الفلسطينيون في سوريا خلال رمضان.. تعويل على المغتربين والمبادرات

الأربعاء 22 مارس 2023
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يكاد يجمع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، على أنّ شهر رمضان للعام 2023 الجاري، يأتي وسط ظروف هي الأسوأ على الإطلاق، من ناحية المعيشية دوناً عن السنوات الـ 12 التي مرّت خلال الازمة السورية وأحداثها.

 "أبو محمد بلاوني" لاجئ فلسطيني في مخيم خان دنون يصف رمضان لهذا العام، بأنه الأقسى على الإطلاق، وسط فقدان العملة السورية قيمتها أمام العملات الأخرى، وانعدام القدرة الشرائية بعد أن بلغ سعر صرف الليرة السورية مستويات قياسية، وشحّ المواد الغذائية الرخيصة في الأسواق.

يقول "بلاوني" لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ الأسواق في سوريا لم تعد تحتوي سلعاً رخيصة، من تلك التي يستطيع أي مواطن شرائها كما في السابق، فلا يوجد شيء مدعوم، وأسعار كافة المواد أعلى من الدخل الشهري للاجئين وغير اللاجئين".

ويضرب اللاجئ مثالاً حول تكلفة طبق "شوربة العدس" وهو من الأطباق الأساسية لديهم في المنزل على الموائد الرمضانية، نظراً لما يعطيه من طاقة وفوائد صحية بعد فترة الصيام، وباتت تكلفته أكثر من 10 آلاف ليرة سورية "في حال توفرت مكوناته" حسب قوله.

ويوضح اللاجئ الفلسطيني: إنّ سعر نصف كيلو العدس صار 5 الاف ليرة سورية، فيما يسجل البصل ارتفاعاً غير مسبوقاً في سعره، وبلغ سعر الكيلو غرام الواحد نحو 6500 ليرة سورية، وهو من المواد الأساسية التي تدخل في تكوين طبق الشوربة.

وتميل أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، إلى انعدام مطلق للأمن الغذائي، نظراً لاعتماد سكان سوريا على المواد الغذائية المدعومة بموجب السياسات الحكومية في سوريا التي عُمل فيها طول عقود.

 الّا أنّ سياسات رفع الدعم التدريجية التي شهدتها البلاد بموجب قرارات صريحة منذ العام 2020، وحصر توزيع المواد المدعومة بموجب " البطاقة الذكية" ولا تكفي لتغطية احتياجات شهر، جرد سكان البلاد من ايّة عوامل للأمان المعيشي، وصارت تحويلات المغتربين المالية تشكل الأساس المعيشي لنسب كبيرة من الاسر ولا سيما من اللاجئين الفلسطينيين.

الحياة في سوريا غير ممكنة، دون تحويلات الأقارب المغتربين

إحدى اللاجئات المهجرات من مخيم اليرموك وتقطن حالياً بمنطقة ركن الدين في دمشق "أم علي شعبان" أكدت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ الحياة في سوريا غير ممكنة، دون تحويلات الأقارب المغتربين، أو مساعدة الجمعيات الاغاثية ووكالة "أونروا" التي دائما ما تتهم بالتقصير.

وأشارت اللاجئة وهي ربة أسرة مكونة من 4 اشخاص، أنّ لولا تحويلات تأتيها من أشقائها المغتربين في أوروبا، لما استطاعت توفير أدنى مقومات الصمود المعيشي، لافتةً إلى أنّ الأسرة المكونة من 4 اشخاص كي تتدبر أكلها وشربها، تحتاج على الأقل لمبلغ مليون ونصف المليون ليرة سوريّة.

تقديرات اللاجئة الفلسطينية للمبلغ المطلوب لتأمين الحد الأدنى معيشياً، أدني بكثير مما حددته دراسات حول متوسط المعيشة في سوريا، ما يشير إلى أنّ تحديد الأهالي لاحتياجاتهم الغذائية متواضعة، نظراً لما تحتاجه متطلبات الاكتفاء.

ونذكر هنا نتائج دراسة نشرها " مركز قاسيون" في دمشق مطلع كانون الثاني/ يناير الجاري، وأشار فيها الى حاجة الاسرة المكونة من 5 افراد الى 4 ملايين ليرة سورية شهرياً.

ولفتت نتائج الدراسة، إلى أنّ ارتفاع متطلبات المعيشة في سوريا شهد قفزة تعدت 12% عما كانت عليه في أيلول/ سبتمبر 2022 الفائت، حيث قفزت من 3 مليون 575 ألف ليرة، إلى 4 ملايين و12 ألف ليرة سورية منذ مطلع العام الجاري.

المبادرات في مواجهة الغلاء وانخفاض مستوى الدخل

ولمواجهة التدهور المعيشي، لا يجد اللاجئون الفلسطينيون سوى المبادرات المحلية التعاضدية التي توفر للعديد من الأسر الفقيرة بعض المتطلبات الرمضانية، فيما يبقى التعويل الأكبر على المغتربين، سواء لدعم أقاربهم واسرهم بشكل مباشر، أو مشاركتهم في دعم المبادرات المحليّة.

وأطلق لاجئون في مخيم خان دنون مبادرة " سلّة رمضان الخير" وتقوم على جمع كميّات من المواد الغذائيّة المتنوعّة، وحث أبناء المخيّم على وضع كميّة قليلة مما عنده من مواد وخضار لصالح المبادرة، بغية توزيعها على العائلات الفقيرة.

والمبادرة، هي تقليد سنوي في المخيم بات معمولاً به منذ العام 2020، بعد ارتفاع معدلات الفقر وسياسات رفع الأسعار، وما خلفته سياسات الاغلاق وتوقف الاعمال جراء جائحة "كورونا" حينذاك. لتصبح مبادرة سنوية خصوصاً خلال شهر رمضان.

الناشط من أبناء المخيم هادي حلاوة، حثّ أهالي المخيم على التفاعل مع المبادرة هذا العام، نظراً لأهميتها في دعم العائلات. مشدداً أن تنظيم المبادرة يقوم على جهود فردية من قبل نشطاء في المخيم. وتقوم على جمع ما يمكن جمعه يومياُ من خضار ومواد غذائية، لتوزيعها على العائلات واعالتهم لتأمين ما يمكن تأمينه على موائدهم خلال شهر رمضان.

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا قد خذلت الفلسطينيين في سوريا، قبل حلول شهر رمضان، حين أغلقت إمكانية تحقيق مطالبهم في توفير دعم مالي وغذائي شهري، يتصدى للحالة المعيشية المتدهورة في البلاد.

وردت الوكالة على مطالب رفعها اللاجئون خلال حملات متعددة، وخلال تحركات احتجاجية في درعا جنوب سوريا، برفع قيمة المعونة الدورية وجعلها شهرية، بالرفض القطعي، وبررت الوكالة ردها السلبي على الطلب، بأنّ "المساعدة النقدية الطارئة التي تقدمها الأونروا تعد الأكبر من حيث عدد الأفراد المشمولين بها، وهذا يتطلب تنسيقاً تشغيلياً كبيراً لضمان تقديم هذه المساعدة بطريقةٍ فعالة."

اللاجئة "أم علي شعبان" علّقت على رد الوكالة، واعتبرت أن معوناتها التي تقدمها للاجئين كل 4 أشهر ولا تتعدى 25 دولاراً، ستكون بعد أشهر أو أسابيع قليلة دون أي قيمة، ولن تشكل بعد ذلك أي عامل دعم معيشي.

وأكدت، أنّ مبلغ 200 ألف ليرة سورية، الذي تحصل عليه العائلات من الوكالة كل دورة توزيعية، لا يمكن ان يغطي ايّ من التكاليف المعيشية لأسبوع واحد، في ظل ارتفاع الأسعار لمعدلات عالية، واستمرار ارتفاع الأسعار بين شهر وآخر، في وقت تبقى فيه معونة الوكالة ثابتة، ما يعني انها ستفقد قيمتها وكأنها غير موجودة خلال الفترة القادمة.

 وبلغت فيه نسب الفقر في صفوف الفلسطينيين في سوريا عتبة 90 % حسبما أشار المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني في تصريحات سابقة، وهو ما يزيد الطلب على الإغاثة. في وقت لا تغطي مداخيل معظم اللاجئين الفلسطينيين، المعيار الدولي للفقر المطلق، حسبما أظهر تقرير سابق نشره "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" والمحدد بـ 1.9 دولار يومياً للفرد، بحسب معايير صندوق النقد الدولي، الموضوعة سنة 2016. علماً أنّ سعر صرف الدولار في سوريا تجاوز عتبة 6 الاف ليرة سورية منذ مطلع 2023 الجاري.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد