تعاني عشرات العائلات الفلسطينية في سوريا، أوضاعاً قانونية غير مستقرّة، نظراً لعدم امتلاكها أوراقاً ثبوتيّة (بطاقة إقامة مؤقتة للاجئين الفلسطينيين) ما ينعكس سلباً على تلقيهم الخدمات الاجتماعية، ويرتّب عليهم متاعب معيشية وأمنية كبيرة.
وجلّ هؤلاء الفلسطينيون الذين يصنفون أنفسهم بـ "مكتومي القيد" هم من اللاجئين الذين هجّروا من فلسطين في عام نكسة حزيران 1967 سواء من أبناء قطاع غزّة الذين يحملون جواز سفر السلطة أو وثائق سفر مصريّة، أو أبناء الضفّة الغربيّة الذين هجّروا من الأردن إبان "أيلول الأسود" عام 1970، دون وجود إحصائيّة رسمية توثّق أعدادهم، إلّا أنّ نسبة كبيرة منهم تتركز في مدينة درعا ومخيّمها.
مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين في درعا، أفاد بأنّ نحو 60 عائلة من هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين مكتومي القيد، يقيمون في درعا ومخيّمها، ويعانون في إتمام معاملاتهم القانونية وخصوصاً في المدارس أو الجامعات، وكذلك خلال تنقلاتهم عبر المناطق السوريّة والعبور من الحواجز الأمنية، والحصول على خدمات البطاقة الذكيّة، التي تصرف بموجبها الحكومة بعض المواد الغذائية المدعومة.
إخراج قيد محدد بـ 3 أشهر يرتب عليهم متاعب على الحواجز الأمنية
أحد اللاجئين من أبناء قطاع غزّة مقيم في درعا، يشرح المعاناة التي يتعرض لها، ويقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ حياتهم في سوريا تسير من خلال إخراج قيد صادر عن سفارة السلطة الفلسطينية في دمشق، وهو مجرد مستند إثبات شخصية لا يوفر لهم أيّاً من الحقوق المدنية المتاحة للاجئ الفلسطيني في سوريا، سواء العمل أو التوظيف والحصول على الخدمات.
ويشير إلى أنّ حَمَلةهذا القيد يتعرضون لمضايقات عند الحواجز الأمنية المنتشرة بين المدن في سوريا، حيث يجري توقيفهم لساعات طويلة، بينما تحدد صلاحية إخراج القيد بـ 3 أشهر، وهو ما يرتب عليهم معاناة في تجديده عبر الذهاب إلى دمشق وتكبّد التكاليف، فالحواجز الأمنية تدقق على صلاحية المستند. حسبما يؤكد.
ويضيف اللاجئ الفلسطينيي الذي تحفظ عن ذكر اسمه بسبب تخوفات أمنية: أنّ تكاليف إصدار القيد كل 3 أشهر، عملية مرهقة مادياً، حيث تتطلّب تكبد مصاريف الصور الشخصية لكل فرد من أفراد العائلة بتكلفة 7 آلاف ليرة سورية، علماً أنّ أغلب تلك العائلات من ذوي الدخل المحدود جداً واغلبهم يعمل كعامل يومي إن توفّر العمل.
وتمتد معاناة الفلسطينيين "مكتومي القيد" معيشياً، حسبما يشير اللاجئ الفلسطيني، نظراً لعدم شملهم ضمن خدمات "البطاقة الذكية" التي تتيح لهم شراء المحروقات والمواد التموينية عن طريق الحكومة السورية بسعر مدعوم.
ويوضح أن هناك فرقاً شاسعاً في الأسعار بين المحروقات والمواد الغذائيّة المدعومة حكومياً وتلك التي يضطر لشرائها بسعر "حر"، حيث إنّ ثمن المازوت المخصص عبر البطاقة الذكية للتر الواحد يبلغ 550 ليرة، بينما يبلغ في السوق الحرّ من 7 إلى 10 الاف ليرة سوريّة، فيما يبلغ ثمن تبديل اسطوانة الغاز عبر "البطاقة الذكية" 11500 ليرة سوريّة، بينما في السوق الحر او السوداء بين 125_135 ألف ليرة سوريّة، علماً أنّ البطاقة تتيح لكل عائلة 50 لتراً من المازوت بالسعر المدعّم وجرّة غاز واحدة شهرياً.
وعود كثيرة أطلقتها "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" لتلك الشريحة دون جدوى
كما تنسحب فوارق الأسعار على المواد الغذائيّة الأساسية، حيث أنّ ثمن الكيلو غرام الواحد من الأرز يبلغ ألف ليرة بالسعر المدعّم، بينما خارج "البطاقة الذكية" فيبلغ بين 4 إلى 5 آلاف ليرة، وكذلك الخبز الذي يصرف حصراً عبر البطاقة الذكية، بحسب أفراد العائلة بمبلغ 500 ليرة لـ 12 رغيفاً، بينما يبلغ سعر ربطة الخبر غير المدعوم 2500 ليرة سورية.
الجدير بالذكر، أنّ وعوداً كثيرة أطلقتها "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" لتلك الشريحة، بدمجها ضمن الحالة القانونية التي تعرف بـ "الفلسطينية السورية" عبر منحهم بطاقة الهوية الخاصّة، التي تساويهم بالمواطنين السوريين بما يخص الخدمات الاجتماعية.
وكانت الهيئة، قد عممت في شباط/ فبراير الفائت، على اللاجئين الفلسطينيين من أصحاب الوثائق الصادرة من قطاع غزّة والضفّة الغربية والأردن، والمقيمين في محافظة درعا، لتسجيل أسمائهم لدى شعبة "حزب البعث" من أجل الحصول على بطاقة هوية خاصة باللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين في درعا، يوضح أنّ معظم تلك الدعوات، لم تثمر عن شيء حتّى تاريخه، مشيراً إلى أنّ الدعوة الأولى صدرت في كانون الثاني/ يناير 2022، من أجل حل مسألة الحصول على الخبز، ولكن دون جدوى، حيث ما تزال العائلات محرومة من الخبز المدعّم.
وعانت هذه الشريحة من اللاجئين، من ويلات مضافة خلال فترة الحرب والتهجير، حيث أغلقت في وجوههم أبواب اللجوء إلى الدول المجاورة.
وكان بوابة اللاجئين الفلسطينيين قد أضاء على إحدى الحالات، وتعود لعائلة اضطرت للنزوح، الّا أنها لم تجد مخرجاً لها، بعد رفض السلطات الأردنية إدخالها، فيما دُّمِرَ منزلُ العائلة في ريف دمشق، ولم يعد لهم مكاناً ليعودوا إليه، وخصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعانون منها، وسط حرمانهم من حقوقهم بالعمل نظراً لفقدانهم الأوراق الثبوتية.