ملّوا من تكرار المشهد.. يصبحون بين ليلة وضحاها مادة للإعلام ينتهي وقت تداولها خلال أيام أو أسبوع وفي أقصى الحدود شهر، دون أن تنتهي مصيبتهم المتكررة، مصيبة نزوحهم مع كل مرة تندلع فيها اشتباكات داخل مخيم عين الحلوة، برأيهم أن لا تقارير إعلامية تتسع لوصف حجم شعورهم بالأسى لكونهم أصحبوا مشردين فجأة، ولا كافية للتعبير عن لحظات الخوف التي يعيشونها في كل مرة.

آلاف النازحين عن منازلهم بفعل الاشتباكات في المخيم لا يريدون سوى العودة إلى منازلهم ووقف مسلسل الاشتباكات التي يصفونها بالعبثية والتي تنال من بيوتهم وأمانهم واستقرارهم ولا تتتهي جذرياً مع الإعلان عن وقف إطلاق النار، حيث يشهد المخيم جولات من هذه المعارك التي لا ينتج عنها سوى حرق البيوت والدمار في مخيم أسس ليكون محطة لعودة هؤلاء اللاجئين إلى فلسطين.

تحدثت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عن آلاف اللاجئين الفلسطينيين النازحين عن بيوتهم جراء الاشتباكات التي اندلعت على مدار 4 أيام من 30 تموز/يوليو وحتى فجر 3 آب/ أغسطس الجاري في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بين عناصر من حركة فتح وتنظيم يسمى "الشباب المسلم"، هؤلاء النازحون توزعوا على مساجد مدينة صيدا أو عند أقارب لهم خارج المخيم أو في بيوت فتحها أصحابها لاستقبالهم، ففي مخيم المية ومية القريب تستضيف بيوت أهالي المخيم ما يقارب 130 عائلة من مخيم عين الحلوة فيما قالت وكالة "أونروا": إنها تؤوي أكثر من 600 لاجئ فلسطيني في مدرستين تابعتين لها في مخيم المية ومية ومدينة صيدا.

اضطرابات ما بعد الصدمة سجلت لدى عدد من أطفال المخيم النازحين

هؤلاء اللاجئون الفلسطينيون وجدوا أنفسهم فجأة نازحين مشردين عن بيوتهم بفعل إطلاق الرصاص والقذائف الذي طال بيوتهم، وربما معظمها لم يعد صالحاً للسكن، وهم الآن مضطرون "بفعل قرارات أطراف الصراع" أن يعيشوا في مدارس وجوامع وسط أجواء شديدة الرطوبة والحرارة ومع شح المياه ويفتقدوا أدنى مقومات الحياة الكريمة.

تقول إحدى موظفات الدعم النفسي في وكالة "أونروا" لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنه خلال الجولة على النازحين، يمكن الملاحظة أنهم لا يزالون غير مدركين لما حصل معهم، أي أنهم بحالة صدمة وخوف، مضيفة أن اضطرابات ما بعد الصدمة سجلت لدى عدد من الأطفال، وكذلك حالات من القلق الشديد خصوصاً مع استمرار سماعهم لصوت إطلاق النار لفترات طويلة بسبب وجودهم في أماكن تعدّ قريبة من مصدر النار.

وتشير إلى أنهم بحاجة للمتابعة وأن ما يحاول موظفو الدعم النفسي تقديمه الآن هو محاولة إعطائهم الشعور أنهم بأمان.

رفضوا أن تذكر أسماؤهم في أي لقاء لأنهم سئموا من أن يكونوا مواداً للإعلام دون حل جذري لمأساتهم المتكررة، لذا سنورد شهادات قصيرة من بعضهم دون ذكر أسماء.

سيدة نازحة عن بيتها في منطقة التعمير بالشارع التحتاني في مخيم عين الحلوة إلى مدرسة عسقلان التابعة لوكالة "أونروا" في مخيم المية ومية تؤكد أنها موجودة في المدرسة منذ 5 أيام ولم تستطع العودة إلى منزلها خلال أيام الاشتباكات، تبدو عليها علامات الإرهاق الجسدي والنفسي وتتساءل: من سيعوض خسارتها في منزلها وأثاثه بعد أن أحرقته نيران الاشتباكات، وتقول: الحمد لله استطعت النجاة بأرواح أفراد عائلتي بعد أن خرجنا تحت صليات الرصاص والقذائف.

تعيش هذه السيدة اللاجئة منذ نزوحها في غرفة واحدة داخل المدرسة مع ابنتيها وأولادهما بعد أن نزحتا هاتان الأخيرتان من بيتيهما، فواحدة كانت تقطن في حي الطوارئ والأخرى في منطقة البركسات.

تقول إحدى ابنتيها: أن بيتها تضرر خلال الاشتباكات ولا يمكن العودة إليه حالياً قبل ترميمه وإزالة آثار الدمار والحريق الذي اندلع فيه.

لاجئ فلسطيني آخر هو بالأساس من فلسطينيي سوريا وهجّر إلى لبنان بسبب الحرب، ويعاني من الشلل يقول: "كل حياتنا تهجير مرة من سوريا ومرة من المخيم" ويؤكد أنه لو لم يجد مساعدة من بعض الشباب في المخيم لما استطاع النجاة بروحه فهو غير قادر على الحركة.

وتؤكد زوجته أن وضع النزوح إلى مدرسة لا يتناسب إطلاقاً مع وضعه الصحي، فهو منذ أيام لم يغتسل أو يستحم وهي لا تستطيع مساعدته في ذلك في ظل وجود 5 أشخاص آخرين نازحين معهما ويتشاركون غرفة واحدة.

ووصل إلى مدرسة "عسقلان" التابعة لوكالة "أونروا" 75 عائلة أي ما يقارب 293 فرداً وهذه هي قدرة المدرسة على الاستيعاب بحسب ما قاله موظفو الوكالة العاملون هناك.

هؤلاء النازحون يناشدون الجهات الفلسطينية والدولية المعنية بوضع حد لمسلسل الاقتتال في المخيم وترميم بيوتهم في أسرع وقت ممكن كي يستطيعوا العودة إليها، فيما لم تتحدث بعد أي جهات فلسطينية أو وكالة "أونروا" عن ترميم البيوت المحترقة والمدمرة أو آليات ذلك أو حتى عن تعويض المتضررين.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد