لاقت الطريقة التي اقتحم بها الجيش اللبناني مخيّم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان صباح اليوم الثلاثاء 25 تشرين الأول/ أكتوبر، حالة استنكار أهلي فلسطيني وحقوقي وسياسي واسعة، وصفت بأنها غير متناسبة مع مخيّم منزوع السلاح ويخضع لسيطرة الجيش منذ عام 2007.
وفي توضيح له للعملية التي شنّها في المخيّم، أعلن الجيش اللبناني، في بيان له، قيام " قوة من الجيش بدعم من القوات الجوية والبحرية عمليات دهم في مخيم نهر البارد، وأوقفت 9 مطلوبين بموجب عدة مذكرات توقيف بجرائم ترويج المخدرات وإطلاق النار والقتل."
وأشار إلى ضبط قواته "أسلحة حربية وعدداً من المماشط وكمية من الذخيرة وسُلمت المضبوطات وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص"
المخيم منزوع السلاح ويخضع لسيطرة الجيش
واستهجنت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان "شاهد" ما وصفتها بـ "المداهمات غير المتناسبة التي قامت بها وحدات من الجيش اللبناني مدعومة بعدد من الآليات والمدرعات وكذلك الطائرات المروحية والزوارق البحرية لعدد من أحياء مخيم نهر البارد فجراً وما تسببه ذلك من ترويع للأطفال والنساء والشيوخ وهم نيام وما رافق ذلك من عنف وتكسير لبعض محتويات المنازل بهدف البحث عن مطلوبين للأجهزة الأمنية، بحسب إفادات متواترة."
وقالت المؤسسة في بيان لها: إن "الجيش اللبناني يعتبر مخيم نهر البارد منطقة عسكرية منذ العام 2007 وهو مخيم منزوع السلاح وتستطيع وحداته العسكرية الوصول إلى أي منزل بسهولة، فضلاً عن وجود آليات تنسيق وتعاون بين قيادة الجيش في منطقة الشمال واللجنة الشعبية في المخيم لتبليغ المطلوبين للأجهزة الأمنية أو القضاء وفي متابعة القضايا الحياتية لأهالي المخيم عموماً ولاستكمال إعادة إعمار المخيم القديم."
وتساءلت "شاهد" عن سبب هذا الإجراء غير المناسب الآن، وقالت: إنّ المداهمات "تجاوزت في إجراءاتها طبيعة الهدف التي نفذت من أجله وهو اعتقال مطلوبين متهمين بقضايا مختلفة وسببت قلقاً وهلعاً وسط أهالي المخيم العزل كما تسببت بحالة من السخط العارم دفعت فعاليات المخيم إلى إعلان الإضراب العام وإغلاق المدارس أمام سبعة آلاف طفل فضلاً عن إغلاق المراكز الصحية التابعة للأونروا ولجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والمراكز الصحية الأخرى."
وأكّدت "شاهد" أنّ اعتقال أي مطلوب للعدالة يصب في مصلحة المخيّم، وطالبت بذات الوقت قيادة الجيش اللبناني بضرورة "أنسنة الإجراءات المتخذة على مداخل ومحيط مخيم نهر البارد، وكذلك ضرورة استبدال المداهمات اغير المناسبة بإجراءات عادلة تحقق هدف الجيش باعتقال المطلوبين من جهة والحفاظ على كرامة الأهالي في المخيم من جهة أخرى."
وفي إطار ردود الفعل الشعبية، نفذت مجموعة من النساء الفلسطينيات اللاجئات في مخيم برج البراجنة، وقفة وسط المخيم، احتجاجاً على طريقة اقتحام الجيش اللبناني صباح اليوم لمخيم نهر البارد، وترويعه النساء والشيوخ والأطفال، بحسب المعتصمات.
ورفعت النسوة المشاركات، يافطات نددت طريقة اقتحام المخيّم، التي استخدم فيها الطيران والزوارق الحربية وعدد كبير من الملالات، ما ادّى إلى ترويع الأهالي.
وتواصلت ردود الفعل في مخيم نهر البارد على طريقة الاقتحام، فيما واصل عدد من أهالي المخيّم إغلاق الطريق العام، تنديداً بـ "عملية الاستعراض والترويع" كما وصفها شهود عيان، والتي قام خلالها الجيش اللبناني بمداهمة منازل وتخريب محتوياتها، والاعتداء لفظياً على النساء.
وأدان أمين سر الفصائل الفلسطينية في الشمال، أبو فراس ميعاري، أسلوب المداهمات، واعتبر أنّ توقيته يثير عدّة تساؤلات، وخصوصاً أنّ المخيّم يعيش حالة من الأمن والاستقرار ويخضع بالكامل تحت سيطرة الأجهزة الأمنية اللبنانية.
وفي تجمّع شعبي في المخيّم، عبّر ميعاري عم رفض أهالي المخيّم واستنكارهم لـ "طريقة المداهمة، وأن يعامل المخيّم كمنطقة إرهابية خارجة عن القانون".
وأكّد رفض أهالي المخيّم لكل إنسان مسيء وخارج عن القانون، ولكن على قاعدة رفض الاعتداء على النساء والأطفال والشيوخ.
واستفاق أهالي المخيّم على صوت الزوارق الحربية والطائرات التي حلّقت على علو منخفض، والملّالات التابعة للجيش اللبناني، الذي دخل المخيّم في عملية اقتحامية مفاجئة فجراً، فيما صعد عناصر الجيش إلى الأبنية السكنية واقتحموا عدداً من المنازل.
وأثارت عملية الاقتحام غضب الأهالي، الذين اعتبروها انتهاكاً لكرامة المخيّم، واستقواء على اللاجئين الفلسطينيين.
وأعلنت الفصائل الإضراب العام والشامل في المخيم، رفضاَ لأسلوب التعاطي من قبل الجيش اللبناني مع أبناء الشعب الفلسطيني في المخيّم. وأكّد على "متابعة الأمر مع المرجعيات اللبنانية والفلسطينية لوضع حدّ لهذه التجاوزات."