حذّر الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" الأربعاء 6 كانون الأول/ ديسمبر 2023، من انهيار كامل وشيك للنظام العام في قطاع غزة وذلك في رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن شدد فيها على وجوب إعلان وقف إنساني لإطلاق النار.
وكتب "غوتيريش" متطرّقا للمرة الأولى منذ توليه الأمانة العامة في 2017 إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر، مع القصف المستمر للقوات الاسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ أو حد أدنى للبقاء" قائلاً: أتوقع انهياراً كاملاً وشيكاً للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل تقديم مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة مستحيلاً.
وأضاف: قد يصبح الوضع أسوأ مع انتشار أوبئة وزيادة الضغط لتحركات جماعية نحو البلدان المجاورة، مشيراً إلى أنه في حين أن المساعدات الإنسانية التي تمر عبر معبر رفح "غير كافية، نحن ببساطة غير قادرين على الوصول إلى من يحتاج إلى المساعدات داخل غزة".
وقال: "قوّضت قدرات الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني بنقص التموين ونقص الوقود وانقطاع الاتصالات وتزايد انعدام الأمن".
ووجه تحذيراً بالقول: "نحن نواجه خطراً كبيراً يتمثل في انهيار النظام الإنساني، الوضع يتدهور بسرعة نحو كارثة قد تكون لها تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة"، محمّلاً المجتمع الدولي "مسؤولية استخدام نفوذه لمنع تصعيد جديد ووضع حد لهذه الأزمة"، وداعياً أعضاء مجلس الأمن إلى "ممارسة الضغط لتجنب حدوث كارثة إنسانية".
ومنتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، وبعد رفض أربعة مشاريع قرارات، خرج مجلس الأمن عن صمته، وتبنى قراراً دعا فيه إلى "هدن وممرات للمساعدات الإنسانية" في قطاع غزة.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن أعضاء مجلس الأمن يعملون على مشروع قرار جديد يركز فقط على المساعدات الإنسانية.
تورك: الفلسطينيون يعيشون في رعب مطلق
وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان "فولكر تورك" قد صرّح في وقت سابق اليوم: أن الفلسطينيين في قطاع غزة يعيشون في رعب مطلق ومتزايد، داعياً خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إلى وقف إطلاق النار بصورة عاجلة.
تورك أضاف: أنه بعد شهرين ما زال المدنيون في غزة يتعرضون لقصف "إسرائيلي" متواصل ولعقاب جماعي، مبدياً "خشيته من وقوع فظاعات"، وأكد أن هناك "خطراً كبيراً من ارتكاب جرائم وحشية في غزة:
وقال: "رفاقي العاملين في مجال حقوق الإنسان يصفون الوضع بأنه كارثي، في هذه الظروف ثمة خطر كبير من وقوع أعمال وحشية".
وأردف: "هناك حاجة لاتخاذ إجراءات على نحو عاجل من جانب الطرفين المعنيين وكافة الدول، خاصة التي لديها التأثير للحيلولة دون ارتكاب مثل هذه الجرائم".
العفو الدولية: الأسلحة الأمريكية الصنع سهلت عمليات القتل الجماعي
من ناحية ثانية، قالت منظمة العفو الدولية: إن الجيش الإسرائيلي استخدم ذخائر أمريكية الصنع في غارتين جويتين على قطاع غزة أسفرتا عن مقتل 43 مدنياً، بينهم 19 طفلاً و14 امرأة، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقالت المنظمة في تحقيق نشرته على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء: "خلصت منظمة العفو الدولية استناداً إلى تحقيق جديد، إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم ذخائر الهجوم المباشر المشترك أمريكية الصنع (JDAM) في غارتين جويتين مميتتين وغير قانونيتين على منازل مليئة بالمدنيين في قطاع غزة المحتل".
وأضافت المنظمة: إنها "عثرت على شظايا بين أنقاض المنازل المدمرة وسط غزة، إثر غارتين أسفرتا عن مقتل 43 مدنياً، 19 طفلاً و14 امرأة و10 رجال".
وأوضحت أن ناجين من الغارتين أخبروا المنظمة أنهم "لم يتلقوا أي تحذير بشأن غارة وشيكة".
ودعت المنظمة الحقوقية، إلى التحقيق في الغارتين باعتبارهما "جريمتي حرب"، فيما لم يصدر أي تعليق فوري من الجانبين الأمريكي و"الإسرائيلي" على تحقيق المنظمة.
وأدت غارة شنّها الطيران الحربي "الإسرائيلي"، في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على منزل عائلة النجار في دير البلح (جنوب وادي غزة) إلى استشهاد 24 شخصاً، فيما أسفرت غارة أخرى في 22 من الشهر نفسه على منزل عائلة "أبو معيلق" في المدينة نفسها عن استشهاد 19 شخصاً، وفق تأكيد منظمة العفو الدولية.
وقالت المنظمة: إن كلا المنزلين يقعان جنوب وادي غزة، داخل المنطقة التي أمر الجيش "الإسرائيلي" سكان شمال غزة بالانتقال إليها، في 13 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، باعتبارها "مناطق آمنة".
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، "أنياس كالامار"إن: "استخدام الجيش الإسرائيلي ذخائر أمريكية الصنع في هجمات غير قانونية ذات عواقب مميتة على المدنيين يجب أن يدق ناقوس خطر لدى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن".
وأوضحت كالامار في تعليقها على التقرير، أن "الأسلحة الأمريكية الصنع سهلت عمليات القتل الجماعي لعائلات كاملة".
وقالت المنظمة: إنه "يجب على الولايات المتحدة، والحكومات الأخرى، أن تتوقف فوراً عن نقل الأسلحة إلى إسرائيل، التي من المرجح أن تُستخدم لارتكاب أو زيادة خطر ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي".
وقالت: إنها أجرت مقابلات مع ستة ناجين وأقارب لضحايا في الهجومين، كما حلّلت صوراً للأقمار الصناعية، أظهرت الدمار في المواقع ذات الصلة خلال فترة زمنية تتسق مع روايات الشهود.
وأشارت إلى أنها أرسلت أسئلة بشأن الهجومين إلى متحدث الجيش "الإسرائيلي" في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ولم تتلقَ أي رد حتى وقت نشر التحقيق.