شهدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الثلاثاء 26 آذار/ مارس، إغلاقاَ شاملاً لمدارس ومنشآت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وذلك ضمن فعاليات اليوم الثاني من التصعيد الاحتجاجي على إجراءات الوكالة العقابية بحق المعلمين فتح شريف ورائف الأحمد، بسبب أنشطتهما الوطنية، وسط تصاعد السجال بين إدارة "أونروا" واتحاد المعلمين في الوكالة الذي عبّر عن رفضه مبررات الإدارة، وتصاعد الغضب ضد المديرة "دوروثي كلاوس".
وشمل الإغلاق العام، كافة مدارس ومكاتب ومؤسسات وكالة "أونروا" إضافة إلى تحركات ومسيرات طلابية في بعض المخيمات، وذلك في إطار اليوم الثاني من فعاليات الإضراب التي أعلنت عنها الفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية والاتحادات والمؤسسات الأهلية في المخيمات.
وأغلق أهالي مخيم نهر البارد مدارس الوكالة ومكاتبها في المخيم، وعمد المحتجون إلى لصق بوسترات حملت صورتي المعلمين فتح شريف ورائف الأحمد، وتندد بالإجراءات التي اتخذتها أدارة الوكالة بحقيهما.
كما عبّر أهالي المخيم عن غضبهم تجاه مديرة شؤون وكالة "أونروا" في لبنان "دوروثي كلاوس"، وأطلقت القوى الطلابية حملة الكترونية طالبت بطردها من لبنان.
وعمّ الإغلاق العام مدارس ومنشآت وكالة "أونروا" مخيم البداوي في طرابلس، وكذلك مخيمات العاصمة بيروت، حتى مناطق البقاع اللبناني وصولاً إلى مدارس مخيمي عين الحلوة والمية ومية في صيدا، ومدارس مدينة صور جنوباً حيث شهد مخيم الرشيدية وقفة طلابية نددت بإجراءات "أونروا"، وكذلك مخيم الجليل في البقاع حيث عبّر المحتجون عن سخطهم تجاه المديرة " كلاوس" ووصفوها بـ " الشخص غير المرغوب فيه" على حد تعبيرهم.
وجاء في بيان ألقي خلال عتصام مام مقار "أونروا" في مخيم الجليل بمنطقة بعلبك: "إنّ المديرة العامة للوكالة في لبنان وتحريضها على الموظفين، تضع نفسها في عداء لشعبنا الفلسطيني، ونعتبرها شخصاً غير مرغوب فيه، ونطالب بإقالتها بتغييرها".
وأكّد المحتجون في كافة المخيمات، أنّ قضية المعلمين شريف ورائف الأحمد ليست قضية شخصية، إنما هي قضية سياسية تستهدف موظفي "أونروا" واللاجئين في الأقاليم الخمسة وتستهدف انتمائهم الوطني الفلسطيني، وأكدوا على تمسك اللاجئين الفلسطينيين بوكالة "أونروا" باعتبارها الشاهد الأممي على لجوئهم.
"أونروا" توضح واتحاد المعلمين يرفض
وأصدرت إدارة وكالة "أونروا" في لبنان بياناً، شددت فيه على ضرورة أن "يلتزم جميع موظفو الوكالة بسياسات الوكالة وقوانينها وأنظمتها، وهذا أمر أساسي لضمان قدرتها على خدمة لاجئي فلسطين في جميع أنحاء المنطقة بما في ذلك لبنان".
وأشارت إلى أنّه سيتم التعامل مع اي ادعاء بحصول انتهاك محتمل وفق الإجراءات المرعية بغض النظر عن وظيفة الشخص أو رتبته أو خلفيته، " كممارسة اعتيادية متبعة".
وأوضحت "أونروا" أنّ المفوض العام قرر وضع أحد موظفي الوكالة في لبنان في إجازة إدارية دون راتب لمدة ثلاثة أشهر، بانتظار التحقيق الذي تقوم به دائرة خدمات الرقابة الداخلية في "أونروا" وذلك "في إجراء على خلفية تقارير حول أنشطة مزعومة قام بها الموظف تنتهك الإطار التنظيمي للوكالة الذي يحكم سلوك الموظفين" بحسب ما جاء في بيانها، مشيرةً إلى أنه "نظراً لسرية عملية التحقيق، لا يُمكن للأونروا إعطاء أي تفاصيل أخرى".
وقالت "أونروا": إنّه "لا يُطلب من موظفي الأونروا أن يتخلوا عن مشاعرهم الوطنية أو قناعاتهم السياسية والدينية، وتعترف الوكالة بحق موظفيها في ابداء آرائهم وقناعاتهم الشخصية والتعبير عنها".
إلّا أنها لفتت إلى أنّه "بقبول التعيين كموظفين لدى الأونروا، يتعهد موظفو الوكالة بأداء وظائفهم وتنظيم سلوكياتهم وفقًا لمبادئ وسياسات الأمم المتحدة".
وأضافت أنّ "الدعم الإنساني للمدنيين في غزة والتعبير عن التعاطف مع المعاناة الإنسانية بشكل عام لا يشكل انتهاكاً للإطار التنظيمي للأونروا، لكن المشاركة في أي نشاط سياسي من قبل الموظفين يجب أن يكون متسقاً مع نزاهة الوكالة وسمعتها بما في ذلك مبادئ عملها، ويجب ألا ينعكس سلباً عليها"، حسب قولها.
وعبرت وكالة "أونروا" عن التزامها بتقديم الخدمات، رغم الدعوات لإغلاق مكاتبها، وأشارت الى التحديات الصعبة التي تواجهها، حيث تحتاج "أونرو" إلى أكثر من 40% من ميزانيتها المخططة لعام 2024، "فيما تستعد في الأيام المقبلة، لتوزيع المساعدات النقدية للاجئي فلسطين الأكثر حاجة في لبنان".
من جهته، اعتبر اتحاد المعلمين لدى الوكالة في بيان صادر عنه، أنّ هذا السّبب المذكور الذي أتى البيان على ذكره غير دقيق ويفتقد للموضوعيّة والمصداقيّة، لأنّ الرّسالة التي وُجّهت للأستاذ فتح شريف والتي تمّ بوجبها تجميده ثلاثة أشهر غير مدفوعة الرّاتب كان في طليعتها "الانتماء السّياسيّ"، بحسب تعبيره.
وأشار الاتحاد إلى النص الحرفي الذي جاء في الرسالة، "على أنّه جرى توقيفه بناء على انتمائه السّياسيّ بالإضافة الى الأسباب التي ذكرت".
وتساءل الاتحاد مستغرباً، عن الحق القانوني الذي شكلت "أونروا" بموجبه لجنة للتّحقيق في هذه القضيّة، والتئامها بشكل مباشر بعد تشكيلها، ثمّ بحثها في خلفيّات القضيّة والمزاعم المُقدّمة، ثمّ إصدارها قرارات نافذة، ووضعها موضع التطبيق، وهذا كله في يوم واحد!
وشدد الاتحاد، على أنّ إجراء وكالة "أونروا" ليس اجراءً إدارياً اعتيادياً، وتساءل "ثمّ بأيّ حقّ وعلى أساس أيّ مُوجِب تحرمون موظّفًا ما من راتبه مدّة ثلاثة أشهر متواصلة، ألا يدلّ ذلك على إجراء يفتقد أدنى أصول الحسّ الأخلاقيّ والإنسانيّ؟"
يأتي ذلك، بموجب التفاعلات المتواصلة لقضية إجراءات الوكالة عقابية بحق رئيس اتحاد العاملين في الوكالة ومدير ثانوية دير ياسين فتح الشريف، والمعلم رائف أحمد الذي يشغل منصب نائب الرئيس. حيث أوقفت شريف لمدة 3 أشهر دون راتب، وأحالته للتحقيق، على خلفية تنظيم حملة تبرعات لإغاثة أهالي قطاع غزة، وهو ما اعتبرته الوكالة "خرقاً للحيادية"، والطلب منه تسليم كل ما يخص عمله في الوكالة الذي بعهدته ومنعه من دخول منشآت "أونروا".
ومن المقرر، أن تتواصل التحركات الاحتجاجية، حيث سيشهد يوم غد الأربعاء تصعيداً يتمثل باستمرار الإضراب، وإغلاق المدارس ومكاتب المناطق والمخيمات، والزحف نحو مكتب "أونروا" الرئيسي في بيروت وإغلاقه، ودعوة الطلاب والأهالي والمعلمين والفعاليات للمشاركة بذلك.