فلسطين المحتلة-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
منذ تبنّي مجلس الأمن الدولي قرار (2334) الذي يحث على وضع نهاية للاستيطان في الضفة المحتلة والقدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء مستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967، وتولّي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الإدارة الأمريكية، يستمر الكيان الصهيوني بالمصادقة والإعلان عن مشاريع بآلاف الوحدات الاستيطانية في الأراضي المحتلة وتوسيع المستوطنات القائمة.
وانتهى اجتماع مجلس الأمن الذي عُقد الأربعاء 25 كانون الثاني لمناقشة انتهاك دولة الاحتلال للقرار (2334)، دون أي إدانة أو الخروج بتوصيات.
واستمع أعضاء الدول الـ15 في مجلس الأمن إلى تقرير من المبعوث الأممي للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، حول مصادقة حكومة الاحتلال على بناء (2500) وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ولم تقترح أي دولة عضو في مجلس الأمن أي تدابير ضد القرار، خلال الاجتماع المغلق الذي دعت له بوليفيا، بينما طالبت السويد بإدانة قرار الاحتلال.
المراقب الدائم لدولة فلسطين يبعث ثلاث رسائل
في أعقاب ذلك، شدّد المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، في ثلاث رسائل متطابقة أرسلها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن "السويد" ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة عدم السماح لدولة الاحتلال أن تتحدّى إرادة المجتمع الدولي وتحديداً مجلس الأمن، من دون عواقب.
وأدان استمرار دولة الاحتلال في بناء وتوسيع المستوطنات غير القانونية على الأراضي الفلسطينية في الضفة المحتلة والقدس الشرقية، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
مضيفاً أن دولة الاحتلال بذلك ترسل رسالة واضحة على أنها عازمة على مواصلة تحدّي إرادة المجتمع الدولي بغطرسة وبقوة وانتهاكاتها للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك القانون الجنائي الدولي كما ورد في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك تحدي قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الأخير (2334).
مجلس السفراء العرب يعتمد خطّة تحرّك لتنفيذ قرار (2334)
هذا واعتمد مجلس السفراء العرب في نيويورك، خطة تحرّك لتنفيذ القرار (2334) واحترام قرارات الشرعيّة الدولية، خلال الاجتماع المطوّل الذي عقدته المجموعة العربية في الأمم المتحدة بنيويورك، الجمعة 27 كانون الثاني، برئاسة السعودية، وبناءً على طلب فلسطين لنقاش تحركاتها بشأن قرار (2334) الخاص بالاستيطان، ونيّة الإدارة الأمريكية الجديدة نقل السفارة إلى القدس المحتلة وآلية التعامل بهذا الصدد.
السفير منصور تحدّث حول آخر التطورات الميدانية عقب اتخاذ قرار مجلس الأمن المتعلق بالاستيطان، مشيراً إلى أن هناك مجموعة من التحديات التي تواجهها المجموعة العربية في نيويورك، والمنظومة الدولية برمّتها، سيّما تلك الدول التي صوّتت إلى جانب هذا القرار، تتمثّل بالمواقف العدائية المُعلنة من حكومة الاحتلال ضد الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومعاقبتها بقطع المساعدات عنها، إلى جانب مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة والمنحازة بشكل واضح إلى جانب الاحتلال.
وارتأى منصور أن على مجلس الأمن تحمل مسؤولياته بهذا الصدد، بإصدار تقارير تتحدّث عن خطوات عملية لتنفيذ القرار (2334) عملاً بالولاية المناطة به من قِبل هذا القرار، لا أن يُصدر تقارير سرديّة تتحدّث عن إحصائيات حول التوسع الاستيطاني، بل تقرير يتضمّن توصيات وآليات لتنفيذ القرار، يكون له دور حقيقي بإلزام الاحتلال بالتنفيذ والالتزام.
في هذا السياق، أكد منصور ضرورة أن يكون للترويكا العربية دوراً محورياً في التأثير على شكل القرار ووظيفته، وضرورة التشبّث بلغة القرار التي دعت إلى التفريق بين دولة الاحتلال والأراضي المقامة عليها وبين الأراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، دعا أيضاً إلى استثمار علاقات بعض الدول العربية والدول الصديقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة لجهة الضغط عليها بعدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
مضيفاً أن هذا التشديد يجب أن يكون حاضراً في جميع اللقاءات مع دول العالم، سيما ممثليها في الأمم المتحدة وأن يتم حثّهم على ربط بياناتهم وخطاباتهم بشأن الاستيطان بالقرار (2334).
ودعا منصور المجموعة العربية إلى الإسراع بطلب عقد لقاء مع السفيرة الأمريكية الجديدة لدى الأمم المتحدة، مشيراً إلى أنه طلب من البعثة الدائمة للولايات المتحدة العمل على ترتيب لقاء معها في أقرب فرصة، مؤكداً على أن جميع من التقاهم من الأوروبيين والعرب متفقون وملتزمون على عدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وطالبهم بضرورة أن ينعكس ذلك بشكلٍ واضح وصريح في بيانات دولهم، سيّما اجتماع الاتحاد الأوروبي بداية شباط المقبل.
ولاقى طرح سفير دولة فلسطين تأييداً بشكلٍ مطلق من قِبل السفراء العرب خلال الاجتماع. من جهتها أكدت المندوبة الدائمة للأردن لدى الأمم المتحدة سيما بحوث على أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس سيؤدي إلى خلق مشاكل كبرى في المنطقة، مشددةً على أن هذه المسألة ستكون على جدول أعمال الملك عبد الله الثاني أثناء لقائه ترامب ومجموعة من أعضاء إدارته، إلى جانب لقاءاته المرتقبة مع أعضاء في "الكونغرس" الأمريكي خلال الأيام المقبلة.
وأشارت إلى أن التعاون والتواصل في هذا الشأن مع الفلسطينيين مستمر ومتواصل، وسيكون هذا الموضوع على سُلّم أولويات القمة العربية آذار المقبل في العاصمة الأردنيّة عمّان.
إدانة حركة عدم الانحياز للأنشطة الاستيطانية
في سياق متصل، أدانت حركة عدم الانحياز بشدة، القرارات الاستفزازية الأخيرة من جانب دولة الاحتلال المتمثلة بالمضي قدماً بأنشطتها الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وانتهاك مباشر ومتعمد لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن بشأن الاستيطان.
جاء ذلك في بيان أصدره المكتب التنسيقي لحركة عدم الانحياز، حول أنشطة الاستيطان "الإسرائيلية" غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة، أعرب فيه عن قلق الحركة البالغ إزاء التطورات الأخيرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، لا سيما استمرار وتصعيد السياسات والتدابير غير القانونية من جانب الاحتلال، الهادفة إلى توسيع حملتها الاستيطانية غير القانونية ومواصلة ترسيخ احتلالها للأرض الفلسطينية لنصف قرن وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
وأعرب البيان عن استنكار الحركة الشديد لمثل هذا الازدراء الصارخ من جانب دولة الاحتلال لقرار مجلس الأمن، وبناء المستوطنات والجدار والبنى التحتية الأخرى ذات الصلة، وفرض نقاط التفتيش وهدم المنازل والتهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين، مطالباً الاحتلال بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بشكلٍ فوري وكامل، وإلى الاحترام التام لجميع التزاماتها القانونية، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة.
وأكدت أن جميع هذه التدابير غير القانونية وأحادية الجانب من قبل إسرائيل لاغية وباطلة وليس لها شرعية قانونية ولن يُعترف بها، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، ودعت الدول الأعضاء في الحركة وجميع الدول إلى احترام التزاماتها القانونية في هذا الصدد وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، داعيةً مجلس الأمن للاضطلاع بمهامه وبذل الجهود اللازمة لتنفيذ جميع قراراته ومساءلة الاحتلال عن أفعاله المتعمدة وانتهاكاته للقانون الدولي.
وذكر البيان أن القمة الـ17 لحركة عدم الانحياز التي عقدت في جزيرة مارغريتا بفنزويلا أعلنت عام 2017 سنة دولية لإنهاء الاحتلال لفلسطين.
وحثّ البيان جميع الدول الأعضاء في الحركة على الانخراط بفعالية في الجهود الرامية إلى تحقيق هذه الغاية وإعادة تأكيد تضامنها ودعمها للشعب الفلسطيني، من أجل تحقيق تطلعاته الوطنية المشروعة وحقوقه غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير والحرية في دولة فلسطين المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لمحنة اللاجئين الفلسطينيين وفقا للقرار (194).
المشاريع الاستيطانيّة منذ تولّي ترامب الإدارة الأمريكية
في تقرير صادر عن "المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان" التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، السبت 28 كانون الثاني، فإنه بعد يومين على تنصيب ترامب، أعلن الاحتلال عن خطط لبناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، فيما أبلغ نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني، كبارة وزرائه أنه سيرفع القيود على البناء الاستيطاني في جميع مناطق الضفة المحتلة والقدس الشرقية.
حسب التقرير، فإن لجنة "التنظيم والبناء" في بلدية الاحتلال بالقدس المحتلة، صادقت منذ تسلّم دونالد ترامب الرئاسة، على (566) وحدة استيطانية في عدد من المستوطنات المقامة على أراضي للفلسطينيين شرقي الخط الأخضر، كما صادق نتنياهو، ووزير الجيش الصهيوني أفيغدور ليبرمان، على بناء (2500) وحدة استيطانية في مستوطنات بالضفة المحتلة، وعلى تسويق أراضي لبناء (909) وحدات إسكان فوراً، ودفع إجراءات التخطيط في لجان التنظيم لبناء (1642) وحدة أخرى.
وأوضح التقرير أن أبرز هذه المخططات، بناء (2600) وحدة سكنية للمستوطنين شرقي بلدة بيت صفافا، بهدف خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات وربطها بالقدس وفرض وقائع على الأرض تحول دون تقسيم المدينة مستقبلاً في حال تم التوصل لأي تسوية سياسية ما بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية.
بالإضافة إلى مخطط آخر تم تجميده سابقاً، يتمثّل في بناء (1100) وحدة سكنية ووحدات سياحية في الحي الاستيطاني "جفعات همطوس"، وسيعمل هذا المشروع على التواصل الجغرافي بين مستوطنة "معاليه أدوميم" والقدس، في جبل أبو غنيم سيتم بناء (1500) وحدة سكنية في مستوطنة "هار حوما."
شرق القدس المحتلة، يتحرّك مخطط يضم (3700) وحدة استيطانية و(2100) شقة فندقية وسياحية.
وشرق الخط الأخضر المتاخم للقدس المحتلة، تعتزم الإدارة المدنية الصهيونية، تحريك المخطط الذي تم إيداعه لديها عام 2012 ويضم (3426) وحدة استيطانية على حساب الوجود لبدو فلسطين بالمكان، وشق شارع استيطاني متاخم لجدار الفصل العنصري بمساره بالقرب من رأس العامود ليتم ربطه بالحي الاستيطاني "كدمات تسيون."
كما كشف التقرير عن مخطط صهيوني لإقامة مستوطنة جديدة فوق مطار القدس المقام على أراضي قرية قلنديا شمالي القدس المحتلة، بهدف توسيع المنطقة الصناعية "عطروت" في مطار القدس، وسيفصل بالكامل مدينة القدس عن مخيم قلنديا للاجئين، وكفر عقب وعن مدينة رام الله، ويقضي نهائياً على مطار القدس بالبناء على أجزاء منه وأطرافه، والعمل على ابتلاع مساحات واسعة شمالي المدينة المحتلة.
حسب التقرير فإن هذا المشروع الاستيطاني يبدأ بإقامة ثمانية آلاف وحدة استيطانية، تخصّص للتيار "الحريدي" الديني، بالإضافة إلى منطقة صناعية وتجارية تقابل الحي الاستيطاني الذي سيلتهم مساحة واسعة من المطار.
واعتبر "المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان" قرارات الاستيطان الأخيرة وإقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، خضوع لابتزازات المستوطنين ولأصحاب فكر ضمّ الضفة الغربية في الحكومة اليمينيّة، وتشكل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي ولقرار مجلس الأمن المتعلّق بالاستيطان.