يشهد مخيم عين الحلوة في صيدا جنوبي لبنان، هدوءاً حذراً بعد تراجع حدّة الاشتباكات منذ فجر اليوم الخميس 14 أيلول/ سبتمبر، بعد ليلة طويلة من المعارك التي وصفت بالأعنف بين عناصر تجمع "الشباب المسلم"، والأمن الوطني الفلسطيني، فيما يترقب الأهالي ما ستؤول إليه الساعات القادمة مع وصول قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون إلى صيدا.
وأعاد الجيش اللبناني وهيئة السير، فتح الأوتوستراد الرابط بين مدينة صيدا وجنوب لبنان عند نقطة الحسبة، بعد إغلاقه وتحويل السير على مدى اليومين الفائتين باتجاه الطريق البحرية، فيما تتواصل حالة الإغلاق الشاملة للمؤسسات الحكومية والتربوية في مدينة صيدا.
وبلغت حصيلة ضحايا المعارك ليلة أمس حتى فجر اليوم 7 ضحايا، بعد الإعلان عن قضاء أحد عناصر الأمن الوطني صباح اليوم ويدعى تامر خضر عوض، وجرى نقل جثمانه الى مستشفى الهمشري.
وزار قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون صباح اليوم، مدينة صيدا وتجول في المناطق المحيطة بمخيم عين الحلوة، وعقد اجتماعاً عسكريا في ثكنة "زغيب" القريبة من المخيم.
وتفقد عون، الوحدات العسكرية التابعة للواء الأول في المدينة، وجال على نقاط انتشار الجيش في مخيط مخيم عين الحلوة، حسبما أفادت مصادر إعلامية لبنانية عن الزيارة.
لا أفق سياسياً لاحتواء الوضع
وحول تطورات الأوضاع واحتمالاتها في الساعات والأيام المقبلة، ترجح مصادر مقربة من حركة فتح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، بأنّ هناك قراراً يقضي بعزل منطقة البركسات/ الطوارئ، وتدخل الجيش اللبناني في إسناد عملية عسكرية واسعة وحاسمة، على معاقل تجمع "الشباب المسلم" في المخيم.
وفي هذا الخصوص نفت مصادر لبنانية أن يكون فوج من فرقة مغاوير الجيش اللبناني قد توجه إلى حيي التعمير والطوارئ، بعدما انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبار حول ذلك، وأكدت المصادر ان المقاطع المنتشرة لفرقة المغاوير هي أثناء توجهها للمشاركة في مناورة بمنطقة كفركالوس.
وكان الناطق الإعلامي باسم حركة فتح يوسف الزراعي قد أشار إلى أنّ "الحل يكون من خلال عملية لبنانية فلسطينية، ونحن كحركة فتح وقوى فلسطينية اتفقنا مع الدولة اللبنانية على إعطاء مهلة زمنية لن تكون طويلة من أجل أن يُسلم هؤلاء المجرمون أنفسهم، وفي حال لم يتم تسليمهم فسيكون هناك كلام آخر".
المصادر توكد، أنّ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومركزية فتح عزام الأحمد، قد أشار للمسؤولين اللبنانيين، إلى ضرورة التنسيق من اجل مهلة وموعد زمني لإنهاء العملية، وحذّر كافة الأطراف في لبنان من مغبة توسع سيطرة الإسلاميين على المخيم.
اقرأ/ي أيضاً اشتباكات تنسف كل الخطوات السياسية
ومن المقرر أن يعقد اجتماع لهيئة العمل الفلسطيني المشترك، في مقر سفارة السلطة الفلسطينية في بيروت عصر اليوم الخميس، لتقييم الوضع على ضوء آخر المستجدات الأمنية، فيما من المتوقع أن يخرج الاجتماع بـ "قرارات عملية وحاسمة".
وجاءت معارك ليلة الأمس التي وصفت بالأعنف منذ بدء الاشتباكات أواخر حزيران/ يونيو الفائت، بعد سقوط قرار بوقف إطلاق النار، اتخذ خلال اجتماع جمع عزام الأحمد بعضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق.
وكان القياديان، قد ترأسا وفدين مساء الثلاثاء، بحضور أطراف هيئة العمل الفلسطيني المشترك وسفير السلطة الفلسطينية في لبنان أشرف دبور، واتفقا على "تسليم المطلوبين المتهمين باغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه وعبد الرحمن فرهود للقضاء اللبناني لاتخاذ ما يجب بشأنهم والتأكيد على قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك بتكليف القوة الأمنية المشتركة القيام بالواجب الموكل إليها" .
الّا أنّ فشل وقف النار، دفع أبو مرزوق لوصف ما يجري بـ " تعهدات بلا معنى" ما يعكس فشل الجهود السياسية لاحتواء الازمة، وقال في تصريحه: إنّ" ما يجري في مخيم عين الحلوة الآن هو تدمير للمخيم تحت عنوان محاربة الإرهاب، ولكن بدون نتائج حقيقية تُذكر، وحاولنا جاهدين مساعدة من هو في مأزق ولكن التعهدات التي قُطعت لنا بلا معنى".
تدهور الوضع الإنساني
إنسانياً، تزداد أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في المخيم سوءاً مع نزوح أكثر من 50 % من اللاجئين الفلسطينيين في المخيم بعد أن ارتفعت حدة الاشتباكات وتوسعت لتطال المزيد من حارات وأحياء المخيم وترفع من عدد القتلى والجرحى، وفق ما قالت "الهيئة 302" للدفاع عن حقوق اللاجئين.
وأضافت الهيئة في بيان لها: أن لاجئين فلسطينيين اضطروا ليلة الخميس إلى المبيت في الحدائق العامة أو على الكورنيش البحري لمدينة صيدا أو مواقف السيارات هرباً من القصف العشوائي والاشتباكات بعد ان اكتظت مدارس "الأونروا" ومراكزها بالنازحين.
في وقت سابق من ليلة أمس، وجهت مدير عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان "دوروثي كلاوس" نداء إلى جميع الأطراف في مخيم عين الحلوة لوقف إطلاق النار وإعطاء الأولوية للسلام .
وكتبت "كلاوس" عبر حسابها على منصة "X" : أعمال عنف غير مسبوقة تدمر عين الحلوة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويهرب السكان دون أن يجدوا مكانًا يلجؤون إليه في خضم الأزمة المالية، مضيفة أن قدرة "أونروا" على إعادة الإعمار صارت مرهقة.