الاحتلال يزيد من شراسة عدوانه على المخيمات

تموز مخضب بدماء ضحايا العدوان على مخيم جنين

الثلاثاء 08 اغسطس 2023

تتصاعد جرائم الاحتلال الصهيوني ضد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالضفة الغربية للشهر السابع على التوالي من العام 2023، وذلك في استمرارٍ لنهج الحكومة "الإسرائيليّة" اليمينيّة التي تصر على محاولاتها في سحق الحقوق الفلسطينيّة بالدماء والبارود، بما لا يختلف عن سلوك سابقاتها من حكومات الاحتلال المتعاقبة.

ولعل شهر تموز/ يوليو 2023 لن يمحى من الذاكرة الفلسطينية حيث شهد في أول أيامه اعتداء شرساً على مخيم جنين استخدمت فيه الطائرات الحربية لأول مرة منذ عام 2002 وارتقى خلاله شهداء وسقط جرحى ودمرت البنية التحتية للمخيم بشكل كامل، بالإضافة لذلك رصد موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين مئات الاعتداءات التي تركّزت في مخيمات عدّة بالضفة، واختلفت هذه الاعتداءات بحق الفلسطينيين ما بين إطلاق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل والقذائف والغاز المسيل للدموع، والاعتقالات والمداهمات لمنازل اللاجئين الفلسطينيين.

وكما قلنا كان أبرز الاعتداءات على جنين ومخيم اللاجئين فيها الذي يقطنه 23,628 لاجئ فلسطيني، حيث استهداف الاحتلال البنى التحتية والخدمية للمخيم بشكلٍ واسع خلال العدوان الذي بدأ فجر 3 تموز وانتهى يوم الخامس من ذات الشهر، مخلفاً 12 شهيداً وأكثر من 100 جريح، ودماراً واسع في البنى التحتية والممتلكات.

وشكّلت مخيمات عديدة في الضفة، مثل جنين وعقبة جبر والدهيشة والجلزون، أبرز نقاط المواجهة مع جيش الاحتلال خلال الشهر الماضي، حيث رصد بوابة اللاجئين الفلسطينيين خلال شهر تموز/ يوليو، ارتقاء 14 فلسطينياً من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة، فيما تم رصد 264 حالة اعتقال، و346 إصابة من بينها بالرصاص الحي، و322 عملية اقتحام ومداهمة تخلّلها اندلاع مواجهات في 17 مخيماً بالضفة من أصل 19 مخيماً فلسطينيّاً.

ويكشف الرّصد تصاعداً كبيراً في اعتداءات الاحتلال على المخيمات الفلسطينيّة بالضفة خلال شهر تموز/ يوليو من ناحية العدد مقارنةً بشهر حزيران/ يونيو الذي سبقه وخاصّة في أعداد المعتقلين، حيث اعتقل الاحتلال خلال حزيران/ يونيو 65 فلسطينياً.

وطالت انتهاكات الاحتلال خلال الشهر السابع من عام 2023 المخيمات التالية: مخيم العروب، ومخيم نور شمس، ومخيم جنين، ومخيم الجلزون، ومخيم شعفاط، ومخيم الدهيشة، ومخيم عين السلطان، ومخيم طولكرم، ومخيم عسكر الجديد، ومخيم عسكر القديم، ومخيم الفوار، ومخيم بلاطة، ومخيم عقبة جبر، ومخيم العين، ومخيم الفارعة، ومخيم قلنديا، ومخيم عايدة.

الشهداء

ارتقى 14 فلسطينياً في مخيمات اللاجئين خلال شهر تموز/ يوليو، 12 منهم في مخيم جنين، وشهيد في مخيم العين، وشهيد في مخيم الجلزون، فيما شهد مخيم جنين أكبر عدد اعتقالات بمجموع 145 معتقلاً خلال الشهر المذكور، يليه مخيم الدهيشة بعدد 28 معتقلاً.

إصابات بالرصاص الحي

وخلال اقتحامات الاحتلال للمخيمات المذكورة، أصيب 346 لاجئاً بينهم من أصيبوا بالرصاص الحي، حيث كان مخيم جنين أبرز المخيمات التي سُجل فيها إصابات بعدد 120 إصابة، يليه مخيم العروب بعدد 33 إصابة، فيما يأتي مخيما الدهيشة وشعفاط أيضاً في مقدّمة المخيمات التي سُجلت فيها الإصابات بمجموع 56 إصابة منها بالرصاص الحي، إلى جانب إصابة المئات اختناقاً بالغاز وجرى علاجهم ميدانياً من قِبل الطواقم الطبيّة المختلفة.

تقرير الرصد الشهري - تموز.jpg

مداهمات واندلاع مواجهات

وكشف الرصد، أنّ قوات الاحتلال اقتحمت المخيمات المذكورة 322 مرّة ما بين ساعات الفجر والصباح، وساعات المساء والليل المتأخّر، وكان مخيم عقبة جبر للاجئين الفلسطينيين وللشهر السادس على التوالي أكثر المخيمات تعرضاً للاقتحام من قِبل قوات الاحتلال خلال الشهر السابع من عام 2023 بعدد 42 اقتحاماً، يليه مخيم العروب بعدد 37 اقتحاماً، ثم مخيم الجلزون بعدد 35 اقتحاماً.

وكما هي العادة في مخيمات اللاجئين بالضفة، يواصل أبناء المخيمات مواجهة جرائم الاحتلال بشتى الإمكانات المتوفّرة لديهم، ويراكمون قوتهم رغم مجازر الاحتلال المستمرة، ولعلّ الدليل على ذلك ما فعله الشاب كامل محمود أبو بكر (37 عاماً) قبل أن يستشهد، حيث نفّذ عملية إطلاق نار في شارع "مونتيفيوري" في "تل أبيب" مساء السبت 5 أغسطس/ آب، أدّت إلى مقتل مستوطن رغم كل الإجراءات الأمنيّة، فيما ذهب محللون لدى الاحتلال للاستنكار بالقول: "رغم ما فعله الجيش في جنين، يقتحم شاب فلسطيني قلب تل أبيب منطلقاً من جنين وينفّذ عملية مسلّحة.. كيف جرى ذلك؟".

المخيمات تمثل كابوساً مريعاً للاحتلال

يقول مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى، الباحث رياض الأشقر لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ المخيمات الفلسطينيّة تمثّل كابوساً مريعاً بالنسبة للاحتلال، وهي بمثابة نبض المقاومة وقنبلة موقوتة يخشى الاحتلال انفجارها في أي لحظة، لذلك يواصل اقتحاماته وهجمته المسعورة على المخيمات وخاصة التي يسميها "عش الدبابير" مثل مخيم جنين ومخيمات نابلس، ولذلك نشهد عمليات قتل واعتقالات مستمرة بحق أهالي المخيمات وخاصة فئة الشباب بهدف تحقيق الردع وتخويف السكّان من المشاركة في فعاليات المقاومة وحماية واحتضان المقاومين، والتأثير على إرادة ومعنويات سكّان المخيمات، بهدف التسليم بمخططات الاحتلال.

حرمان من الماء والطعام لمعتقلين بهدف الحصول على معلومات عن المقاومين

ويضيف الأشقر: مخيم جنين تعرّض لعدوانٍ همجي بداية تموز/ يوليو الماضي، حيث احتجزت خلاله قوات الاحتلال ومخابراتها ما يزيد عن 300 فلسطيني من بينهم عائلات بأكملها وتم نقلهم إلى منزل في أطراف المخيم بعد تحويله إلى مركز تحقيق وأخضعتهم للتحقيق الميداني لساعاتٍ طويلة بعد تقييد أيديهم وعصب أعينهم بقسوة، مع العلم أنّه كان من بينهم أطفال ونساء وكبار سن، بل حرموهم من الطعام طوال يومين وتم تقديم مياه ساخنة لهم للشرب خلال فترة احتجازهم، وكل ذلك بهدف الضغط عليهم للحصول على معلومات حول المقاومين وأماكن وجودهم في المخيم.

وبحسب الأشقر، فإنّ سلطات الاحتلال أفرجت عن غالبية المعتقلين بعد التحقيق معهم لساعاتٍ طويلة، بينما تم نقل حوالي 130 معتقلاً عبر حافلات إلى معسكر "سالم" للتحقيق، إضافة إلى اعتقال عدد من الجرحى بعد إصابتهم بالرصاص الحي وشظايا الصواريخ وحالة بعضهم خطيرة، فيما تم تحويل العشرات منهم إلى الاعتقال الإداري دون تهمه، بينما ينتظر البقية تقديمهم للمحاكمة.

حالة الاشتباك المستمرة مع الاحتلال في المخيمات أثمرت جيلاً جديداً لا يخشى المواجهة

ويرى الأشقر أنّه من الصعب "ردع" وتخويف الشعب الفلسطيني، لا سيما وأنّه يمارس المقاومة كوسيلة للتخلّص من الاحتلال، ورأس الحربة في مقاومة الاحتلال هم سكّان المخيمات ومجموعات المقاومة التي تربّت في شورع وأزقة هذه المخيمات، ورجال المقاومة يردون على جرائم الاحتلال بشكل مستمر حتى أصبح اقتحام المخيمات بالنسبة للاحتلال عملية غير سهلة أو ميسّرة، وأصبح الاحتلال يحشد لها مئات الجنود والآليات العسكرية والطائرات المسيّرة وغيرها من العتاد، لمواجهة المقاتلين الذين يتصدون للاقتحامات ويكبدون الاحتلال الخسائر في الأرواح أحياناً وفي المعدات، أي أصبح الاحتلال يحسب للمخيمات ألف حساب.

يقول الباحث الفلسطيني: "إنّه وعلى الرغم من عمليات القتل والاعتقال المستمرة التي يمارسها الاحتلال بحق أبطال المخيمات في الضفة الغربيّة، إلّا أنّ المقاومة تتصاعد يوماً بعد يوماً وتزداد صلابة وصموداً وإصراراً على تدفيع الاحتلال ثمن الدم الفلسطيني بل أصبح شبان المقاومة أيقونة يفتخر بها أبناء الشعب الفلسطيني ويقتدون بهم، حيث أثمرت حالة الاشتباك المستمرة مع الاحتلال في المخيمات جيلاً جديداً لا يخشى مواجهة الاحتلال رغم قلة الإمكانيات المتوفّرة".

المقاومون في المخيمات في حالة استعداد دائم لأي عدوان

وحول التحريض المتواصل على المخيمات الفلسطينيّة بالضفة، يؤكّد الأشقر: حكومة الاحتلال الحالية من أكثر الحكومات تطرفاً وعنصرية، وقادتها يحرضون بشكلٍ علني ومستمر على المخيمات والمقاومة بداخلها، وهناك بالفعل توقّعات في ظل التحريض المستمر أن يتكرّر العدوان الذي تعرّض له مخيم جنين وبشكل أوسع، بهدف التخلّص من المقاومة التي تتنامى، سواء في جنين أو نابلس وغيرها من المخيمات.

يضيف الأشقر: المقاومة تدرك هذا الأمر جيداً، وتعد العدة لهذا اليوم، وتطوّر من عتادها وإمكانياتها للرد على العدو في حال أقدم على اجتياح أي مخيمٍ من المخيمات للقضاء على المقاومة، والعدو صار يدرك أيضاً أنّه لن يستطيع القضاء على المقاومة، ويعلم جيداً أن اقتحام المخيمات بالنسبة له كابوس، لذلك يتردد كثيراً قبل تنفيذ أي عملية اقتحام، "وما جرى في جنين مؤخراً لقنه درساً قاسياً في ظل بسالة المقاومة وتفانيها في الدفاع عن المخيمات".

أحمد حسين- صحفي فلسطيني

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد