تتفاقم المعاناة المعيشية للاجئين الفلسطينيين المهجرين إلى شمالي سوريا عاماً بعد عام، مع ارتفاع الأسعار وازدياد معدلات البطالة، وثبات الدخل اليومي للاجئين، وتزداد الأوضاع سوءاً مع حلول شهر رمضان، بسبب تحكم التجار والمحتكرين بأسعار السلع التي تشهد ارتفاعات جنونية تتخطى 100% خلال الشهر الكريم.

مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، أفاد صباح اليوم الاثنين 11 آذار/ مارس الموافق أول أيام شهر رمضان، بأنّ أسعار السلع الأساسية قد ارتفعت بنسبة 50% و100% عما كانت عليه قبل أيّام، ما يشكل كارثة لمعظم الأسر الفلسطينية في الشمال، ويتجاوز عددها 1200 أسرة فلسطينية، ليقتصر طعام معظمها خلال الشهر الفضيل على وجبة واحدة.

معظم الفلسطينيين شمالي سوريا دون إغاثة وخدمات مع انكفاء "أونروا" عن العمل

وأشار مراسلنا إلى أنّ اللاجئين الفلسطينيين المهجرين، هم من أقل الشرائح التي تتلقى المعونات من الجهات الدولية الإنسانية والمنظمات العاملة في الشمال، مع استمرار تخلي وكالة "أونروا" عن تقديم الاستحقاقات الإغاثية والمالية لهذه الشريحة من المهجرين، منذ العام 2018.

"أبو عزت" لاجئ فلسطيني مهجر إلى الشمال السوري يقول لموقعنا: إنّ الدخل اليومي الذي يحصل عليه من عمله، يبلغ 100 ليرة تركية، أي ما يعادل أقل من 3 دولارات، وهو مبلغ لا يكفي لسد الاحتياجات الأساسية من الطعام لعائلة قوامها 3 أفراد.

فالدخل اليومي للعائلات الفلسطينية المهجّرة، صار لا يكفي ثمن وجبة "مجدرة" وهو طعام يعد فقط من من الأرز والعدس، حسبما تظهر الأسعار مقارنة مع الدخل اليومي للأفراد، بعد أن بلغ ثمن الكيلو غرام الواحد من الأرز (نوع متوسط) 30 ليرة تركية صبيحة أول يوم رمضان، فيما بلغ سعر العدس 55 ليرة تركية، أما عبوة الزيت النباتي 1 ليتر سعرها 45 ليرة تركية، ومجموعها يفوق قيمة المداخيل اليومية لغالبية الأسر، حسبما رصد مراسلنا.

أصناف غذائية كثيرة خارج القدرة الشرائية للاجئين الفلسطينيين

وأضاف مراسلنا في الشمال، أنّ معظم اللاجئين الفلسطينيين صاروا يتناولون ذات الوجبات، وتجدها معظمها في غالبية المنازل، كالاعتماد على أنواع رديئة من المعكرونة الموجودة بأسعار رخيصة تبلغ 10 ليرات تركية، يجري طبخها مع ربّ البندورة الذي بلغ سعر العبوة منه 30 ليرة، في وقت باتت العديد من الأصناف الغذائية خارج القدرة الشرائية بشكل كبير، وخصوصاً اللحوم ومنتجات الأجبان وسواها.

اللاجئ المهجر في الشمال "أبو سليمان عوض" لاجئ فلسطيني من مخيم اليرموك جنوبي دمشق وهجّر إلى منطقة أعزاز، حمّل مسؤولية الجوع وعدم الوجود الغذاء الكافي داخل معظم بيوت الفلسطينيين في الشمال، لوكالة "أونروا" التي "حرمت اللاجئين المهجرين من المعونة المالية الدورية، وكذلك من المساعدات الإغاثية والغذائية"، بحسب قوله.

وأوضح عوض، أنّ الدخل اليومي للاجئين يتراوح بين 100 و125 ليرة تركية على أعلى تقدير، فيما يبلغ سعر الدولار اليوم في الشمال 33 ليرة تركية، ما يجعل الدخل اليومي خصوصاً مع حلول شهر رمضان، لا يكفي ثمن وجبة طعام واحدة أو نصف وجبة.

وأشار اللاجئ إلى أنّ أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الشمال، انحدرت عقب زلزال شباط/ فبراير 2023 الفائت، والذي هوى بأوضاع الناس المعيشية، بعد توقف العديد من الأعمال.

وأكّد عوض، أنّ معظم اللاجئين الآن في رمضان، سيتناولون وجبة الفطور مما يتوفر لديهم من مواد غذائية في متناول دخلهم اليومي، أمّا وجبات السحور فستلغيها الكثير من العائلات.

لقاءات مع مؤسسات دولية لم تُثمر

وتعاني العائلات الفلسطينية في الشمال السوري، منذ تهجيرها عن مخيماتها في العام 2018، من التهميش الكامل من قبل وكالة "أونروا" والجهات الفلسطينية الرسمية ممثلة بفصائل منظمة التحرير بحجة أنها "مناطق يصعب الوصول إليها" بحسب تبرير الوكالة.

مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين أشار إلى أن لقاءات عدة جرت خلال الأسابيع الفائتة، بين ناشطين فلسطينيين ومدير مركز توثيق اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، مع مسؤولين في وكالات أممية، حول تهميش وكالة "أونروا" للفلسطينيين المهجرين، وسبل تقديم الإغاثة لهم عبر الوكالات الأممية.

وجرت اللقاءات مع كلّ من نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية "ديفيد كاردن" ورئيسة منظمة الصحة العالمية قائدة الطوارئ الصحية "روزا كريستاني" ، ومنسقة مجموعة الحماية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لورينا نيتو، علماً أنّ تلك اللقاءات قد تكررت على مدار السنوات السابقة، دون أي استجابة تذكر.

وتعيش في الشمال السوري مئات العائلات الفلسطينية المهجّرة، وتتركز العائلات الفلسطينية في مناطق إدلب وأريافها بواقع 700 عائلة، وريف حلب الشمالي بواقع 500 عائلة، فيما يسكن مخيم دير بلوط في ريف ناحية جنديريس نحو 250 عائلة، و70 عائلة في مدينة جنديرس نفسها.

وتحرم وكالة "أونروا" الفلسطينيين في شمال سوريا، من المعونة الدورية التي يتلقاها اللاجئون الفلسطينيون في مناطق سيطرة النظام السوري، وتشمل مبلغاً مالياً لا يتعدى 25 دولاراً لكل عائلة تمنح ثلاث مرات سنويًا، إضافة إلى إغاثة عينية، فضلاً عن الخدمات التعليمية والصحية، الغائبة عنهم منذ أكثر من 8 سنوات على تهجيرهم.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد