للشهر التاسع على التوالي، تواصل قوات الاحتلال الصهيوني متسلحةً بحكومةٍ يمينيّةٍ متطرفة العدوان الشامل على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالضفة المحتلة للشهر التاسع على التوالي من عام 2023، مستخدمةً كافة الأسلحة والأساليب التي تسعى من خلالها لإنهاء حالة المواجهة في المخيمات، وتنفّذ قوات الاحتلال اقتحاماتٍ ومداهماتٍ واعتقالاتٍ بشكلٍ يومي في المخيمات، وتقتل وتنكّل بالأطفال والنساء وتقضي على أحلامهم.
وخلال شهر أيلول/ سبتمبر، رصد موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين مئات الاعتداءات التي تركّزت في مخيمات عدّة بالضفة، واتخذت أشكالاً عدة ما بين إطلاق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل والقذائف والغاز المسيّل للدموع، والاعتقالات والمداهمات لمنازل اللاجئين الفلسطينيين.
10 شهداء في مخيمات الضفة خلال أيلول/ سبتمبر
وشكّلت مخيمات عدة في الضفة، مثل العروب وجنين وعقبة جبر ونور شمس، أبرز نقاط المواجهة مع جيش الاحتلال خلال الشهر الماضي، حيث رصد بوابة اللاجئين الفلسطينيين ارتقاء 10 فلسطينيين من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة، فيما تم رصد 104 حالات اعتقال، و242 إصابة من بينها بالرصاص الحي، و193 عملية اقتحام ومداهمة تخلّلها اندلاع مواجهات في 18 مخيماً بالضفة من أصل 19 مخيماً فلسطينيّاً.
ويكشف الرّصد تصاعداً في اعتداءات الاحتلال على المخيمات الفلسطينيّة بالضفة خلال شهر سبتمبر/ أيلول من ناحية العدد مقارنةً بشهر أغسطس/ آب، الذي سبقه وخاصّة في أعداد الشهداء، حيث استشهد خلال شهر أغسطس/ آب، 9 فلسطينيين، إلى جانب أن الاحتلال شنّ مجموعة من العمليات العسكريّة المركّزة في مخيم جنين وعقبة جبر ونور شمس.
وطالت انتهاكات الاحتلال خلال الشهر التاسع من عام 2023 المخيمات التالية: مخيم العروب، ومخيم نور شمس، ومخيم جنين، ومخيم الجلزون، ومخيم شعفاط، ومخيم عين السلطان، ومخيم طولكرم، ومخيم عسكر الجديد، ومخيم الفوار، ومخيم بلاطة، ومخيم عقبة جبر، ومخيم العزة، ومخيم قلنديا، ومخيم عايدة، ومخيم دير عمار، ومخيم العين، ومخيم الأمعري، ومخيم الدهيشة.
الشهداء
ارتقى 10 فلسطينيين في مخيمات اللاجئين خلال شهر أيلول/ سبتمبر، 4 منهم في مخيم جنين، و3 في مخيم نور شمس، وشهيد في مخيم دير عمار، وشهيد في مخيم العروب، وشهيد في مخيم عقبة جبر، فيما شهد مخيم العروب أكبر عدد اعتقالات بمجموع 18 معتقلاً خلال الشهر المذكور، يليه مخيم عقبة جبر بعدد 16 معتقلاً.
إصابات بالرصاص الحي
وخلال اقتحامات الاحتلال للمخيمات المذكورة، أصيب 242 لاجئاً فلسطينياً بينهم من أصيبوا بالرصاص الحي، حيث كان مخيم العروب أبرز المخيمات التي سُجل فيها إصابات بعدد 52 إصابة، يليه مخيم جنين بعدد 50 إصابة، فيما تأتي مخيمات عقبة جبر ونور شمس أيضاً في مقدّمة المخيمات التي سُجلت فيها الإصابات بمجموع 46 إصابة منها بالرصاص الحي، إلى جانب إصابة المئات اختناقاً بالغاز وجرى علاجهم ميدانياً من قِبل الطواقم الطبيّة المختلفة.
مداهمات واندلاع مواجهات
وكشف الرصد، أنّ قوات الاحتلال اقتحمت المخيمات المذكورة 193 مرّة ما بين ساعات الفجر والصباح، وساعات المساء والليل المتأخّر، وكان مخيم العروب أكثر المخيمات تعرّضاً للاقتحام من قِبل قوات الاحتلال خلال الشهر التاسع من عام 2023 بعدد 34 اقتحاماً، يليه مخيم نور شمس بعدد 28 اقتحاماً، ثم مخيم عقبة جبر بعدد 19 اقتحاماً.
وخلال شهر سبتمبر/ أيلول، واصلت تشكيلات المقاومة في مختلفة المخيمات الفلسطينيّة بالضفة تصديها لاعتداءات قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، ووفق الإمكانات المتوفّرة، وهذا ما يبرهن فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه من عملياته العسكريّة التي يشنّها بشكلٍ شبه يومي داخل المخيمات، سواء لاعتقال المقاومين أو تصفيتهم.
الاحتلال يسعى إلى القضاء على الصورة المعنويّة للاجئ الفلسطيني ولا يريد أن يكون هناك لاجئون
تقول المحلّلة السياسيّة د. تمارا حداد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ الاحتلال يستمر في عدوانه على مناطق الضفة الغربيّة مع التركيز على شنّ عمليات عسكريّة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ويرتكب فيها الجرائم والمجازر بشكلٍ يومي، وهذا يعود إلى أنّ مخيمات اللاجئين تعتبر عنواناً للصمود والإرادة الفلسطينيّة في وجه الاحتلال وجرائمه، وتحفظ قضيّة سامية ألا وهي قضية اللاجئين الفلسطينيين، لذلك يريد الاحتلال أن يقضي على الصورة المعنويّة للاجئ الفلسطيني، ولا يريد أن يكون هناك لاجئون فلسطينيون، ونرى يومياً ماذا يفعل في هذه المخيمات وسكّانها.
وتشير حداد إلى أنّ مخيمات اللاجئين تحتضن في أزقتها الكثير من المقاومين من مختلف الأعمار والفئات التي تقاوم الاحتلال يومياً، لأنّ هذه الأجيال تدرك تماماً أنّ الاحتلال هو السبب الرئيسي في معاناتها وشتاتها المستمر، ولن يقبل اللاجئ الفلسطيني باستمرار لجوئه في المخيمات، لذلك يلجأ للتعبير عن رفضه من خلال المواجهة اليوميّة وصولاً إلى الخلاص من هذا الاحتلال والعودة إلى أرضه التي هجّر منها.
وتصف حداد المقاومة في المخيمات بالشرسة، وفي الوقت نفسه يريد الاحتلال اقتلاع هذه المقاومة بأي ثمن من داخل المخيمات التي يعتبرها الاحتلال بؤر للمقاومة بغض النظر عن طبيعة الأيدولوجيّات للفصائل الفلسطينيّة الموجودة داخلها.
يعتبر الاحتلال مخيمات نابلس جنين وعقبة جبر وطولكرم، أنّها موطن المقاومة، لذا هو يصعد من عدوانه عليها ويواصل عمليات الاغتيالات والاعتقالات وتشديد الحصار والطوق الأمني.
اقرأ/ي أيضاً مخيمات عدة في الضفة تحذو حذو مخيم جنين
وترى حداد أن الاحتلال يصعد أيضاً من تحريضه على المخيمات مع مواصلة جرائمه فيها، لأنّه يريد إنهاء كينونتها وقضية اللاجئين التي تحتضنها، لذلك يعمل على تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي للمخيمات من خلال هدم البنية التحتية للمخيمات بشكلٍ ممنهج، ويعمل بشكلٍ دائم على إطباق الحصار المفروض على الضفة سعياً منه للتضييق على المقاومين الذين يخرجون من المخيمات الفلسطينيّة، وهو فعلياً ليس بحاجة لشن عملية عسكريّة واسعة على شاكلة "السور الواقي" لأنّه يتحرّك فور ورود أي معلومات عن مقاومين ويرتكب المجزرة تلو الأخرى لإزاحة هذه التهديدات من خلال اتباع سياسة "الضغط المركّز"، أي من خلال تنفيذ عمليات اغتيال.
الاحتلال يتبع أيضاً أسلوب تقديم الإغراءات للقضاء على المقاومة في المخيمات
تقول حداد: إنّ الجيش "الإسرائيلي" يتبع أساليب أخرى للقضاء على المقاومة في مخيمات الضفة، ومنها أساليب الإغراء، "سواء بالسلطة من خلال تقديم وعودات لبعض أبناء المقاومة وإغرائهم بالانضمام إلى صفوف الأجهزة الأمنية والعمل في السلطة، أو من خلال إغرائهم بتصاريح العمل في الأراضي المحتلة عام 1948 لتحسين وضعهم الاقتصادي، وللأسف هناك بعض الشبّان وقعوا في هذا الفخ وقبلوا بذلك، ولكن في المقابل هناك الكثير ممن رفضوا هذه العروض والإغراءات، لأنّهم يعلمون أنّ هذه التسهيلات الاقتصاديّة مؤقّتة وعبارة عن حقن مخدّر"، بحسب وصفها.
تضيف حداد: أن سلطات الاحتلال يهمها أكثر في الوقت الحالي أن يكون هناك بعض الهدوء على الأرض في ظل التطورات بملف "التطبيع السعودي الإسرائيلي" حتى تتشجّع السعودية أكثر وتمضي قدماً في طريق التطبيع، لكنّ الشباب الفلسطيني بمعظمه من غير المتوقع أن يستجيب لأي "إغراءات"، بالنهاية هو يقاوم من أجل حقوقه والعودة إلى أرضه.
المستوى الرسمي والفصائلي لا يستثمر في الحالة النضالية الجماهيرية
أمّا بشأن حجم الردود الفلسطينيّة سواء الرسميّة أو الفصائليّة على عمليات الاحتلال المستمرة، تقول حداد: حتى هذه اللحظة لا يوجد أي وحدةٍ فلسطينيّةٍ حقيقيّة، وهذا ينتِج رداً ضعيفاً وهزيلاً على جرائم الاحتلال، فلم تتفق هذه الفصائل على آلية واستراتيجيّة وبناء برنامج وطني لمجابهة الاحتلال، ولم تستغل الحالة الجماهيريّة العارمة التي تدعو للوحدة والدفاع عن الوطن بكافة الوسائل والسبل، بل على العكس، هناك بعض الفصائل أصبحت تتلقّى الأموال من منظمة التحرير وهي وزنها صفري على الأرض، فقط يهمها المناصب والامتيازات الشخصيّة، بحسب قولها.
بأنّ المطلوب دعم المخيمات يكون من خلال برنامج ورؤية حقيقيّة وعدم الاقتصار على الدعم المادي، وذلك من أجل الحفاظ على صورة المخيمات التي تحتاج إلى دعمٍ سياسيٍ وقانونيٍ وإعلاميٍ لتسليط الضوء على قضية اللاجئين والجرائم المرتكبة بحقهم، لأنّ إهمال وتهميش المخيمات سيضعنا أمام سيناريو مستقبلي خطير لتهجير هؤلاء اللاجئين وعموم الفلسطينيين من الضفة الغربيّة قسراً أو طوعاً.
أحلامٌ تُقتل في مخيمات اللاجئين بالضفة
ولعلّ من أبرز جرائم الاحتلال خلال شهر سبتمبر كانت جريمة اغتيال الطفل رأفت خمايسة (15 عاماً) في مخيم جنين، إذ كشفت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، تفاصيل مروّعة حول ظروف استشهاده، مبينةً أنّ الوحدات الخاصة التابعة للاحتلال "المستعربون"، قتلت الطفل رأفت بعد أن كشف وجودهم في المخيم وحاول الهروب منهم وسط المخيم.
كما قتلت قوات الاحتلال خلال شهر أيلول/ سبتمبر، الطفل ميلاد منذر الراعي (16 عاماً)، والذي كان حلمه أن يكون لاعب كرة قدم، وأن يزور ملعب فريق "ريال مدريد" ليشاهد مباراة هناك، لكن الاحتلال قتله في مخيم العروب، وقتل أحلامه