رمضانٌ مختلف هذا العام يمر على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بسبب حرب الإبادة "الإسرائيلية" المستمرة في قطاع غزة منذ 176 يوماً، فما إن تكاد تنتهي صلاة التراويح معظم أيام الشهر حتى تنطلق مسيرات تكبير داخل المخيمات، يريد من خلالها اللاجئون الفلسطينيون التعبير عن مكنونات غضبهم وحزنهم ودعائهم بأن ينتهي الكرب الذي يعيشه أبناء شعبهم في قطاع غزة.
وتحول رمضان إلى شهر للنشاط الوطني الفلسطيني، حيث تشهد المخيمات الفلسطينية، في معظم الأحيان المسيرات والفعاليات المعبرة عن الدعم والإسناد لقطاع غزة، فيما كانت الأجواء في الأعوام السابقة مليئة بطقوس تتعلق بشكل أكبر بالشهر الفضيل.
في مسيرة التكبير التي خرجت بمخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان ليلة الجمعة، أكد المشاركون من قيادات الفصائل الفلسطينية واللاجئين أن التحركات ضرورية من أجل قطاع غزة "حتى لو كانت عبارة عن مسيرات يومية"
وتحدث القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بسام موعد عن المعركة البرية الدائرة في القطاع والخسائر التي يتكبدها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" فيها، قائلاً: "إننا سننتصر في هذه المعركة لا أحد يظن غير ذلك معركتنا طويلة، وهذه جولة وقد تكون الجولة قبل الأخيرة".
وانتقد الموقف الرسمي للحكومات العربية، قائلاً: إن حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" بدعم أمريكي على قطاع غزة وكأنها تجري على كوكب آخر، موجهاً التحية للفلسطينيين الذين يواجهون الاعتداءات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية والقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وللأسرى الفلسطينيين الذين تتصاعد انتهاكات الاحتلال بحقهم منذ بدء حرب الإبادة على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر2024 .
وطالب بمزيد من التحركات اليومية في المخيمات الفلسطينية بلبنان، معبراً: " صحيح لا نستطيع أن نفعل شيئاً للمظلومين في قطاع غزة ولكن أقل ما يمكن هو الصراخ من أجلهم وتسيير المسيرات"
"إنه أسوأ عام يمر على الشعب الفلسطيني، فأهل غزة يتعرضون لأبشع المجازر وأسوأ إبادة، وهذا الأمر أثر على المخيم، حيث يعم الحزن والألم على أهل غزة"، هكذا عبر اللاجئ اسماعيل السيد ابن مخيم نهر البارد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
أشعر بأن كل لقمة نأكلها خيانة للجائعين في قطاع غزة
وأضاف: "هناك خذلان كبير من قبل الحكومات العربية والإسلامية لغزة، تركوها تنزف دون أي معين أو نصير، ونحن هنا في مخيم نهر البارد يعم الحزن والألم على أهلنا في غزة، فلا يوجد بهجة له كالسنوات السابقة، يضاف إلى ذلك الأوضاع المعيشية المزرية التي يعيشها أهلنا داخل المخيم".
بحرقة وألم تعبر لاجئة فلسطينية في المخيم أن كل لقمة طعام تأكلها أو شربة ماء تشربها خيانة لأهل غزة "فهم أحق بهذا الطعام وهذا الشراب" بحسب ما قالت لموقعنا، مضيفة: أن "كارثة غزة أكبر كارثة يعيشها ويشعر بها المخيم"
تتابع: إنه "إضافة إلى كارثة غزة هناك غلاء المعيشة، وتأخر وكالة "أونروا" عن دفع مساعداتها لمستحقيها من العائلات الأكثر عوزاً ، لكن حرب الإبادة في غزة أكثر ما يحرق الروح، فكيف لنا أن نفرح ونأكل ونشرب ما تشتهي أنفسنا وأهلنا وأطفالنا وأخواتنا في غزة يتعرضون إلى حرب هستيرية، حرب إبادة وتجويع".
أهالي قطاع غزة يعيشون النكبة للمرة الثانية
أما الحاجة التسعينية بديعة الزغل التي عاشت نكبة فلسطين وهجّرت منها وهي ابنة 17 ربيعاً من وهي لاجئة في مخيم البداوي، تقول: إن "أهل غزة يعيشون النكبة مرة ثانية هناك الكثير من الشهداء، عندما أشاهد ما يحصل في غزة على التلفاز أذرف الدموع، وأتذكر ما كان يحصل معنا، ولكنهم يتعرضون أيضاً الى حرب تجويع فنحن هنا في بيوتنا، ونعاني مشاكل اقتصادية، لكن كيف يعيش أهالي القطاع؟".
اللاجئة الفلسطينية في مخيم البداوي "إيڤا شتلة" تؤكد أن الحرب على غزة أثرت على سكان المخيم كثيراً نفسياً ومعنوياً، موضحة أن أكثر ما يؤلم اللاجئين الفلسطينيين في المخيم هو مشاهدة الجرائم "الإسرائيلية" بحق أبناء غزة عبر شاشات التلفاز مع "عدم تمكنهم من فعل شي"، وأن لا أنشطة رمضانية هذا العام كالمعتاد في المخيم، وتقول: "إن الوجع داخل غزة أكبر بكثير مما يمكن تخيله أوتحمله".
وتضيف: "أنا كممرضة عندما أرى الجرحى في غزة يتألمون ولا يستطيع الأطباء والممرضون مداواة الجميع، أشعر بالألم بسبب عجزي عن تقديم المساعدة لهم".
يذكر أن أن عدداً من المبادرات الخيرية في المخيمات الفلسطينية بلبنان هذا العام أدرجت قطاع غزة ضمن حملاتها، كحملة "شباب الخير" التطوعية في مخيم البص، و حملة "مع غزّة… جسد واحد" في مخيم الرشيدية جنوبي البلاد، وتهدف إلى تأمين خيام للإيواء ووقود للمستشفيات وآبار المياه في قطاع غزة، وحملة "إفطارات في غزة الصمود" داخل عدد من المخيمات وغيرها الكثير، فيما يستمر ناشطون فلسطينيون في المخيمات واللجان الشعبية الفلسطينية والعديد من الروابط والمؤسسات المحليّة، إلى إلغاء مظاهر الاحتفال في شهر رمضان لهذا العام، تضامناً مع أبناء قطاع غزة، الذين يواجهون حرب إبادة وتجويع، وقصر المظاهر الرمضانية على الفعاليات الدينية فقط، والتحركات التضامنية مع أهالي القطاع.