حملات صهيونية حثيثة، تقودها المنظمات الصهيونية والداعمة للكيان الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، وتهدف إلى "تجريم تدريس قضية فلسطين" في الحقول الأكاديمية الغربية، بحسب الأكاديمية الفلسطينية الدكتورة رباب عبد الهادي.
وآخر فصول تلك الحملة، ما تعرضت له الدكتورة عبد الهادي من حملة ممنهجة، طالبت بفصلها من عملها، وذلك من خلال تقديم شكاوى رسمية بحقها، وبتواطؤ من قبل إدارة جامعة "سان فرانسيسكو" حيث تعمل عبد الهادي، والتي كلّفت مجموعات لدعم الصهيونية، بإعداد " التقرير التقييمي."
وادعى التقرير، أنّ الطلاب اليهود يشعرون بعدم الارتياح" تجاه الأنشطة المعادية لـ “إسرائيل"، بل امتدّ لتقديم توصيات، لتلك المجمعات بشأن نيتها إغلاق البرنامج الذي بادرت به وأسسته، الأستاذة الفلسطينية بهدف فصلها من عملها.
- في حوار مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين أوضحت الدكتورة رباب عبد الهادي، خلفيات الحملة الصهيونية التي تتعرض لها، وأكدت انها حملة قديمة متجددة، تهدف إلى " تجريم تدريس قضية فلسطين في الجامعات، وتشريع الصهيونية كحركة لتقرير المصير" وتستخدم أساليب بيروقراطية لا تختلف عن تلك التي تمارسها أنظمة ومؤسسات قمعية لفرض سلطتها وإرادتها ضد من تعتبرهم مشاغبين ومشاغبات من الضروري سحقهم لتعليم الدروس للآخرين حتى لا يجرؤ على تحدي السلطة بالمستقبل.
كما تصب الحملات، في إطار وقف البرنامج الأكاديمي لدراسات الجاليات العربية والمسلمة في المهجر AMEDالذي أسسته د. عبد الهادي وتديره منذ بداية عملها في هذه الجامعة كبيره الباحثين والباحثات، وتدريس فلسطين وشمولية العدالة، علماً أنهما برنامجان، أكاديميان يقعان في صميم المؤسسة الأكاديمية، حسبما أشارت البروفيسورة الفلسطينية.
حملات متواصلة منذ 10 سنوات وتهديدات بالقتل
وقالت الدكتورة رباب عبد الهادي: إنّ الحملة المتواصلة تطالها منذ أكثر من 10 سنوات، وتحديداً منذ عام 2013 عندما قدمت طلبا رسميا باعتماد برنامج AMED كتخصص أكاديمي. ومن ضمن الملاحقات التي تعرضت لها، تضمنت تهديدات بالقتل عبر رسائل صوتية تُركت في على آلة تسجيل الهاتف بمكتبها بجامعة "سان فرانسيسكو" ورسائل بريدية وصلت نسخ منها إلى رئيسة الجامعة.
شملت الحملة، ملصقات تشهيرية، ضدها وزملائها، في 10 جامعات أخرى، عبر نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للدكتورة عبد الهادي في 26 موقعاً في أروقة الجامعة، إلى جانب رفع قضية ضدها وضد الجامعة بالمحاكم الفيدرالية
كما شملت الحملة، ملصقات تشهيرية، ضدها وزملائها، في 10 جامعات أخرى، عبر نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للدكتورة عبد الهادي في 26 موقعاً في أروقة الجامعة، إلى جانب رفع قضية ضدها وضد الجامعة بالمحاكم الفيدرالية، تدعي أن عبد الهادي "تساهم في دعم الإرهاب ومعاداة السامية، وتوجيه العنف واللاسامية" للأطر الطلابية التي ترعاها، كأستاذة استشارية، كالاتحاد العام لطلبة فلسطين، وجمعية الطلبة المسلمين وجمعية الطالبات المسلمات.
ووصل مدى تواطؤ إدارة جامعة "سان فرانسيسكو" مع المجموعات الصهيونية، إلى حدَّ إلغاء صفوف التدريس الأكاديمية الفلسطينية، والمحاضرين في برنامج AMED خلال جائحة "كورونا."
وقالت الدكتورة عبد الهادي: إنّ حجم التعاون ضدها بلغ حدّ القبول بقرار شركة "زوم" ومؤسسات "السوشيال ميديا" الأخرى كـ "فيسبوك وجوجل" لإلغاء أحد الصفوف المفتوحة، التي قامت بها مع زميلتها الدكتورة "تمومي كينوكاوا" لاستضافة المناضلة الفلسطينية ليلى خالد والمناضل "روني كسريل" من جنوب إفريقيا، والمناضلة اليهودية المعادية للصهيونية "لورا وايتهورن"، والمناضل من جذور إفريقية "سيكو اودينغا". اضافة الى مديرة معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت الأستاذة رولا أبو دحو.
وأشارت عبد الهادي، إلى تعاون بين اليمين المتطرف والمنظمات المسيحية الصهيونية في أمريكا لمطالبة الحكومة الأمريكية والمدعي العام في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، بالتحقيق في شكوى تقدمت بها ضدها وضد الدكتور "كينوكاوا"، بتهمة " الدعم المادي للإرهاب" فضلاً عن تهديد عميدة الجامعة الأكاديمية لهم بالسجن ورفض توكيل محامين للدفاع عنهم في هذه الفترة التي تصاعد بها العنف والخطاب العنصري.
المواجهة بالصمود وحشد الدعم
وأكدت الدكتورة رباب عبد الهادي على أهمية الصمود ومواجهة الحملات الصهيونية، في المعارك التي يخوضها الفلسطينيون في الميدان الأكاديمي في الغرب، لمواجهة الاحتلال وحملاته التي تستهدف الوجود والقضية الفلسطينية. موضحة أنّ القضية الأساسية تكمن في وجوب “الصمود والمقاومة" في كل الساحات، بما فيها الأكاديمية، رغم كل تبعات وعواقب تلك الحملات، والتي "تؤثر على حياتنا وأمننا وعلى إمكانيتنا لإنتاج المعرفة والنشر، وإمكانية توظيفنا ولقمة عيشنا.
ووضعت الدكتورة عبد الهادي، صمود الأكاديميين الفلسطينيين ومواجهتهم للحملات الصهيونية، في إطار الدفاع عن الحريات الأكاديمية وانتاج المعرفة الملتزم بالعدالة وقضايا تحرر الشعوب قائلة: إنّ جهودنا لتطوير برامج أكاديمية حول القضية الفلسطينية، كجزء لا يتجزأ من مناهج الجامعات الأمريكية المعتمدة رسميا، يزعج المجموعات الصهيونية، وما يزعجها ايضا اننا نصمم هذه البرامج والمساقات برؤية واعية تماما لعلاقتها العضوية بدراسات حركات التحرر الوطني الأخرى ضد الاستعمار الاستيطاني التوسعي الاحلالي. فالصهاينة يحاولون اسكات اصوات الحركات الفلسطينية بكافة الأشكال اينما تواجدت فتصور مدى غضبهم كوننا ندرس أجيال وقيادات المستقبل عبر مناهج معتمدة ورسمية داخل الجامعة. حسبما أضافت.
ونوهّت عبد الهادي بالحشد الداعم لها في وجه المضايقات التي تتصاعد ضدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن إدارة الجامعة، وخصوصاً بعد فوزها بجائزة جمعية دراسات الشرق الأوسط الأميركية "MESA"، مشيرة إلى دعمها من قبل جمعيات ومؤسسات متعددة، وتذكر على سبيل المثال "جمعية الأساتذة الأمريكيين" (AAUP) التي تضم 40 ألف أستاذ، والتي منحتها جائزة هامة عام 2020، وقد رفضت الجمعية الخضوع لحملة منظمة شنتها مؤسسات اللوبي الصهيوني، والتي طالبت بسحب الجائزة منها، وهدد بعضها الجمعية بخسارة تمويل مشروعاتها.
واكّدت الدكتورة عبد الهادي، على نجاعة الصمود بوجه هذه الحملات ورفضها، وكذلك على النتائج الإيجابية من التحركات المضادة للحملات الصهيونية وقالت: "نحن تقدمنا وربحنا بشكل حاسم، 3 شكاوى ضد الجامعة، اثنان منها كانا باسمي وباسم الدكتور "كينوكاوا" حول الحريات الاكاديمية، بخصوص الصف المفتوح (مع ليلى خالد والمناضلين الآخرين) والذي تواطأت إدارة الجامعة مع القوى الصهيونية في اسكاته. وقد صوت أعضاء كلا لجنتي التحكيم المشكلة من هيئة أساتذة الجامعة بالإجماع على ضرورة أن تعتذر الجامعة لنا، وتعقد الصف الذي منعنا منه.
وكانت، الشكوى الثالثة أيضا سابقة لم تحصل في تاريخ الجامعة ونقابة الأساتذة حيث قررت لجنة تحكيم اخرى بالإجماع، بضرورة اعتذار الجامعة للدكتورة رباب لتوظيف أستاذين أو استاذتين عالي الرتبة كما نص عليه عقد العمل الذي وقعته مع الجامعة لدى توظيفها عام 2007. وبهذا فقد رفضت لجنة التحكيم كافة مخططات إدارة الجامعة المتواطئ مع اللوبي الصهيوني، لتقليص البرنامج واستهدافه لأنّه يشرّع تدريس فلسطين في المناهج الأكاديمية.
قول "لا" ضد الظلم واجب من أجل الأجيال الجديدة
تؤكد عبد الهادي على استمرارها بقول "لا" لإدارة جامعة "سان فرانسيسكو" معتبرة ذلك واجباً على كل الأساتذة المتقدمين في مجال التعليم، حتى يكونوا أمثلة قياديه لطلاب الدكتوراه والأساتذة الناشئين في الحقل الأكاديمي.
وعبّرت عبد الهادي عن فخرها، بوقوف الآلاف من الزملاء والزميلات معها في مختلف مجالات الحياة، سواء أكاديميين أو مؤسسات مجتمع مدني أو حقوقيين، مضيفة أنّ الصمود ممكن بل واجب، ولكن يتطلب مقومات تدعمه، فيما يعطي صمود الأكاديميين الفلسطينيين ومواجهتهم لتلك الحملات، نموذجاً للطلبة الفلسطينيين وغير الفلسطينيين الجدد بالجامعات والمنتمين للحق الفلسطيني، حافزاً للمواصلة وكسر الخوف من تلك الحملات الممنهجة.
يذكر، أنّ عشرات الأكاديميين والناشطين والحقوقيين، قد وقعوا على مذكرة تضامنية، مع الدكتورة عبد الهادي، وصفت الحملة ضدها بالتطور الخطير، واعتبرت انها "باتت تتحرك بقوة أكبر مما كانت عليه في الماضي لوقف انتقاد "إسرائيل" وجرائمها في الجامعات من خلال اعتبار ذلك معاداة للسامية" لإسكاتها.
وأكدت المذكرة، أنّ ما تطالب به المجموعات الصهيونية، "بتطبيق الحماية القائمة على الهوية الصهيونية، والتي تشمل حالياً (الحماية القائمة على العرق والهوية الجندرية) يعتبر تمييزاً، وذلك لكون الصهيونية معتقد سياسي وليس هوياتي. وهو موقف يتعارض ايضاً مع التفسيرات القانونية والدستورية الراسخة للتمييز.
وأكّدت المذكرة، على بطلان " التقرير التقييمي" الصادر عن الجامعة، الذي كلفت فيه مجموعات صهيونية، ما جاء بحق الدكتورة عبد الهادي. حيث "احتوى العديد من العيوب المنهجية والإحصائية التي تبطل بشكل كامل التقييم ونتائجه".