أكدت مصادر ميدانية لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، صدور تعميم للمقاتلين التابعين لقوات الأمن الوطني الفلسطيني بوقف إطلاق النار عند الساعة السابعة من مساء اليوم الجمعة 8 أيلول/ أغسطس، وذلك بناء على قرار اتخذ عقب سلسلة من الاجتماعات والاتصالات السياسية التي تجريها أطراف هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وقوى سياسية وفعاليات لبنانية في مدينة صيدا.
إلّا أنّ رشقات من الرصاص ما تزال تسمع بين الحين والآخر في منطقة التعمير وحي الطوارئ " البركسات"، وسط مخاوف كبيرة لدى الأهالي من خرق الاتفاق وتجدد المعارك، التي شهدت اشتداداً في وتيرتها منذ ساعات الصباح الأولى.
وبحسب مصادر طبيّة، فإنّ نحو 25 جريحاً من أبناء المخيم جلّهم من المدنيين، جرى نقلهم إلى المستشفيات، جراء اندلاع المعارك منذ ليل أمس، والتي استعملت فيها الأسلحة المتوسطة والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون.
وطالت القذائف العشوائية عدّة مناطق في مدينة صيدا، وسقطت إحداها على مبنى السراي الحكومي سببت أضراراً في مبنى الأمن العام اللبناني، فيما طالت قذيفة حي الفيلات المحاذي للمخيم، ومخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين شرق صيدا.
وأعلنت الجامعات الحكومية والخاصة في مدينة صيدا، إغلاق أبوابها وتأجيل الامتحانات التي كانت مقررة هذا الأسبوع، جراء الأحداث المتصاعدة في المخيم، فيما أغلق الجيش اللبناني الطريق الدولية باتجاه الجنوب عند نقطة سوق الحسبة.
نداء أممي لوقف النار وإخلاء المدارس
وكان المنسق الأممي للشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، قد أطلق نداءً لكافة الأطراف المتحاربة في المخيم، بضرورة وقف القتال، وإخلاء المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في المخيم.
وقال ريزا في نص النداء:" إن الاشتباكات المستمرة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، إلى جانب الاستيلاء المستمر على ثماني مدارس تابعة للأونروا، تمنع وصول ما يقرب من 6,000 طفل إلى مدارسهم على أعتاب العام الدراسي."
وأكّد المنسق الأممي، على وجوب أن تكون المؤسسات التعليمية مساحات آمنة ومحايدة وهي ضرورة ملحة لتعلم الأطفال وعافيتهم ونموهم.
وأضاف: "إن استخدام المجموعات المسلحة للمدارس هو بمثابة انتهاك صارخ لكل من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، كما يعرض حق الأطفال في الحصول على بيئة تعليمية آمنة للخطر ويهدد مستقبلهم ومستقبل مجتمعهم ككل."
وطالب ريزا، المجموعات المسلحة "بوقف القتال في مخيم عين الحلوة وإخلاء هذه المدارس فوراً وشدد أيضا على ضرورة تسهيل عمل الأونروا وغيرها من المنظمات الإنسانية من أجل توفير الحماية والمساعدة الضروريتين لكل العائلات المحتاجة في المخيم."
وتابع: " إن حماية المدنيين، بما في ذلك الأطفال، وضمان وصولهم إلى المدارس في مأمن من جميع أشكال العنف والاستغلال، هي مسؤولية مشتركة. يجب على جميع الجهات الفاعلة المعنية اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، ووضع حدّ لاستخدام البنى التحتية المدنية لأغراض القتال."
الاشتباكات اندلعت بالتزامن مع اتفاق لإخلاء المدارس
وكانت المعارك بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح من جهة، وتنظيم ما يسمى "الشباب المسلم" الذي عرف سابقاً باسم "جند الشام" قد تجددت ليل أمس الخميس 7 أيلول/ سبتمبر، بعد توقفها في السادس من آب/ أغسطس الفائت، وسط تبادل للاتهامات بين الأطراف حول المسؤولية في افتعال الاشتباك يوم أمس.
عضو هيئة العمل الفلسطيني المشترك شكيب العينا، أشار في تصريح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين اليوم الجمعة، أنّ كلا الطرفين يلقي بالاتهامات على الآخر. ووضع ما حصل من اشتباكات ليل أمس في خانة "الشبهة وفي خانة توتير الأجواء وهو لا يصب في مصلحة شعبنا الفلسطيني."
وقال العينا: إنّ الهيئة فوجئت بالاشتباك الذي حصل، وضرب عرض الحائط كل المساعي التي بذلت لترجمة ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات بيروت، وخصوصاً بعد الدعوة التي تمت لقعد اجتماع للهيئة في منطقة صيدا، من أجل تعزيز دور القوة الأمنية لتأخذ دورها في حفظ الأمن والاستقرار وترجمة الاتفاق المتعلق بإخلاء المدارس بين التعمير والبركسات بالتزامن ومن كلا الطرفين من أجل تسليمها إلى إدارة الأونروا ونشر القوة الأمنية المشتركة هناك."
وأكّد العينا، على "مسؤولية كافة القوى السياسية بوضع حدّ لسلوك المسلحين غير المنضبطين" مشيراً إلى أنّه ليس هناك قرار بالاشتباك أو بفتح المعركة سواء عند حركة فتح أو الطرف الآخر والكل يدعي أن الطرف الآخر هو من بدأ بالإشكال.
كما لفت، إلى أنّه لم يكن هناك قرار من قبل حركة فتح بافتعال الاشتباك، إنما "هناك عناصر متفلته رفضت الالتزام بوقف إطلاق النار بعد الذي حصل وكل طرف يتقاذف الاتهامات ويلقيها على الآخر."
وحول الحل للخروج من الأزمة، شدد العينا، على ضرورة "أن تتكاتف الإرادات الخيّرة في الوسط الفلسطيني والجوار اللبناني بالضغط على أطراف الاشتباك لوضع حد لما يجري والعمل على حل سياسي يخرجنا من هذه الدوامة وأي عبث أمني في المخيمات الفلسطينية لا يخدم سوى الأجندة "الإسرائيلية"
وأكّد العينا لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، على "التواصل وإجراء اتصالات على أعلى المستويات مع كل الأطراف الفلسطينية والإخوة اللبنانيين المعنيين والجهات الأمنية أيضاً من أجل الضغط لوقف إطلاق النار.
وأشار، إلى أنّ "العديد من الخروقات من وقت لآخر تحصل لاتفاقات وقف النار، ولكن تم تثبيت وقف إطلاق النار صباحا والآن وهو ساري المفعول باستثناء بعض الخروقات البسيطة بانتظار نضوج الحل السياسي من جديد من أجل تثبيت وقف إطلاق النار."
كما شدد العينا، على أنّ الأولوية الآن لوقف إطلاق النار بشكل دائم وإنهاء حالة الاحتراب معتبراً أهم خطوة لتحقيق ذلك هو خروج المسلحين من المدارس وتسليمها لإدارة "أونروا" من أجل البدء بترميمها لاستقبال الطلاب بداية الشهر المقبل.
لا حل إلا بتسليم المطلوبين بجرائم الاغتيال في المخيم
الحل السياسي الذي أشار له عضو هيئة العمل الفلسطيني المشترك شكيب العينا، يصر الأمن الوطني الفلسطيني على أنّه يتمثل في تسليم المطلوبين بجرائم الاغتيال في المخيم، ولا سيما اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا أبو أشرف العرموشي إلى الدولة اللبنانية، حسبما أكد قائد الأمن الوطني في مخيم عين الحلوة صبحي أبو عرب خلال تصريحات إعلامية عصر اليوم.
وحول ما جرى، أوضح أبو عرب، أنّه "منذ الساعة العاشرة إلا ربع أمس، "دخلت مجموعة من التكفيريين على مقراتنا بكل الوسائل، كي يلتفوا على اتفاق الخروج من المدارس."
وأشار أبو عرب إلى أنّ من وصفهم بـ " التكفيريين" لا يلتزمون بوقف إطلاق النار، مؤكداً على وجوب تسليم المطلوبين إلى الدولة اللبنانية، كشرط لعودة الحياة الطبيعية، ودعا أبناء المخيم "إلى نبذ العناصر التكفيرية."
كانت المعارك بين حركة فتح وتنظيم " الشباب المسلم" قد اندلعت في 30 تموز/ يوليو الماضي في المخيم، إثر عمليتي اغتيال، استهدفت الأولى الناشط " الإسلامي" عبد فرهود، فيما استهدفت الثانية قائد الأمر الوطني الفلسطيني في مدينة صيدا أبو أشرف العرموشي، واستعرت على أثرها المعارك واستمرت لأيام، أسفرت عن 13 قتيلاً وعشرات الجرحى ودمار واسع في البيوت والممتلكات.
وتسببت المعارك، واستخدام مدارس الوكالة في العمليات العسكرية، بأضرار مادية جعلتها غير صالحة للاستخدام، ما دفع "أونروا" للبحث عن أبنية بديلة خارج المخيم، لاستيعاب 5900 تلميذة وتلميذ، وإطلاق نداء للمانحين من أجل الحصول على 15.50 مليون دولار لإصلاح الأضرار الناجمة عن الاقتتال.