حذّر المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، من انعدام مياه الشرب عن مناطق واسعة شمال قطاع غزة، واصفاً الأمر بأنّه مسألة مروعة، جراء الشح الكارثي لمصادر المياه الصالحة للشرب، ما جعلها مسألة حياة أو موت، دفعت الأهالي لشرب مياه الآبار غير المعالجة والتي تحتوي نسبة ملوحة عالية فضلاً عن الملوثات التي تجعل حياة الأهالي على المحك.

هذا التحذير، هو خلاصة تقرير نشره "الأورو متوسطي" اليوم الاثنين 15 كانون الثاني/ نوفمبر، أكّد فيه انعدام مصادر المياه الصالحة للشرب بشكل كلّي، ما دفع الأهالي لاعتماد المصادر غير النظيفة، بسبب قطع الاحتلال إمدادات المياه عن القطاع والقصف المنهجي والمتعمد لآبار ومصادر المياه، إلى جانب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات تحويل وتوزيع المياه.

وأشار المرصد إلى انتشار الأمراض المنقولة والمعدية، جراء المياه غير النظيفة، خصوصاً مع انقطاع مع انقطاع الكهرباء الذي ساعد في نقص إمدادات المياه، في حين كان القطاع يعاني قبل حرب الإبادة "الإسرائيلية" من ازمة خانقة في توفير مياه الشرب لنحو 2.2 مليون إنسان.

أهالي مخيم جباليا لم يتذوقوا المياه النظيفة منذ بدء الحرب

ونبّه المرصد في تقريره، إلى خطورة الأوضاع الصحية لأهالي شمال القطاع، جراء عدم توفر المياه النظيفة منذ أن بدأ الاحتلال حربه على القطاع، وقال: إنّ أهالي مخيم جباليا على سبيل المثال لم يشربوا مياهاً نظيفة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

ونقل المرصد عن الفلسطيني المسنّ “عليان فارس عبد الغني" (73 عامًا) ويعيش في (بلوك 4) وسط مخيم جباليا، أنّهم يضطرون لشرب المياه المالحة والمستخدمة للحياة اليومية والتي يتم توفيرها بصعوبة.

وأوضح عبد الغني صعوبات الحصول على المياه، بعد أن دمّر الجيش "الإسرائيلي" محطتي تحلية المياه الوحيدتين في المخيم، وهما محطة "شومر" ومحطة "طبريا" منذ الأيام الأولى للعدوان، ولفت إلى أنّ سعر الغالون الواحد من المياه ارتفع سعره من "شيكل" واحد أي ما يعادل (0.27) دولار، إلى أربعة "شواكل" وتعادل (1.08.)

صثبصث.JPG
أحد طوابير الحصول على المياه في شمال غزة

الّا أنّ ذلك لم يعد متوفراً بحسب عبد الغني، الذي أشار إلى أنّ المياه انقطعت نهائيًّا بعد أيام قليلة من بدء الحرب، وأوضح أنّ عائلات مخيم جباليا يعمدون إلى غلي المياه على نيران الحطب وتبريدها في محاولة لتعقيمها وجعلها قابلة للشرب نسبيًّا.

كما أكّد الفلسطيني عبد الغني للمرصد، أن الأمراض تنتشر بشكل كبير في صفوف أبناء مخيم جباليا، وخصوصاً الأطفال الذين باتوا يعانون بشكل متكرر من المغص والإسهال، حيث أن الاهالي يشربون مياه الآبار التي تستخرج دون معالجة، وتحتوي نسبة املاح عالية، تؤدي إلى الجفاف، في ظل انعدام الدواء ومحاليل العلاج للحالات التي تصيب الأطفال وكبار السن بشكل كبير.

ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أن الإفراط في تناول الماء المالح غير الصالح للشرب، إلى جانب تسببه بأمراض المعدة والنزلات المعوية والقيء والإسهال المستمرين، يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وأمراض الكلى واحتمال الإصابة بالسكتة الدماغية، ويؤدي ذلك في النهاية إلى الجفاف المفرط لأنسجة الجسم، خاصة المخ.

ما دمره الاحتلال عمداً من بنى تحتية خدمية للمياه

واستعرض المرصد ما وثّقه نهاية الأسبوع الفائت، من دمار لحق بخزاني "البلد" و"الرمال" الرئيسين في مدينة غزة، نتيجة تجريف الجيش "الإسرائيلي" لهما خلال عملياته البرية العسكرية في المنطقة.

كما طال التجريف خزان "البلد" الذي يضم بئرًا للمياه ومستودعًا لقطع صيانة خطوط المياه في مدينة غزة، إلى جانب مكاتب إدارية لدائرة المياه، وتجريف خزان "الرمال" على تقاطع شارعي "الجلاء" و"الوحدة"، والذي يضم مكاتب دائرة الصرف الصحي ومستودعًا لقطع صيانة شبكات الصرف الصحي.

وبحسب المرصد، فإنّ تدمير الاحتلال 12 بئراً بالقصف الجوي، أدّى إلى نقص حاد وغير مسبوق في المياه في مدينة غزة، وأشارت إلى أنه قبل أن يبدأ الاحتلال حربه كانت بلدية غزة تضخ شهريًا ما يقارب ثلاثة ملايين كوب من المياه، حيث كان يتم توفير 700 ألف كوب يوميًا من خط "ماكروت" التابع للاحتلال، بما يمثل 25%، فيما يتم توفير 10% من محطة التحلية، ونحو مليونين و200 ألف كوب من الآبار المحلية في المدينة، وقد باتت جميع تلك المصادر متوقفة تقريبًا.

ودمرت الهجمات العسكرية "الإسرائيلية" المستمرة دمرت البنية التحتية المائية في قطاع غزة، بما ما لا يقل عن 65% من آبار المياه في مدينة غزة وشمال القطاع.

ولفت المرصد، إلى دراسة تحليلية سابقة نشرها وشملت عينة مكونة من 1200 شخصًا في غزة للوقوف على آثار الأزمة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع، وأظهرت أن 66% من عينة الدراسة؜ يعانون أو عانوا من حالات الأمراض المعوية والإسهال بسبب عدم توفر مياه صالحة للشرب.

وبحسب الدراسة، فإنّ معدل الحصول على المياه، بما في ذلك مياه الشرب ومياه الاستحمام والتنظيف، يبلغ 1.5 لتر للشخص الواحد يوميًا في قطاع غزة، أي أقل بمقدار 15 لترًا من متطلبات المياه الأساسية لمستوى البقاء على قيد الحياة وفقا لمعايير (اسفير) الدولية.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد