بلدات جنوب دمشق الثلاث "يلدا – ببيلا – بيت سحم" من انعدام الأمان المعيشي والإيوائي، نظراً لسكن العديد منهم منازل فرغت من سكّانها في خضم أحداث السنوات الفائتة، فيما يستأجر آخرون منازل منذ سنوات بأسعار زهيدة. بينما بدأ مؤخراً أصحاب المنازل المطالبة بها أو رفع قيمة الأجرة، بشكل بات يهدد الاستقرار الإيوائي للعديد من الأسر، حسبما رصد "بوابة اللاجئين الفلسطينيين."
وكان الالاف من أبناء مخيّم اليرموك، قد قصدوا البلدات الثلاث المجاورة، إبان حصار قوات النظام لمخيم اليرموك والذي بدأ في العام 2013، فيما نزح آخرون خلال سيطرة تنظيم "داعش" على المخيّم، وخلال العمليات العسكرية التي شنّها النظام عام 2018، وأدّت إلى تدمير مخيّم اليرموك بشكل كامل، واضطرار أكثر من 5 الاف لاجئ للبحث عن ممكنات الاستقرار حيث نزحوا.
"أبو مؤيّد الزين" أحد المهجّرين إلى منطقة يلدا، أكّد أنّ سنوات "الاستقرار" السكني التي عاشها في المنطقة بدأت نهايتها، فهو الآن مضطر لمغادرة المنزل الذي يعيشه، بسبب مطالبة أصحابه به.
ويعيش "الزين" في منزل فرغ من أصحابه الذين غادروا إلى خارج البلاد. وكالعديد من الحالات المشابهة، سكن اللاجئ الفلسطيني الذي خرج مهجّراً مع أسرته من المخيّم في منزل فارغ وذلك بتنظيم من قبل "لجنة محليّة" التي أنشأتها فصائل المعارضة السوريّة ابان سيطرتها على تلك البلدات حتّى علن 2018.
وأشار الزين، إلى أنّ أصحاب المنزل، "كانوا قد أوفدوا اليه أحد أقاربهم عام 2019 ليطمئن على حال المنزل، وأوكلوه بعقد اتفاق معي على أن أبقى في المنزل مقابل أن احافظ عليه، وهذا ما تمّ خلال كل تلك السنوات." وفق قوله، الّا أنهم الآن يريدون بيع المنزل بعد إعادة ترتيبه من جديد. حسبما أضاف.
وحالة اللاجئ الفلسطيني هذا، ليست الوحيدة، بل تتشاركها مئات العائلات التي تسكن في منازل فارغة بالتراضي مع أصحابها، أو تستأجر أخرى بأسعار كانت إلى فترة قريبة، تعتبر زهيدة وممكن تأمينها في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
"أبو إبراهيم" لاجئ آخر يسكن منطقة يلدا، في منزل مكوّن من غرفتين ومنافعهم، استأجره من أصحابه بمبلغ 18 ألف ليرة سوريّة قبل أكثر من 3 سنوات، بموجب عقد ابرم في مفرزة الشرطة، الّا أنّ أصحاب المنزل طالبوه مؤخراً بدفع 50 ألف ليرة، والّا فعليه أن يخلي المنزل ليشغله مستأجر آخر.
وقال "أبو إبراهيم" لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ عمله ودخله الشهري لا يخوّله لدفع هذا المبلغ، وهو يعاني من استحقاقات كثيرة كل آخر شهر، ومنها دفع اجرة دكانه الذي يتشاركها مع شخص آخر ويبيع فيها الخصار والمواد الغذائية.
ونبّه اللاجئ خلال حديثه، إلى أنّ العديد من أصحاب العقارات في منطقة يلدا وعموم بلدات جنوب دمشق، بدأوا برفع اجرة منازلهم، وكذلك يطالبون بإخلائها أو اخطار سكانها بإخلائها متى طلب صاحب العقار ذلك، وذلك بعد أحاديث كثيرة بدأ يروّج لها أصحاب المكاتب العقارية عن قرب ارتفاع أسعار العقارات في المنطقة.
ويأتي الحديث عن ارتفاع أسعار العقارات في المنطقة، على وقع أنباء عن إصلاحات تعتزم السلطات المحليّة القيام بها في المنطقة، ومنها إعادة تأهيل لشبكات المياه والكهرباء، وإجراء تحسينات على أحوال الطرق والشوارع والصرف الصحّي، إضافة إلى فتح الطريق الذي يصل مخيّم اليرموك بالبلدات الجنوبية.
ووفق معلومات أفاد بها أحد أصحاب المكاتب العقاريّة في منطقة شارع بيروت في منطقة يلدا، فإنّ أسعار العقارات سوف ترتفع أكثر من الضعف، بعد فتح الطريق الذي يصل مناطق العاصمة دمشق ببلدات جنوب دمشق، والذي يمر بشارع فلسطين في مخيّم اليرموك.
وبحسب المعلومات التي نقلها مصدر محلّي عن صاحب المكتب لموقعنا، فإنّ العمل يجري على فتح شارع فلسطين باتجاه بلدة يلدا، وهو ما سيختصر مسافة الوصول للبلدات الجنوبية قدوماً من مناطق وسط دمشق، في وقت يضطر القادم من تلك المناطق لقطع مسافات طويلة، تمر عبر أقصى جنوبها بمحاذات بلدة السيدة زينب وبلدات طريق المطار.
وتساهم تلك الأنباء، في ميل العديد من أصحاب المنازل، امّا لاستعداد لعرض منازلهم للبيع بعد اصلاحها، أو رفع أجرتها، في وقت تشهد تلك البلدات، أزمة مهجّرين متواصلة منذ أعوام، نتيجة استقبالها أعداداً كبيرة من النازحين وخصوصاً من أبناء مخيّم اليرموك المحاذي.
ويعتمد معظم المهجّرين الفلسطينيين في مناطق جنوب دمشق على المساعدات والمعونات التي تقدمها وكالة "اونروا" وتوصف بالشحيحة، نظراً لعدم كفايتها في تأمين أجرة المنازل، وسط انعدام الخيارات الأخرى لتأمين الإيواء.
الجدير ذكره، أنّ وكالة "أونروا" كانت قد عبّرت على لسان مديرها في سوريا أمانيا مايكل ايبي، ابان اتفاق التسوية الي أنهى سيطرة المعارضة السورية المسلّحة على بلدات جنوب دمشق عام 2018، عن خشيتها على المصير السكني لمهجّري مخيّم اليرموك إلى تلك البلدات.
"وقالت حينها:" مع بدء عودة سكان البلدات الجنوبية لدمشق إلى بيوتهم التي هجروها، طلب من عائلات اللاجئين الفلسطينيين الذين يتراوح عددهم بين (1500) -(1700) دفع إيجار أو الانتقال إلى مكانٍ آخر".