صار من السائد في خطاب الفلسطينيين والمناصرين لحقوقهم توصيف ممارسات الغزو الصهيوني في فلسطين باعتبارها أنماطاً من الفصل والتمييز العنصري، ورغم صحة وأهمية هذا التوصيف لجانب من ممارسات الغزاة وجرائمهم تجاه الفلسطينيين، إلا أن اعتباره توصيفاً للحالة الاستعمارية في فلسطين أو طبيعة ما يتعرض له الفلسطينيون من الغزاة الصهاينة يشكل نوعاً من الإجحاف لحقيقة كون المشروع الصهيوني مشروعاً للتطهير العرقي مارس ويمارس التمييز العنصري، والقتل، وكل أشكال الإبادة الجماعية، والتهجير، ومجموعة أخرى من الجرائم، كجزء من مسعاه لإنهاء وجود الفلسطينيين في أرضهم كمجتمع وشعب ذي هوية حضارية وسياسية وإنسانية، ونفي وجود هذا الشعب وطمس كل ما له علاقة بـموروثه وإنتاجه الأدبي والمعنوي.
التطهير العرقي في فلسطين لا يقتصر على كونه جريمة تاريخية، بل سياسات ممتدة ترتبط جذرياً بهوية المنظومة الاستعمارية الصهيونية، إذ قامت هذه السياسة والرؤية، بتشكيل بنية الكيان الاستعماري وأجهزته، فالحكومة أو الوزارات أو جهاز الحكم العسكري "الإسرائيلي" لم تتشكل لتدير حياة المستوطنين الغزاة والفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال، ولكن كأدوات ذات مهمات واضحة في إنهاء وجود الفلسطينيين كشعب، ومنظومة تعمل على تحويل واقع الأرض والسكان، منظومة تهويد من جانب وتطهير عرقي من جانب آخر.
ما ورد أعلاه يتناوله موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين في ورقة بحث تحمل عنوان (التطهير العرقي في فلسطين: مسار ثابت ومشاركة دولية) وتنطلق من أن أهمية تناول هذه السياسات لا يقتصر على كونها موضعاً للإدانة فحسب، بل ضرورة لفهم ما يتعرض له الفلسطينيون وطبيعة المنظومة التي يواجهونها والدور العميق لسياسات التطهير العرقي، والذي ينعكس على شكل المواجهة، وعلى التصورات حول بناء أدوات المواجهة، وكذلك دور عمليات الدعم للكيان الاستعماري كجزء من موارد منظومة التطهير العرقي، ولفهم السياق الذي يتم حصر التضامن مع الفلسطينيين فيه بوصفه أداة قاصرة عن إبصار أو فضح أو ردع سياسات التطهير العرقي.
وتورد الورقة المعنى الاصطلاحي لـ "التطهير العرقي" ونشأة هذه الجريمة ضد الفلسطينيين منذ ما قبل حرب النكبة وتجذرها في الفكر الصهيوني وأذرعها وأدواتها والشراكة الدولية فيها، وأيضاً تلك الشراكة التي تلعبها بعض الأنظمة العربية الحاضنة لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والأنظمة المطبعة مع الاحتلال.
وتخلص الورقة إلى أن تناول مسار التطهير العرقي في فلسطين، لا يمكن فصله عن التغطية الدولية الممنوحة لهذا المسار من خلال دعم وتسليح الكيان الصهيوني، والرؤى الدولية القائمة على تصفية الحقوق الفلسطينية والاعتراف بنتائج التطهير العرقي كأمر واقع ومكافأة الكيان الصهيوني على جرائمه في هذا المضمار.
لقراءة وتحميل الورقة اضغط/ي هنا