تمثّلت فلسطين هذا العام، في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، بروايتَي "قناع بلون السماء" للروائي الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال، باسم خندقجي الصادرة عن دار الآداب للنشر والتوزيع في العاصمة اللبنانية بيروت، و"سماء القدس السابعة" للروائي أسامة العيسة الصادرة عن منشورات المتوسط في إيطاليا، وفق إعلان إدارة الجائزة، وهذه هي المرة الأولى التي يصل فيها عمل أدبي لأسير فلسطيني يقبع خلف جدران زنزانة في سجون الاحتلال، إلى هذه المكانة المرموقة في المشهد الأدبي العربي.
الروائي الأسير باسم خندقجي من مواليد نابلس في العام 1983، اعتُقِل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، وكان في سنته الجامعية الأخيرة في جامعة النجاح الوطنية في قسم الصحافة والإعلام. حكم عليه في 7 أيلول/ سبتمبر 2005 بثلاث مؤبدات.
وبدأ مشواره الكتابي في السجن بمقالات جمعها كتاب "مسودات عاشق وطن"، تلاه كتاب "وهكذا تحتضر الإنسانية" عن تجربة الأسير الفلسطيني في زنازين الاحتلال، وله في الشعر مجموعة "طرق على جدران المكان" و"شبق الورد إكليل العدم"، ليتجه إلى الرواية، بدءاً من روايته: "مسك الكفاية: سيرة سيدة الظلال الحرة"، و"نرجس العزلة" التي دشّن إطلاقها فعاليات ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية في العام 2017، فرواية "خسوف بدر الدين"، وأخيراً "قناع بلون السماء".
في روايته "قناع بلون السماء" يقارع الروائي الأسير باسم خندقجي، الروائي الأميركي دان براون حول "المجدلية"، بحيث تظهر وكأنها مُعارضة سردية لرواية "شيفرة دافنتشي" الشهيرة، التي وجد فيها الأسير الفلسطيني تشويهاً وسرقة لسيرتها، بحيث يتخيّل اكتشاف كنيسة سريّة للمجدليّة داخل كهف، عثر فيها على مخطوطات كتبت بالآرامية، وتحوي معطيات تشير إلى وجود إنجيل لها يضم تعاليم يسوع السريّة، كما تشير هذه المخطوطات إلى معلومات عن وصيّة المجدليّة.
أما الروائي أسامة العيسة، فيعود في روايته "سماء القدس السابعة"، إلى القدس في سبعينيات القرن الماضي، بحيث تتعرض إلى ما يشبه المجاعة، للمرة الثانية، بعد خروجها من حرب ثانية خلال عشرين عاماً، مسلطاً الضوء على الكيفية التي من خلالها تحاول المدينة احتواء صدمتها في مواجهة مُحتل منتصر ومتفوق.
العيسة من مواليد العام 1963، صدرت له روايات: "المسكوبية"، و"قبلة بيت لحم الأخيرة"، و"وردة أريحا"، و"قط بئر السبع"، و"جسر على نهر الأردن" و"مجانين بيت لحم" التي توجت بجائزة الشيخ زايد للكتاب في العام 2015، وأخيراً رواية "سماء القدس السابعة"، وله أيضاً كتب علمية وتاريخية مثل "مخطوطات البحر الميت"، و"تل أبيب لا تعرف النسيان: قصة اغتيالات قادة انتفاضة الأقصى"، وغيرها.
وترشحت للجائزة في هذه الدورة 133 رواية، صدرت في الفترة بين تموز 2022 وحزيران 2023، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قبل لجنة تحكيم مكوّنة برئاسة الروائي السوري نبيل سليمان، وعضوية الكاتبة الفلسطينية سونيا نمر، والروائي السوداني حمور زيادة، والناقد المصري محمد شعير، والأكاديمي فرانتيشيك أوندراش.
وفي تعليقه على القائمة الطويلة، قال رئيس لجنة التحكيم نبيل سليمان: "ترسم القائمة الطويلة لهذه الدورة لوحات سردية متنوعة وغنية، فهي تنتسب الى عدد أكبر من المجتمعات والبيئات والأجيال. كما أن هذه القائمة قدمت شخصيات روائية جديدة، وقضايا شائكة... وقدمت الروايات أحداثاً وشخصيات وتفاعلات تتعلق بوعي الذات الفردية والقومية، ووعي الآخر والعالم، وكذلك بإشكاليات الجسد والمكابدات الروحية".