لقاء خاص مع بيدرو شربل منسق حركة المقاطعة في أمريكا اللاتينية

الخميس 09 فبراير 2017
لقاء خاص مع بيدرو شربل منسق حركة المقاطعة في أمريكا اللاتينية
لقاء خاص مع بيدرو شربل منسق حركة المقاطعة في أمريكا اللاتينية

البرازيل - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

أجرى اللقاء وترجمه للعربية : أحمد أبو حسنة

 

لم يظن "بيدرو شربل Pedro Charbel” أن رحلته إلى فلسطين في العام 2011، كمراقب دولي في إطار نشاطه السياسي والأكاديمي، ستحدث هذا التغيير النوعي في حياته. فالشاب البرازيلي، الذي لا يزال كل ما فيه يشير إلى أصوله اللبنانية، تحول بعد هذه الزيارة من مناصر للحق الفلسطيني، إلى أحد أركان "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS”، وبات اليوم منسقها العام في أمريكا اللاتينية.

قام "بيدرو شربل"، ورفاقه في حركة المقاطعة، بتأسيس "اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة في أمريكا اللاتينية"، وحققوا العديد من النجاحات، واستطاعوا تكبيد الشركات والمؤسسات "الإسرائيلية" خسائر بملايين الدولارات، وواجهوا العديد من الحملات الموجهة، والتي قاد أبرزها "السفير الإسرائيلي" السابق في البرازيل.

يؤمن "شربل" أن مستقبل حركة المقاطعة في أمان، كونها وصلت إلى "مرحلة انتصار جنوب إفريقيا"، ويرى أن اللاتينيين قادرون على فهم الحق الفلسطيني ومناصرته، كونهم "شركاء نضال واحد" ويتعرضون لـ "القمع" بأدوات السجان ذاته. وبالتالي، فإن طريق خلاصهم واحد، وعدوهم مشترك.

لمعرفة تفاصيل أبرز حملات المقاطعة الناجحة، والاتهامات بـ "معاداة السامية"، ودور حركة المقاطعة في واحدة من أشهر الأزمات الدبلوماسية، بعد رفض البرازيل تعيين مستوطن كسفير لـ "إسرائيل" في البرازيل أجرى موقع بوابة اللاجئين  لقاءً موسّعاً مع شربل.

 

- السيد بيدرو شربل، منسق اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة “BNC "في أمريكا اللاتينية. حدثنا عن تأسيس هذه اللجنة؟

 

في العام 2005، وجهت الغالبية العظمى من مؤسسات المجتمع الفلسطيني، نداءً لأصحاب الضمائر الحية حول العالم للضغط على "إسرائيل"، عبر المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، حتى ترضخ للقانون الدولي، وتحترم حق تقرير المصير للشعب الفلسطينيولحركة المقاطعة BDS  ثلاثة مطالب واضحة: أولها، إنهاء الاحتلال والاستيطان في جميع الأراضي العربية وتفكيك جدار العزل العنصري، وثانيها الاعتراف بالحقوق الأساسية للعرب الفلسطينيين الذين يعيشون في "إسرائيل"، حتى حصولهم على المساواة الكاملة. أما ثالثها، فهو دعم وحماية واحترام حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم وأراضيهم، وفقاً لما هو منصوص عليه في قرار الأمم المتحدة رقم 194.

وقد تم تأسيس اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة BNC في العام 2007، أثناء المؤتمر الفلسطيني الأول للمقاطعة، الذي انعقد في رام الله بعد عامين من إصدار النداء الفلسطيني للمقاطعة.

 وتعتبر هذه اللجنة أوسع تحالف مجتمع مدني يدعم ويوجه حركة المقاطعة. وهنا، في أمريكا اللاتينية، تشكلت اللجنة الوطنية في العام 2015، لبناء الجسور بين أمريكا اللاتينية والتحركات الفلسطينية. ولتنسيق الحملات ودعم المجموعات والناشطين، في نشر وتقوية حركة المقاطعة في منطقتنا.

 

الشركات المرتبطة بالاعتداءات "الإسرائيلية" خسرت صفقات تجارية في الأرجنتين وكولومبيا والبرازيل

بيدرو شربل: انتهى وقت التضامن العاطفي وكلام البلاغة والخطابات منذ وقتٍ طويل

 

- بالنسبة لكم، في اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة في أمريكا اللاتينية، كيف تقيّمون وضع حركة المقاطعة في البرازيل وفي عموم أمريكا اللاتينية اليوم؟

إن حركة المقاطعة في أمريكا اللاتينية تكبر يوماً بعد يوم. الشركات المرتبطة بالاعتداءات "الإسرائيلية" خسرت صفقات تجارية في الأرجنتين وكولومبيا والبرازيل؛ بعد الحملات القوية لحركة المقاطعة. ومئات  الأكاديميين والفنانين في المنطقة، انضموا إلى المقاطعة الثقافية والأكاديمية لـ "إسرائيل". الدعم والمساندة من الطلاب والنقابات والحركات الاجتماعية، مستمر في التنامي بدءاً من تشيلي وحتى كوستاريكا ومن المكسيك حتى الأرغواي (في كل أنحاء أمريكا اللاتينية).

واحد من أهم الأسباب وراء هذه القوة والامكانيات في أمريكا اللاتينية، هو الترابط بين نضال شعوب أمريكا اللاتينية، وكفاح الفلسطينيين في سبيل الحرية والعدالة والمساواة. فالحركات الاجتماعية في أمريكا اللاتينية تفهم أن دعم حركة المقاطعة في سبيل نيل الحقوق الفلسطينية، يعني النضال ضد العسكرة والعنصرية، وضد عنف الشرطة، وضد تجريم الهجرة، وضد خصخصة المياه، والكثير الكثير من الظلم  القائم في دولناإن موقف الحركات الاجتماعية في أمريكا اللاتينية، المطور محلياً، هو موقف معادٍ للنظام "الإسرائيلي" وشركاته، التي تجرّب وتطور منتجاتها في ظل سياسة العزل والاستيطان والاحتلال تجاه الفلسطينيين.

 

- تواجه حركة المقاطعة العديد من المصاعب والكثير من العقبات حول العالم اليوم، أضف إلى ذلك أن البرازيل تعتبر خامس أكبر مشتري للأسلحة "الإسرائيلية" في العالم. ما هي الصعوبات التي تواجهونها هنا في البرازيل؟

بينما كانت الحكومة البرازيلية، في السنوات العشر الأخيرة، تصيغ أجندة دولية لدعم الفلسطينيين، كانت في الواقع تحتل المراتب الأولى في قائمة زبائن الأسلحة "الإسرائيلية". الفلسطينيون أوضحوا أن ما يحتاجونه هو تضامن فعال. وهذا يعني، عدم المشاركة في إعالة نظام الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، وسياسة الفصل العنصري التي يمارسها.

 لقد انتهى وقت التضامن العاطفي وكلام البلاغة والخطابات منذ وقتٍ طويل. وإذا كانت البرازيل ترغب بالوفاء بالتزاماتها تجاه القانون الدولي، فعليها أن تنهي تواطئها مع العدوان الإسرائيلي. حالياً، تشير الحكومة البرازيلية بوضوح إلى وجود نية لزيادة تجريم وقمع الحركات الاجتماعية، ولتجاهل حقوق السود والفقراء والسكان الأصليين في البلاد. ولإنجاز كل ذلك، ليس هنالك شريك أفضل من النظام الإسرائيلي، وأدواته المجرمة. وبالتالي فإن كل كفاحنا في سبيل حقوق الإنسان والعدالة، يواجه تحدياً كبيراً.

 

- صحيح أن الحكومة البرازيلية لديها علاقات مع "إسرائيل" ولكن ماذا عن الشركات البرازيلية أيضاً؟

إن التواطؤ مع الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان ليس على مستوى الحكومة البرازيلية فقط. ولكن الشركات والسلطات المحلية والجامعات والفنانين والأكاديميين متورطون أيضاً. على سبيل المثال، فإن العديد من الجامعات البرازيلية، لديها علاقات شراكة واتفاقيات مع الجامعات الإسرائيلية (مثل الجامعة العبرية). والعديد من الشركات متورطة بشدة في نظام الفصل العنصري الاستيطاني الاستعماري ضد الشعب الفلسطيني، منها على سبيل المثال شركة “Elbit “ (شركة "إسرائيلية" للتقانات العسكرية والأمنية) والتي تقوم بالتعاقد مع شركات "إسرائيلية" أو شركات دولية متورطة في السياسات غير الشرعية التي تمارسها "إسرائيل" مثل شركة “C4S” وشركة “HP”. فهذه الشركات تشارك بشكل غير مباشر في الاعتداءات الإسرائيلية.

الفنانون الذي يقبلون الدعوات لحفلات في "إسرائيل"، أو يقبلون المنح المالية من مؤسسات "إسرائيلية"، هم أيضاً جزء من الجهود "الإسرائيلية" لغسل جرائم "إسرائيل" ولتطبيع نظامها غير القانوني.

الكل لديه الإمكانية ليكون داعماً للنضال الفلسطيني نحو الحرية والمساواة والعدالة، بغض النظر عن من نحن وأين نعيش.

 

-إذاً فرغم كل المعوقات لا زالت هناك العديد من قصص النجاح

صحيح. لقد نجحت العديد من حملات المقاطعة في البرازيل. كان آخرها أن ولاية "باهيا" البرازيلية، ألغت الاتفاق مع شركة المياه "الإسرائيلية" المسماة "ميكوروت  Mekorot”، بعد حملة قوية من قبل الحركات الاجتماعية البرازيلية والفلسطينية؛ لفضح الدور الذي تقوم به هذه الشركة في سياسات الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري في الضفة الغربية. وكذلك فقد خسرت شركة" إلبيتElbit”، والتي تشارك في عمليات بناء الجدار العنصري، وتنتج طيارات بدون طيار، تستخدم ضد الفلسطينيين في غزة، خسرت أكبر صفقة تعاون مع حكومة ولاية "ريو غراندي دو سول" البرازيلية، في العام 2014.

في العام الماضي فقط، فإن أكثر من 200 أكاديمي برازيلي، انضموا لحركة المقاطعة. وكذلك انضمت لحركة المقاطعة، اتحادات تجارية ونقابات عمالية، مثل "كوت CUT”، وهو أكبر اتحاد عمالي في البرازيل. والاتحادات التجارية مثل  اتحاد"CSP-Conlutas "، واتحاد “CTB”، كلها تدعم حركة المقاطعة.

في عموم أمريكا اللاتينية هناك العديد من الحملات الناجحة أيضاً. ففي الأرجنتين، على سبيل المثال، قامت حكومة العاصمة "بيونس آيرس"، بتعليق صفقة قيمتها (170 مليون دولار أمريكي) مع شركة "ميكوروت" نتيجة الحملة القوية التي قامت بها حركة المقاطعة. وفي تشيلي، قام الطلاب من عدة جامعات باستفتاءات وتصويتات، لدعم حركة المقاطعة. وطالبوا جامعاتهم بكسر الروابط مع المؤسسات المتورطة في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. وفي "كولومبيا"، أجبرت حركة المقاطعة القوية، سلسة مطاعم مشهورة على فك عقدها مع شركة “C4S”، التي كانت تقدم خدمات أمنية لهذه المطاعم. فقد كانت شركة “C4S”، في ذلك الوقت ،متورطة بشدة في نظام السجون "الإسرائيلي"، وفي العديد من السياسات الأساسية لدعم الاعتداءات "الإسرائيلية". وبعد أن خسرت العديد من الصفقات حول العالم، قامت “C4S” بالانسحاب من أغلب نشاطاتها في "إسرائيل"، على الرغم من أنها لا تزال تقوم بدور ما في تدريب الشرطة "الإسرائيلية". وسنواصل الضغط على الشركة حتى تقطع كل علاقاتها مع النظام "الإسرائيلي".

- التروبيكاليا Tropicália واحدة من الفنون البرازيلية المعروفة وقد كانت حملة "التروبيكاليا لا تترافق مع الفصل العنصري" واحدة من أقوى حملات المقاطعة التي جذبت الاهتمام. حدثنا عن هذه الحملة.

لقد وجهنا حملة "التروبيكاليا لا تترافق مع الفصل العنصري"، إلى اثنين من أشهر نجوم الموسيقا البرازيليين، وهما "كايتانو فيلوسو Caetano Veloso" و"جيلبيرتو جيل Gilberto Gil"، من أجل أن يلغيا حفلتهما في تل أبيب. وقد وجهت لهما رسائل عديدة، من العديد من ناشطي حقوق الإنسان، كان أبرزهم "روجر وترز Roger Waters" و "ديسموند توتو Desmond Tutu"، وكذلك من العديد من الشخصيات من البرازيل، وشخصيات عالمية، بما فيها أيضاً شخصيات "إسرائيلية". استطاعت الحملة أن تكون محوراً للنقاش العام، مبرزةً أهمية المقاطعة كأداة فعالة للضغط من أجل الحرية والعدالة والمساواة؛ بشكل مشابه لما حصل في وقت نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وقد تصدرت أخبار الحملة عناوين أغلب الصحف البرازيلية لمدة أسبوعين، وجلبت المقاطعة إلى واجهة الأحداث. لقد فضحت الحملة وجهاً خاصاً ومهماً جداً للنظام الإسرائيلي. لقد فضحت استخدامه للثقافة، كأداة لمسح جرائمه.

لم يستجب "فيلوسو" و"جيل" للنداء في ذلك الوقت. ولكن بعد ذلك، كتب "كايتانو فيلوسو" أنه يعتقد بأنه لن يعود لزيارة "إسرائيل" مجدداً، وبأنه عاين على الأرض جميع الحقائق التي يتحدث عنها ناشطو حركة المقاطعة.

 وفي سياق هذه الحملة، تصاعد دعم حركة المقاطعة من قبل الفنانين ومنظمات المجتمع المدني في البرازيل بشكل كبير جداً. وهذا سهّل مهمتنا، في ترسيخ الارتباط بين كفاحنا المستمر في البرازيل، مع النضال الفلسطيني.

-لقد رفضت الحكومة البرازيلية ترشيح "داني دايان" كسفير لحكومة "إسرائيل" في البرازيل كونه واحداً من قيادات الاستيطان في الضفة الغربية. هل كان للّجنة الوطنية للمقاطعة في أمريكا اللاتينية يد في هذا القرار؟

في الحقيقة، فإن معظم انتصارات حركة المقاطعة تعود إلى وجود أنصارها في القواعد الجماهيرية للعديد من الحركات الاجتماعية، وللنشطاء المتواجدين في كل مكان من العالم لدعم النضال الفلسطيني نحو الحرية والعدالة والمساواة. وعندما رفضت البرازيل تعيين "داني دايان"، كونه واحداً من قيادات الاستيطان، لم يكن الأمر مختلفاً. فقوة التضامن مع الشعب الفلسطيني في البرازيل أدت إلى هذه النتيجة. لقد كان هذا الرفض انتصاراً لحركة المقاطعة في المعركة ضد "حصانة إسرائيل من العقوبات على جرائمها"، وانتصاراً في المعركة ضد التورط البرازيلي في دعم هذه الحصانة.

- تقوم "الحكومة الإسرائيلية" باعتبار حركة المقاطعة حركة "معادية للسامية". ما هو ردكم؟

العالم يشهد نمواً متزايداً لحركة المقاطعة، وبالتالي فإن "الحكومة الإسرائيلية" ستقول أي شيء لتحاول إيقافها. إن المعركة ضد حركة المقاطعة هي واحدة من أكبر الدلائل على مقدار فعالية حركة المقاطعة. ونقول، إن حركة المقاطعة هي حركة من أجل الحرية والعدالة والمساواة. إنها حركة تتصدى لكل أشكال العنصرية، بما في ذلك الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية. وهي لا تستهدف الأفراد، بل تستهدف النظام العنصري ومفاصله الأساسية. وكل شخص له الحق في الانتقاد والتظاهر في وجه الأفعال غير العادلة. هذا إلى جانب، أن داعمي حركة المقاطعة هم من جميع أنحاء العالم، ولهم اعتقادات مختلفة، والعديد منهم هم "يهود" لا بل ويهود يتمتعون "بالجنسية الإسرائيلية" أيضاً.

 

- مؤخراً عمل موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مع "الحكومة الإسرائيلية" بشكل مشترك لمراقبة المحتوى على صفحات التواصل الاجتماعي. كيف سيؤثر ذلك على عملكم؟

لقد باءت جميع محاولات "الحكومة الإسرائيلية" لمنع حركة المقاطعة بالفشل، وكل ما استطاعت هذه الجهود فعله هو تقوية حركة المقاطعة وشحذ همتها.

- كيف ترون مستقبل حركة المقاطعة؟

لقد وصلنا إلى "مرحلة انتصار جنوب إفريقيا". إن مستقبل حركة المقاطعة يعد بالمزيد من النضال العالمي والعابر للبلدان، لتشكيل شبكة تضامن تحوّل "إسرائيل" إلى "دولة منبوذة"، كما كانت جنوب إفريقيا. وهذا لن يجعل أمامها خياراً ،سوى احترام القانون الدولي، واحترام الحقوق الإنسانية للفلسطينيين.

 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد