يركّز جيش الاحتلال "الإسرائيلي" منذ بدء عدوانه على قطاع غزّة، على تهجير أهالي مخيم جباليا وعموم منطقة جباليا ومناطق شمال قطاع غزّة، وذلك عبر تكثيف ارتكاب المجازر وتدمير الأحياء السكنية، وتكثيف استهداف المخيم ومحيطه بشكل غير مسبوق بقنابل الغاز السام والفوسفور، ولا سيما محيط مراكز الإيواء التي تؤوي آلاف العائلات النازحة خلال الأيام القليلة الفائتة.
وصدّت فصائل المقاومة الفلسطينية صباح اليوم الجمعة 8 كانون الأوّل/ ديسمبر، محاولة لاقتحام جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مخيم جباليا، رغم تخفيض الأخير من اندفاع عملياته العسكرية من المناطق الشمالية والغربية للقطاع، منذ انهيار الهدنة الإنسانية في الأوّل من ديسمبر الجاري، وتركيز توغلاته البريّة في منطقة خان يونس جنوب القطاع.
ونقلت قناة " الأقصى" التابعة لحركة "حماس" عن مصادر ميدانية في كتائب القسّام، إفشال محاولة للاحتلال صباح اليوم، اقتحام عمق مخيم جباليا شمال القطاع، وتدمير عدد من آلياته وإجباره على التراجع، بالتوازي مع معارك ضارية جرت على محاور جباليا وبيت حانون الشمالية.
ويعمد الاحتلال "الإسرائيلي" منذ مطلع الشهر الجاري، على القصف بالغازات السامة والفوسفور المركّز، على أحياء مخيم جباليا، وخصوصاً مدارس وكالة "أونروا" ومراكز الإيواء المكتظّة بالنازحين ما يؤدي إلى حدوث حرائق والعديد من الإصابات وحالات الإغماء.
ويشير مراقبون، إلى أنّ موقع مخيّم جباليا على الطريق نحو مستعمرة "إيريز" شمال القطاع، جعله هدفاً استراتيجياً للاحتلال، فضلاً عن كونه خزاناً بشريا كبيرا، ويعتبر من معاقل المقاومة الفلسطينية التاريخية، حيث شهد شرارة انطلاقة انتفاضة الحجارة عام 1987، كما لعب دور في انتفاضة الثانية، إضافة إلى فشل محاولات الاحتلال في التقدم ضمن أراضيه، خلال الحروب السابقة، ولا سيما حرب عام 2008 وحرب عام 2014.
وجاءت محاولة اقتحام المخيم، بعد ليلة من القصف بقنابل الغاز والفوسفور المحرّم دوليا على مخيم جباليا ما أدّى إلى وقوع حالات إغماء واختناق، في تصرف متكرر منذ نحو أسبوع تجاه المخيم الذي يؤوي عشرات آلاف النازحين.
وقال المدير العام لوزارة الصحة في غزّة اليوم الجمعة، أنّ 100 إصابة بالاختناق والحروق البالغة، جلّهم من القاطنين في مراكز الإيواء، وصلت من منطقة جباليا شمال القطاع، إلى مستشفى كمال عدوان ذي الإمكانيات الشحيحة جداً بعلاج المصابين.
وأسقط الاحتلال منذ ليلة أمس الخميس حتّى صباح اليوم، أكثر من 100 قذيفة على مخيم جباليا، وسط تركيز القصف المدفعي على شارع الهوجا، فيما أكّدت مصادر صحفية وقوع شهداء وجرحى، عجزت فرق الإسعاف والهلال الأحمر عن التوجه إليهم، جراء شدّة القصف والحصار الإسرائيلي الذي يستهدف بالمدفعية والطيران محيط المناطق الشمالية وعمقها بشكل متواصل.
وكان جيش الاحتلال، قد وجّه عدّة إنذارات لأهالي مخيم جباليا بإخلاء منازلهم منذ 9 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، فيما عبّر الجيش "الإسرائيلي" عبر إذاعته الرسمية قبل أيّام، عن امتعاض المؤسسة العسكرية الصهيونية، من الكثافة السكانية العالية التي ما تزال موجودة في المخيم، وقالت إنّ 75% من سكانه لم ينزحوا إلى الجنوب، "وهو ما يعقّد الهجوم الذي يشنه جيش الاحتلال بريا وجويا." حسب قولها.
ويقطن في مخيم جباليا نحو 110 آلاف لاجئ فلسطيني قبل بدء حرب الإبادة " الإسرائيلية" على القطاع، قبل أن يلجأ إليه آلاف النازحين، الذين أقاموا في مدارس وكالة "أونروا" في المخيم، فيما يحاصر الاحتلال "الإسرائيلي" عدداً من المدارس، وينشر القناصين في محيطها في محاولة لدفع الأهالي على المغادرة.
وارتكب الاحتلال خلال أيام الحرب التي دخلت يومها الـ 63 عشرات المجازر في مخيم جباليا راح ضحيتها الآلاف بين شهيد وجريح، واستهدف بعضها بشكل مباشر مدارس النازحين، كمدرسة الفاخورة وتل الزعتر التي استشهد فيها أكثر من 200 شخص يوم 18 نوفمبر الفائت فضلاً عن تدمير أحياء ومربعات سكنية بكاملها راح ضحيتها مئات الشهداء.
ومنذ مطلع كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري، ارتكب الاحتلال عدّة مجازر مروعة في المخيم، استهدفت مناطق الثقل السكاني، من وقصف مربعاً سكنياً يوم السادس من الشهر الجاري، في بلوك -2 في مخيم جباليا، ما أدّى إلى وقوع أكثر من 100 بين شهيد وجريح، فضلاً عن مئات الشهداء خلال مجازر ارتكبها الاحتلال خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الفائتين.
ويعيش في مناطق شمال القطاع، أكثر من 800 ألف فلسطيني يتركّز جزء كبير منهم في مخيم جباليا ومحيطه، ويتعرضون لمجازر يومية، وسط انهيار وانهيار كلّي للمنظومة الصحية وغياب المستشفيات، وكذلك غياب المنظمات الأممية، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا."
ويعد مخيم جباليا أكبر مخيمات قطاع غزة وأكثرها كثافة سكانية على الإطلاق، وأُنشئ عام 1948 لإيواء اللاجئين المهجرين من قراهم عقب نكبة فلسطين عام 1948.