عمّ الإضراب العام مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان اليوم السبت 2 آذار/ مارس، وسط مظاهرات في مخيمي الرشيدية والبص جنوبي البلاد، احتجاجاً على طلب إدارة الوكالة متمثلة بمديرتها في لبنان "دوروثي كلاوس" من مدير مدرسة دير ياسين ورئيس اتحاد المعلمين في الوكالة فتح الشريف تقديم استقالته على خلفية نشاطاته الوطنية والإنسانية لدعم أهالي قطاع غزة الذين يتعرضون لمجازر إبادة "إسرائيلية" من قبل الاحتلال "الإسرائيلي" منذ 148 يوماً.
نصر على استمرار الأونروا ولكن لن نرضخ للابتزاز
وامتنع أكثر من 36 ألف طالب عن الذهاب إلى المدارس فيما أغلقت 64 مدرسة تابعة لـ "أونروا" أبوابها في كافة المناطق اللبنانية، تلبية لدعوة الاتحاد العام للمعلمين للتعبير عن الاحتجاج على خطوة إدارة الوكالة التي لاقت خلال اليومين الماضيين موجة غضب شعبي وفصائلي ومؤسساتي عارمة داخل المخيمات.
وفي مخيم البص، حيث تقع مدرسة دير ياسين حمل الطلاب والأهالي الأستاذ فتح الشريف على الأكتاف تعبيراً عن تضامنهم معه، بعدما خرجوا في مسيرة وصلت إلى أمام منزله، رفعوا خلالها لافتات ترفض التّعرض لموظفي الوكالة، وتُدين التهديد بإقالة الأستاذ فتح الشريف أو تحويله للتّحقيق، وتطالب إدارة وكالة "أونروا" بالتراجع عن سياساتها التي وصفوها بالطائشة.
وقال مصدر في اتحاد المعلمين بوكالة "أونروا" في لبنان (فضّل عدم ذكر اسمه) لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: القضية ليست شخصية بل إن لها بعداً وطنياً بالدرجة الأولى، وأنه لن يتم السماح لأحد - في إشارة إلى إدارة الوكالة والمانحين- بأن يبتزنا أو أن يضغط علينا وأن يهددنا بلقمة عيشنا لأنه بين الانتماء للقضية والوظيفة سنقدم القضية عن أي وظيفة.
وأشار المصدر إلى أن الأستاذ فتح الشريف وجميع المعلمين واللاجئين الفلسطينيين يصرون على المحافظة على مؤسسة "اونروا" مهما كلف الثمن، ولكن لن يسمحوا بأن يتعرضوا للابتزاز.
"أونروا" تطلب من الشريف الاستقالة بسبب حملات إغاثة لأهالي غزة
وكانت مديرة كالة "أونروا" في لبنان "دوروثي كلاوس" قد استدعت في 26 شباط/ فبراير الفائت مدير ثانوية دير ياسين، ورئيس اتحاد المعلمين الفلسطينيين في لبنان فتح الشريف وعدداً من المعلمين، وخاض الشريف مع "كلاوس" نقاشاً مطوّلاً حول تقارير وصلت للوكالة عن قيامه بأنشطة وطنية داخل المدرسة.
فأشار الشريف إلى أن تلك الأنشطة كان عنوانها حملة "رغيف الخبز"، وجمعت تبرعات لصالح إطعام جزء من أهل غزة، ووصلت التبرعات إلى مستحقيها المدنيين مرفقاً ذلك بفيديوهات وصور تثبت ذلك، وقال لها: إن "هذا واجب لا يمكن التخلي عنه مهما كانت الأسباب"، فطلبت "كلاوس" من شريف تقديم استقالته خلال مهلة تنتهي اليوم السبت 2 آذار/ مارس، أو إن "أونروا" ستتخذ قراراً بفصله، فرفض تقديم استقالته.
طلب مدير الوكالة هذا أثار سخطاً وغضباً كبيراً لدى المعلمين والفصائل واللاجئين الفلسطينيين عموماً، خاصة في ظل ظروف يرون فيها أنهم عاجزون أمام ما يرتكب من جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، و"أقل ما يمكن أن يفعلوه هو القيام بحملات التبرع والأنشطة المساندة للشعب الفلسطيني الذي يُباد في قطاع غزة"، لتبدأ حملة الرد على الوكالة برفض ما وصفوه بـ "الابتزاز".
وفي أول بيان صدر عن اتحاد المعلمين جاء أن سلوك إدارة الوكالة "لعبٌ بالنّار وحربُ وجود لن يبقى فيها إلّا أصحاب الأرض والقضيّة" وأن "لا وكالة الأونروا ولا أيّ إطار في هذا العالم مهما علا شأنه يستطيع ابتزازنا بوطنيّتنا وفكرنا وانتمائنا إلى أرضنا الحبيبة".
اقرأ/ي أيضاً: ردود فعل غاضبة بعد إجبار إدارة "أونروا" رئيس اتحاد المعلمين في لبنان على الاستقالة
انتماؤنا لفلسطين هو انتماء عقيدي لا تراجع عنه.. لن تذلنا الوظيفة
وهذا ما أكده أيضاً الأستاذ فتح الشريف أمام المتضامنين الذين وصلوا إلى منزله في مخيم البص حيث قال: إنه لن يستقيل وأيضاً لن يغير من مواقفه ويتوقف عن نشاطاته الداعمة للفلسطينيين المنكوبين في قطاع غزة، وأن أياً كان لن يستطيع ثني الفلسطينيين عن مواقفهم الوطنية وانتمائهم.
وأضاف: إن الوظيفة لم تكن يوماً ما هدفاً، "ولن تذلنا الوظيفة يوماً ولن تسيّرنا الوظيفة وتجعلنا نتنازل عن حقنا وعن كرامتنا وعن عزتنا، قتها وأقولها وأكررها أن انتماءنا لفلسطين ولشعبنا ولغزة وللضفة ولكل فلسطين هو انتماء عقيدي ولا تراجع عنه".
ودعا إلى حملة جديدة لإغاثة الفلسطينيين في قطاع غزة قائلاً: "دم طفل فلسطيني بكل العالم"
"لن نتنازل عن دعمنا لأهلنا في غزة .. ولن تذلنا الوظيفة"
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) March 2, 2024
في يوم إضراب وتضامن معه في كافة مدارس الوكالة بـ #لبنان ..هذا ما قاله مدير اتحاد المعلمين في وكالة #الأونروا بلبنان فتح الشريف بعد طلب إدارة الوكالة له بالاستقالة على خلفية نشاطات وطنية إنسانية دعماً لأهالي قطاع #غزة pic.twitter.com/b2HMyTNAi6
من جهته أكد المصدر في اتحاد المعلمين بالوكالة لموقعنا أن المرحلة القادمة ستشهد تصعيداً نوعياً مع إدارة "أونروا" في حال تعنتت بقرارها تجاه الأستاذ فتح الشريف، مشدداً على "عدم الاستكانة أو التهاون وأن التصعيد مستمر حتى النهاية وحتى تحقيق مطالب اتحاد المعلمين الفلسطينيين" قائلاً: "لن نقبل أن يبتزنا أحد في انتمائنا".
وفي كلمة باسم اللّجنة الأهليّة خلال المسيرة بمخيم البص، طالب الأستاذ خالد بداوي إدارة الوكالة في لبنان بالتّوقف عن سلوكها تجاه الموظفين ومحاولة سلخهم عن قضيتهم تحت ذريعة استعادة التمويل.
فيما رفضت الطالبة هنادي أبو صهيون باسم البرلمان المدرسيّ في ثانويّة دير ياسين ما وصفتها بالسياسات المشبوهة التي تنتهجها إدارة "أونروا"، داعية الموظّفين إلى التعبير عن مواقفهم الوطنيّة.
تبرير الوكالة
وكانت مديرة "أونروا" في لبنان "دوروثي كلاوس" قد بررت طلبها للشريف بتقديم استقالته كي "لا ينقطع التمويل من الدول المانحة" في وقت تواجه فيه الوكالة مخططات "إسرائيلية" لإنهاء وجودها عبر وقف التمويل الذي أعلنته 17 دولة بناء على مزاعم "إسرائيلية" بأن موظفين فيها شاركوا في عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وسبق ذلك مساعي متعددة لربط تمويل الوكابلة من قبل الدول المانحة بشروط سياسية وصفت من قبل المؤسسات السياسية والحقوقية بأنها "تخدم السياسات الإسرائيلية"، مثل تعديل المناهج الدراسية في مدارسها بالضفة، وأيضاً منع موظفيها الفلسطينيين من التعبير عن انتمائهم الوطني وإبداء مواقف داعمة للمقاومة ضد الاحتلال "الإسرائيلي" وهو ما استجابت له إدارة الوكالة وأثار استهجاناً واستنكاراً من قبل الفلسطينيين، لا سيما موظفي الوكالة الذين رؤوا في الأمر "ابتزازاً سافراً بلقمة عيشهم ووظائفهم".
فيما تستمر الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الأهلية والحقوقية بالدعوة إلى تمويل الوكالة من ميزانية الأمم المتحدة مباشرة تجنباً لسياسات "الابتزاز والترضيخ" التي يتعرضون لها من قبل الدول المانحة، لا سيما الحليفة مع الاحتلال "الإسرائيلي"، مقابل بقاء الوكالة التي تعتبر أحد أهم الشواهد على استمرار قضية اللاجئين الفلسطينيين وأحد أهم عوامل بقائهم المعيشي لما توفره من خدمات في مجالات التعليم والصحة والإغاثة وااصحة البيئية في المخيمات.