في مقبرة الفالوجا بمُخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزّة، كان هناك 4 أطفال يلعبون ويزورون قبر جدهم بعد عصر يوم السابع من آب/ أغسطس الجاري، أي في آخر أيّام العدوان الصهيوني على القطاع المحاصر الذي استمر لثلاثة أيّام، إذ لم تسعفهم براءتهم بالظن أنهم سيكونون هدفاً لطائرات الاحتلال وصواريخه بعد قليل، وفي ثوانٍ معدودة أصبحوا أشلاءً وأثراً بعد عين.
طائرات الاحتلال الحربيّة كانت تحوم في سماء مُخيّم جباليا تبحث عن هدفٍ عسكريٍ "خطيرٍ" لاستهدافه كما يزعمون دائماً، فما وجدت إلّا هؤلاء الأطفال الأربعة لتمزّق أشلاءهم وهم يلعبون.
كل عام نعيش الحرب وهذه المرة خطفت 4 من فلذات أكبادنا
يقول وسام نجم عم الشهداء، وهم: جميل إيهاب نجم، وجميل نجم نجم، ومحمد صلاح نجم، وحامد حيدر نجم، إنّ الذي جرى هو أنّ هؤلاء الأطفال أتوا كما العادة عند قبر جدهم لقراءة الفاتحة وإلقاء السلام على روحه، وذلك بحكم أنّنا نسكن أمام المقبرة، وعقب ذلك تفاجأنا بصوت قصف، فهرعنا إلى المقبرة لنجد أطفالنا أشلاء.
يضيف نجم لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: المشهد كان مخيفاً للغاية، وجدناهم أشلاء متناثرة في أرجاء المقبرة، لا أدرى ماذا أقول أمام هذا المشهد، فقطاع غزّة يعيش الحرب في كل عام، كل عام نعيش الحرب بتفاصيلها، وهذه المرة خطفت أربعة من فلذات أكبادنا.
أمّا صابر أبو كرش عم الشهيد نظمي أبو كرش الذي ارتقى في ذات المكان، فقال لموقعنا: كان الطفل نظمي مع مجموعة من الأطفال من عائلة نجم يلعبون في المقبرة، لا ذنب لهم إلّا أنّهم أطفال فلسطينيون يعيشون في مُخيّم جباليا، فباغتتهم طائرات الحقد والإجرام الصهيوني وقامت بضرب الصاروخ الأول عليهم ولم يصب منهم أحد فقامت بضرب الصاروخ الثاني الذي أدى إلى تمزيقهم أشلاء.
نربي أبناءنا بدموع العيون فيقتلهم الاحتلال بلمحة بصر
يقول عم الأطفال من عائلة نجم: هؤلاء أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و 14 عاماً، وابن أخي جاء إلى الدنيا على عطش وبعد 4 بنات، وكان والده يتابع عند كل الأطباء أملاً في انجاب طفل، وعمي الثاني ما عنده غير طفلين راح منهم واحد وبقي واحد، والثالث كان والده يهتم به إلى أقصى الحدود، يعني ولاد ناس ومتعوب عليهم، والله عمي بقول: يا عمي والله منربيهم بحبة عينينا أجت طيارة في ضحكة ولعبة طيّرت كل أحلامنا، طيّرت كل أولادنا، هذا الكلام مش عن أولادنا فقط، بل على كل الشهداء والأطفال.
وتابع: أنا أعمل مرشد صحة نفسية في وكالة "أونروا" ، ومن خلال عملي أرى الأمرين والويلات، واليوم بعد هذه المجزرة سيكون لدينا صدمات نفسية ومشاكل كبيرة، أنا لا أدرى ماذا أقول، أمهات هؤلاء الشهداء يغمي عليهم كل فترة بسيطة بعد هذه الفاجعة.
يؤكّد أبو كرش: هذه غزة التي تعاني الحصار على مدى 16 عاماً، تعاني الحصار والويلات والدم والموت، هذه الطفولة الفلسطينيّة التي لا يريد لها الاحتلال أن تحيا كما أطفال العالم بسلامٍ وأمان.
ويُشار إلى أنّ مجازر الاحتلال خلال هذا العدوان حصدت أرواح 15 طفلاً غالبيتهم من مُخيّمي جباليا والبريج للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزّة.