بدأت محكمة العدل الدولة اليوم الاثنين 19 شباط/ فبراير، أولى جلسات الاستماع لمرافعات حول العواقب القانونية للاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بمشاركة 52 دولة، و3 تكتلات دولية وإقليمية تمثلت بجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
ومن المقرر ان تستمر جلسات الاستماع، حتّى يوم الاثنين المقبل 26 من شباط الجاري، وستقدم كل دولة من الدول المشاركة، مداخلة شفهية مدتها نصف ساعة، حول المسائل المتعلقة بالاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية، ووجهات نظر تلك الدول حول الإشكاليات والمسائل الجوهرية والناشئة عن الاحتلال.
وتأتي هذه الجلسات، لمتابعة طلب تقدمت به الجمعية العامة أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2022 المنصرم، حول التبعات القانونية "الناشئة عن انتهاك "إسرائيل" المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها، وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن". حسبما جاء في توضيحات الطلب لدى الأمم المتحدة.
وتختلف هذه الجلسات المتخصصة بطلب الفتوى القانونية حول تبعات الاحتلال، عن الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب أفريقيا ضد كيان الاحتلال "الإسرائيلي" في كانون الثاني/ نوفمبر 2023، جراء عدم امتثاله لاتفاقية منع الإبادة الجماعية. حيث تعتبر الفتوى القانونية المتوقع صدورها عن جلسات الاستماع الحالية غير ملزمة، "إلا أنها يمكن أن تحمل سلطة أخلاقية وقانونية كبيرة، ويمكن أن تصبح في نهاية الأمر جزءاً من أعراف القانون الدولي، وهي ملزمة قانون للدول".
الطاقم القانوني الفلسطيني: "إسرائيل" تعمل على بقاء احتلال كل فلسطين
وقدم الطاقم القانوني الفلسطيني في محكمة العدل الدولية، المرافعة الأولى في جلسة اليوم، استعرض خلالها المعطيات التي تدلل على رفض كيان الاحتلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أراضي 1967 وعاصمتها "القدس الشرقية".
وقال الطاقم في مرافعته: إن رئيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو قدم أمام الأمم المتحدة خريطة لفلسطين من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، لا تتضمن أي أثر للوجود الفلسطيني.
وأكد الطاقم الفلسطيني، أنّ الاحتلال يعمل على البقاء الدائم في الأراضي المحتلّة، من خلال الاستمرار في إقامة المستوطنات وتوسيعها على حساب الفلسطينيين، وأشار إلى إنكار رئيس وزراء الكيان بنيامين نتياهو الوجود الفلسطيني بقوله: إنّ "الفلسطينيين لا يمثلون شعبا".
وعرض الطاقم القانوني، خرائط كان الاحتلال قد نشرها، تظهر نوايا الحكومة "الإسرائيلية" لضم أراضي فلسطينية محتلّة، فيما أكّد عضو الفريق القانوني لفلسطين أندريا زميرمان، أنّ "إسرائيل" رفضت مرارا وتكرارا الالتزام بالمفاوضات مع الفلسطينيين على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وأضاف زميرمان، أن نتنياهو صرح من الأمم المتحدة في ثلاث مناسبات بأنه يرفض الاعتراف بدولة فلسطينية، واعتبر أن بيانات المسؤولين "الإسرائيليين" لم تكن كلمات جوفاء، بل تعكس ما يقومون به منذ عقود.
من جهته، ألقى وزير الخارجية في حكومة السلطة الفلسطينية رياض المالكي كلمة، استعرض فيها معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الاستعماري والفصل العنصري "الإسرائيلي".
وقال المالكي: إنّ "فلسطين لم تكن أرضا بلا شعب كما يقول الإسرائيليون، بل كانت على هذه الأرض حياة سياسية وثقافية واجتماعية ودينية".
وأكد المالكي أن الإبادة الجماعية الجارية في غزة نتيجة لغياب العقاب ومحاسبة "إسرائيل" وأنّ الاحتلال يقدم للفلسطينيين 3 خيارات، وهي إما الترحيل أو الاعتقال أو الموت، وأكّد أنّ “إسرائيل" تتحدى أمر محكمة العدل الدولية بمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة.
وأشار المالكي، إلى أن "إسرائيل" طردت ثلثي الفلسطينيين من أراضيهم، وتواصل انتهاك القوانين الدولية، وتسرق الأراضي وتستوطنها بدون تردد ولا حرية ولا أمن في ظل الفصل العنصري.
تجدر الإشارة، إلى أنّ هذه الجلسات تأتي في سياق ثاني طلب تقدمه الجمعية العامة للأمم المتحدة لمحكمة العدل الدولية، لإصدار فتوى قانونية تتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967.
وكان الطلب الأول قد قدّم في كانون الأول/ ديسمبر 2003، حين طلبت الجمعية العامة فتوى قانونية بشأن الإجراءات "الإسرائيلية" في الأراضي المحتلّة، فيما يتعلق ببناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وأصدرت المحكمة قرارها في تموز/ يوليو 2004، يقضي بأنّ بناء الجدار مخالف للقانون الدولي، ويجب أن يتوقف، وأنه يجب تفكيك الأجزاء التي بُنيت.