مجهولون لدى السلطات بلا تعريف قانوني

فلسطينيو سوريا في تركيا: الفئة الأضعف في ظل الحملة الأمنية

الخميس 24 اغسطس 2023

ما تزال الحملة الأمنية التي تشنها السلطات التركية على اللاجئين المخالفين لشروط الإقامة تضع المئات من الفلسطينيين المهجرين من سوريا ويعيشون في تركيا، فيما يشبه الإقامة الجبرية، أو تفرض عليهم العيش كمتسللين، خلال تنقلاتهم بين أماكن سكنهم وأعمالهم، خوفاً من الاعتقال والترحيل.

واقع لجوء وتهجير هو الأسوأ لشريحة من الفلسطينيين، تكاد تدنو مؤشرات أمانهم الاجتماعي والمعيشي إلى ما دون الصفر، لأنّ المخالفة القانونية في بلد كتركيا تعني السجن والترحيل، وغياب الإقامة بالأساس، يعني الحرمان من الطبابة والتعليم والعمل وكافة الحقوق الاجتماعية والمعيشية.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين سلّط الضوء خلال الأشهر والسنوات السابقة على الأوضاع القانونية والاجتماعية والمعيشية لمئات العائلات الفلسطينية غير الحاصلة على بطاقة الحماية المؤقتة "الكملك" وما تعانيه من غياب مطلق للحقوق، ويستمر الموقع في متابعة أوضاعهم بالتوازي مع الحملات الأمنية التي تطالهم، دون حلّ استثنائي وخاص لوضع لجوء شديد الاستثنائية والتعقيد.

جذر المسألة قانوني.. وتخبط رتب على الفلسطينيين الكثير من المتاعب وصلت حدّ الاتهام بالتزوير والسجن

لم تفلح كافة المناشدات والتحركات التي خاضها ناشطون على مدار سنوات، ولا الحملات الإعلامية في دفع المستوى الرسمي والفصائلي الموجود في تركيا نحو إيجاد حلّ للأوضاع القانونية لفلسطينيي سوريا، وهي مسألة ذات جذر قانوني معقّد، ويحتاج تدخلاً من مستويات سياسية ودبلوماسية، فالأجهزة الحكومية التركية "لا تعرف من هو الفلسطيني السوري، ولم تسمع بهذا المصطلح من قبل"، بحسب ما يقول لاجئون قابلهم موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين.

الناشط الفلسطيني السوري في تركيا باتر تميم أشار لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أنّ الموظفين الحكوميين في المستشفيات والمدارس والشرطة التركية لا يعرفون من هو الفلسطيني السوري.

ووصف تميم، الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا بالشائك والمعقد بسبب غياب القانون الذي يعرف من هو اللاجئ الفلسطيني القادم من سوريا، ولم يجر التعامل مع الفلسطينيين على أساس هويتهم، بل بدا هناك الكثير من التخبط القانوني الذي رتب على الفلسطينيين الكثير من المتاعب وصلت حدّ الاتهام بالتزوير والسجن.

يوضح تميم، أنّ عشرات العائلات من فلسطينيي سوريا توجهوا لاستخراج "الكملك" بعد أنّ صرّح سفير السلطة الفلسطينية في تركيا بصدور قرار تركي بمنح الفلسطينيين الحماية المؤقتة أسوة بالسوريين إلّا أنهم اصطدموا برفض قاطع في عدد من الولايات بحجة أنّه يُمنح فقط للسوريين، ولم يكن هناك معرفة بحالة الفلسطيني السوري لديهم.

أمّا في ولايات أخرى، فقد مُنح الفلسطينيون السوريون بطاقة "الكملك" ولكن بصفتهم سوريين، وليس لاجئين فلسطينيين في سوريا ولديهم وثائق لجوء، ما عرضهم بعد ذلك لمواقف أمنية كثيرة، خصوصاً أنّ بعضهم قام باستخراج جواز سفر من السلطة الفلسطينية، وجعلهم ذلك عرضة للاتهام بالتزوير والسجن عند الحواجز الأمنية، بسبب التناقض بين الجنسية السورية على بطاقة "الكملك" وجواز السفر الفلسطيني، وهو لغط خارج إرادة الفلسطينيين، حسبما أضاف تميم.

ومن ضمن التعقيد القانوني كذلك، تعاملت بعض الولايات التي رفضت منح "الكملك" مع الفلسطينيين عبر منحهم "ورقة توقيف إداري" يفرض على حاملها توقيعها من المركز المختص كلّ شهر، ولا تتيح له تلك الورقة أي نوع من أنواع الحقوق، سواء تسجيل أطفاله بالمدارس أو الحصول على الطبابة وسواها.

وأشار تميم إلى أنّ حاملي تلك الورقة، عليهم الالتزام بها لمدّة سنتين، وبعد ذلك يصدر قرار بالشخص، إمّا ترحيله أو منحه الإقامة الإنسانية، إلّا أنّ بعض الفلسطينيين من الذين انتهوا من التوقيع مازالوا ينتظرون منذ 10 أشهر قراراً بحالتهم ولكن دون أي نتيجة.

وضع جعل رامي وهو لاجئ فلسطيني من مخيم اليرموك ويعيش في إسطنبول أسير الهواجس والمخاوف على مصير عائلته في حال تم ترحيله لأنه لا يملك إقامة قانونية، كما أنه في ظل هذه الأوضاع لا يخرج إلى أي عمل خوفاً من احتجازه وترحيله، ويطالب المسؤولين الفلسطينيين في تركيا أن ينظروا إلى أحوال آلاف الفلسطينيين ويساعدوا في تسوية أوضاعهم القانونية ليعيشوا باطمئنان.

نحو 1200 عائلة فلسطينية تقيم في إسطنبول، تعيش ذلك الوضع القانوني الشائك، ولا تعرف مصيرها، رغم 5 سنوات من المناشدات لسفارة السلطة الفلسطينية والجمعيات المؤسسات الفلسطينية والفصائل النافذة في البلاد، ولكن دون أيّة جدوى.

حلُّ الأوضاع القانونية بالنسبة لفلسطينيي سوريا في تركيا أهم من الإغاثة والحملات التي تقوم بها منظمات خيرية

اللاجئة الفلسطينية المهجرة من سوريا وفاء عبد تنحدر من قرية عيلوط في فلسطين المحتلّة وهجّرت من مخيم اليرموك جراء الحرب، ربّة لواحدة من تلك الأسر التي تعاني من تداعيات هذه الأوضاع القانونية بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي لا يمكن أن تتحسن دون الحصول على أوضاع قانونية مريحة ومطمئنة.

تؤكد عبد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ الاعتراف بفلسطينيي سوريا وحل أوضاعهم القانونية في تركيا، هو المطلب الأساس، الذي يتقدم على مطلب الإغاثة، فالشعب لا يحتاج إغاثة لأنه شعب "شغيل"، بل يحتاج إلى وضع قانوني يمنحه حقوق العمل والاطمئنان لمغادرة المنزل والذهاب إلى العمل يومياً دون أن يتم توقيفه وترحيله أو سجنه.

وقالت اللاجئة الفلسطينية: إنّ الوضع القانوني حرم العديد من العائلات من العمل، في وقت ترتفع فيه تكاليف المعيشة، كأجرة منزلها التي ارتفعت من 5 آلاف ليرة تركية إلى 10 آلاف، بينما حملة الاعتقالات والترحيلات أقعدتها عن العمل وهي معيلة لعائلتها.

وعبّرت أنّ حل الأوضاع القانونية بالنسبة لفلسطينيي سوريا في تركيا، أهم من الإغاثة والحملات التي تقوم بها منظمات خيرية، وقالت: "نحن شعب شغيل لسنا بحاجة كرتونة ولا إغاثة، بدنا تسوية وضع ونكون قانونيين بأي بلد نكون فيها، نحن فرض علينا نكون بالدولة التركية وكتر خيرهم، لكن المسؤولين عن الفلسطينيين في هذه البلد ماذا يقدمون لنا؟"

وتابعت: "أنا أريد إقامة في هذا البلد الذي لجأت إليه، ولا أريد أن أترك أبنائي بلا تعليم ولا أريد أن أسكن بخيمة"، وتحدثت عن الصعوبات التي واجهتها ولم تمكنها فقط من إصدار جوازات سفر من سفارة السلطة بتركيا لها ولأبنائها، قائلة: " فرضوا علي جلب أوراق من سوريا وحين تمكنت من إحضارها لم يقبلوها وقالوا: إن تواقيع تنقصها، رغم أن استجلابها يكلف مبالغ ليست قليلة، والقلة من يستطيع استجلاب الأوراق هذه من سوريا".

جيل فلسطينيي جديد يولد في تركيا، تحت الأوضاع القانونية المشار إليها أعلاه، ولا يمتلك أوراقاً قانونية سوى بيان الولادة الصادر من المستشفى، ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد المواليد الفلسطينيين في تركيا وغير المسجلين رسمياً.

حسين عبود، لاجئ فلسطيني سوري لديه 3 أطفال، لم يستطع تسجيلهم في أي دائرة نفوس أو جهة رسمية، لا جهة تمنحهم التعليم والطبابة، ولا يمتلكون أية ورقة اعتبارية سوى بيان ولادة صادر عن المستشفى.

يعبّر حسين عبود، عن هواجسه تجاه اطفاله المتروكين دون تعليم ولا طبابة، فيما يشير الى ابنته التي تعاني مرضاَ مزمناً وتحتاج إلى عملية تكلفتها 400 ألف ليرة تركية، ما يعادل 16 ألف دولار أمريكي، ولا يمتلك أي نوع من التغطية العلاجية ولا القدرة المالية لتغطية نفقاتها.

وحالة عبود، كحال المئات، ليس لديه سوى انتظار التفات الجهات الفلسطينية الرسمية التي ناشدها من أجل التدخل لدى السلطات التركية لإنتاج حلّ فوري وضروري لمئات الأسرة الفلسطينية المهجرة إلى تركيا.

شاهد التقرير

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد