قرار جديد أصدرته "المؤسسة العامة للمطبوعات في سوريا" برفع أسعار الكتب الدراسية للمرحلة الثانوية العامّة، ضيّق دائرة الخيارات المعيشيّة للاجئين الفلسطينيين في سوريا، بعد أن بات سعر نسخة الكتب يفوق الدخل الشهري لمعظم الأسر.
نسب فقر في صفوف الفلسطينيين في سوريا بلغت 90%، يعيشون على أقل من دولارين في اليوم الواحد، بحسب أرقام نشرتها وكالة "أونروا"، في حين نصّت اللائحة التي عممتها مديرية المطبوعات لأسعار الكتب الدراسية على أن تكون نسخة كتب الأوّل الثانوي بسعر 48,300 ليرة بعد أن كانت 39,500 ليرة في العام الفائت، ونسخة الثاني ثانوي بسعر 54,800 ليرة بعد أن كانت 40,200 ليرة. فيما بغت نسخة كتب الثالث ثانوي “البكلوريا" 49,800 ليرة بعد أن كانت 38,200 ليرة.
أسعار زادت الضغط المعيشي على اللاجئين الفلسطينيين، مع بداية الفصل الدراسي الجديد، وهو ما رصده "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في مخيّم درعا جنوب سوريا، الذي يعاني أهله أزمة معيشيّة مزمنة، في مخيم يعتبر الأفقر من بين مخيمات الفلسطينيين في سوريا، وما يزال يعاني من تبعات الحرب.
اللاجئ الفلسطيني "أبو وحيد" من أبناء مخيّم درعا، يعتاش من عمله كعامل يتقاضى أجرة يومية، يفكّر في كيفيّة تأمين الكتب المدرسيّة لابنه الذي اجتاز مؤخراً المرحلة الإعدادية إلى الثانوية، ويقول لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ هذا الأمر لم يكن موضع تفكير في السابق، نظراً لالتزام وكالة "أونروا" بتوزيع الكتب المجانية منذ الابتدائية حتّى الإعدادية، فيما اليوم يترتب علينا تكاليف طائلة للاستمرار أبنائنا بالدراسة.
ويزداد الحال صعوبة، كلّما زاد عدد الأبناء في المرحلة الثانوية داخل الأسرة الواحدة، فاللاجئ الفلسطيني "أبو محمود" واحد ممن تحدثوا لموقعنا عن معاناته في تأمين مبلغ 98 ألف ليرة، لزوم شراء نسختي كتب لابنه وابنته.
ويقول "أبو محمود" الذي يعمل موظفاً حكومياً براتب شهري محدود، إنّ سعر نسختي الكتب، سيفوق الراتب الشهري الذي يتقاضاه، وسط غياب لتأمين بديل للمبلغ المراد صرفه ثمن كتب، من أجل تدبّر بقية تكاليف الحياة الأساسية، ما سيضعه بموضع طلب الاستدانة من اقاربه وأصدقائه لتلبية بقية المصاريف.
مفاضلة الكتب على مونة المنزل
"أم جهاد" وهي امرأة أرملة وأم لـ 3 أبناء، أكبرهم في الصف الثاني الثانوي، تقول لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّها تخلّت عن توفير مونة الشتاء لهذا الموسم، والكثير من الأساسيات المتعلقّة بالمنزل والمعيشة اليومية، لتوفير مبلغ 54800 ليرة ثمن نسخة كتب لابنها.
وتؤكّد "أم جهاد" أنّها والعديد من أبناء المخيّم، باتوا فقراء لأقصى حدّ، لعجزهم عن تأمين تكاليف التعليم، أو المفاضلة بين الطعام والكتب.
وتقول: "كيف لي كأم اعيش على المعونات وعلى حسنات الاهل والأقارب والجيران فكيف أن أوفّق بين المدرسة والمونة ومتطلبات الحياة الأخرى، فالأطفال متطلباتهم كثيرة ومتعددة وكل يوم نرى الغلاء وارتفاع الأسعار، فكان الله بعوننا وبعون جميع السكان في المخيم فنحن أصبحنا فقراء الى الحد الأدنى بل أصبحنا لا نقدر على كفاية أنفسنا للطعام فقط."
ضرورة التفات وكالة "أونروا" للواقع الجديد
يحاول أهالي مخيّم درعا، البحث عن بدائل أقل تكلفة، كالتوجّه لأسواق الكتب المستعملة، الّا أنها في الكثير من الأحيان ما تكون تالفة أو بحالة أصابها الكثير من التهتّك. أمّا النسخ المستعملة التي تكون بحالة جيّدة، فلا يكون سعرها أقل بكثير من الجديدة بحسب لاجئين.
ويعتبر اللاجئ "أبو محمود" أنّ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مسؤولية لدعم الأهالي فيما يخص كتب المرحلة الثانوية، ولو أنّ الوكالة تلتزم الطلبة حتّى نهاية المرحلة الإعدادية.
ويقول، إنّ الوكالة ملزمة اليوم لزيادة دعمها المالي ومعوناتها الدوريّة، كي تغطي تكاليف الحياة المستجدة، وتساهم في دفع اللاجئين الفلسطينيين لإكمال تعليمهم، والنظر في متطلبات مرحلة الدراسة الثانوية وتكاليفها.
ولا يطلب "أبو محمود" من الوكالة التكفّل بكامل التكاليف كما تفعل في مدارسها، وإنّما تقديم دعم مالي للأسر التي لديها أبناء في المرحلة الثانوية مع بداية كل عام دراسي، يعينهم على شراء الكتب والمستلزمات الدراسية كالدفاتر والأقلام والحقائب واللبس المخصص، وهي تكاليف تحتاج إلى رواتب إضافيّة لاستيفائها. حسب قوله.
ويضاف ارتفاع أسعار الكتب الثانوية، وتكاليف اكمال الدراسة في هذه المرحلة، إلى جملة من التكاليف التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، مع كل عام دراسي، كارتفاع أسعار الأدوات القرطاسيّة واللباس المدرسي، حيث تفوق تكلفة تجهيز طالب واحد بتلك الاحتياجات مبلغ 60 ألف ليرة، عدا عن أسعار الكتب، وتكاليف المواصلات وسواها، وهي جملة من العوامل باتت تدفع اللاجئين للتفكير بالعزوف عن التعليم، حسبما رصد موقعنا.