الأزمات المعيشية التي يكابدها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان صارت لا تعد ولا تحصى، اشتدت أكثر مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في هذا البلد وانعكاسها على مختلف مجالات الحياة اليومية، ما يجبر اللاجئين الفلسطينيين بكل تصنيفاتهم على التحرك للدفاع على حيواتهم من الانهيار، وهذا بالضبط ما دفع مجموعة من النساء الفلسطينيات اللاجئات في مخيم برج البراجنة إلى إنشاء تجمع حمل عنوان "نساء من أجل المخيم" يعرّف عن نفسه بأنه صرخة وجع ناطقة باسم جميع السكان لتحسين الواقع المعيشي داخل المخيم على صعيد البنية التحتية أو الاقتصادية أو التربوية.
قوة ضغط للتغيير
تشكل الإطار كقوة ضغط على المعنيين بشؤون مخيم برج البراجنة كاللجنة الشعبية والفصائل الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لتحسين الخدمات العامة داخل المخيم كالمياه والكهرباء، والتي هي من مسؤولياتهم.
تقول عضو "تجمع نساء من أجل المخيم" فاديا خربيتي: بدأت صرخة نساء مخيم برج البراجنة على خلفية انقطاع المياه عن المخيم لأكثر من عشرة أيام، حينها تم طرح الموضوع على مجموعات الواتساب وخرجت الناس إلى الشارع، واجتمعت مع اللجنة الشعبية التابعة للمخيم وأبدوا احتجاجهم على الأزمة.
بعد هذا التحرك قررت مجموعة من النساء اللواتي نزلن إلى الشارع للاحتجاج تفعيل تجمع نسوي يوصل الصوت عالياً حول المشكلات التي يعاني منها المخيم، فطرحن مواضيع تربوية ومعيشية كأزمة المياه والكهرباء وغيرها.
تشير الخربيتي إلى أن أي تجمع إذا كان يحاكي وضعاً معيشياً معيناً في هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة مهم جداً لتحسين الواقع المرير الذي يعيشه أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان ككل.
تمكن هذا التجمع في وقت قصير من حلحلة أزمة انقطاع المياه في المخيم حيث تم العمل على تأمين المولد الكهربائي لضخ المياه، بالتالي لعبت نساء المخيم دوراً محورياً في تشكيل قوة ضغط لعودة المياه إليه، بحسب خربيتي التي تؤكد أن المرأة الفلسطينية عبر التاريخ لعبت دوراً فعالاً في تحسين الحياة العامة في فلسطين وأماكن اللجوء، وتحاول دائماً النهوض بالوضع المعيشي لا سيما في مخيمات الشتات في لبنان، خاصة خلال الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان خلال العامين الماضيين، وبالتالي المرأة الفلسطينية هي عنصر فاعل في تحسين واقع عائلتها وأبناء مخيمها نحو الأفضل.
وتضيف: بالنسبة للمرأة الفلسطينية التي تعتبر أن لا دور لها، يجب العمل على تعزيز الثقة بالنفس لديها ودفعها نحو صنع التغيير ولعب الدور المناسب لها.
حراك متواصل
وبعد إعلان وزارة الصحة اللبنانية تسجيل حالات إصابة بمرض الكوليرا في البلاد، بدأ تجمع "نساء من أجل المخيم" القيام بحملات توعية حول خطورة المرض وكيفية تفادي الإصابة به، من خلال النظافة اليومية والتعقيم، ومطالبة وكالة "أونروا" واللجان الشعبية بتأمين المعقمات لتفادي وقوع إصابات داخل المخيمات.
كما ناقش التجمع مع مديرة التربية في وكالة "أونروا"، نهى حمود، أزمة اكتظاظ الطلاب في صفوف مدارس الوكالة وعدم فتح صفوف جديدة والنقص الكبير في عدد المعلمين.
تؤكد تمام عبد اللطيف، عضو تجمع "نساء من أجل المخيم" لـبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن "التجمع تأسس بشكل عفوي، لكن مع تزايد المشكلات داخل مخيم برج البراجنة هنا صارت الحاجة ضرورية لتفعيل عمل هذا التجمع ليشكل قوة ضغط على اللجنة الشعبية والمعنيين لحلحلة أزمات المخيم".
وتعتبر أن أهم ما في عملية التأسيس أن التجمع لا يتبع لأي فصيل فلسطيني على الإطلاق، بل هو صوت نسائي شعبي يرفع ضد أي جهة تتهاون في حقوق أهالي مخيم برج البراجنة المعيشية.