منعت الشرطة الألمانية أمس الجمعة 12 نيسان/ أبريل، انعقاد "مؤتمر فلسطين _ سنحاكمكم" الداعم للقضية الفلسطينية، في العاصمة برلين، بعد أن قطعت الكهرباء عن قاعة المؤتمر، واعتقلت عددًا من المشاركين والمنظمين، بينهم نشطاء يهود معادون للصهيونية، في خطوة أثارت جدلاً كبيراً.
كما منعت السلطات الألمانية، الطبيب الفلسطيني/البريطاني غسان أبو ستة، الذي انتخب مؤخرًا رئيساً لجامعة "غلاسكو" في اسكتلندا، من دخول البلاد للمشاركة في المؤتمر، وسط احتجاج للفريق القانوني للجهة المنظمة وتقديمها التماساً ضد القرار لدى السلطات.
وعبر الطبيب الفلسطيني أبو ستة عن استيائه من هذا الإجراء القسري في منشور عبر منصة "إكس" وقال: "تمت دعوتي لإلقاء كلمة في مؤتمر ببرلين حول عملي في مستشفيات غزة خلال العدوان الحالي. لقد منعتني الحكومة الألمانية بالقوة من دخول البلاد.
واعتبر أبو ستّة منعه من قبل الحكومة الألمانية من دخول البلاد، يعكس التواطؤ الألماني مع الاحتلال، وأضاف في تغريدته: "أن إسكات شاهد على جريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية يزيد من تواطؤ ألمانيا في المذبحة المستمرة".
Invited to address a conference in Berlin about my work in Gaza hospitals during the present conflict.
— Ghassan Abu Sitta (@GhassanAbuSitt1) April 12, 2024
The German government has forcibly prevented me from entering the country
Silencing a witness to genocide before the ICJ adds to Germany's complicity in the ongoing massacre.
وعُرف الطبيب أبو ستّة، كطبيب وشاهد على جرائم الاحتلال في قطاع غزّة، وخصوصاُ بحق القطاع الطبي، حيث عمل أبو ستة كطبيب متطوع منذ بدء الحرب على غزّة، في مستشفيي الشفاء والمعمداني في القطاع، ووثق ونقل تفاصيل جرائم الاحتلال خلال هجومه على القطاع الصحي، وحصاره.
وفي تصريح لصحيفة "العربي الجديد"، أوضح أبو ستة أنه كان مدعواً للمشاركة في المؤتمر وإلقاء كلمة حول تجربته في غزة خلال العدوان الحالي، وجرى توقيفه في مطار برلين وإجراء تحقيق لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة، وتم إخطاره بعدم السماح له بدخول البلاد، وطلبوا منه حجز تذكرة عودة إلى لندن.
وحول سبب المنع، قال أبو ستة إنّ السلطات الألمانية أبلغته بعدم القدرة على ضمان سلامته الشخصية، مشيراً إلى أنّ المخطط كان أن يقدم محاضرة عن مشاهداته في غزة، لكن الشرطة الألمانية قطعت بث التطبيق المستخدم للمحاضرة عبر الإنترنت كذلك.
وفيما يتعلق بتزايد المضايقات التي يتعرض لها، أرجع أبو ستة ذلك إلى تعيينه كرئيس لجامعة غلاسكو في اسكتلندا، ولفت إلى أن هذه المضايقات تتزامن مع هجمات إعلامية وشكاوى تقدم ضده.
وأكد الطبيب الفلسطيني، أن المنع يأتي في سياق الاتهامات التي رفعت ضد ألمانيا بالتواطؤ في جريمة الإبادة، وقال: "من الواضح أن وظيفة المتواطئين في الجرائم هي إخفاء الأدلة وإسكات الشهود".
منعت السلطات الألمانية الطبيب الجراح الفلسطيني غسان أبوستة من دخول أراضيها للمشاركة في مؤتمر فلسطيني.
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) April 12, 2024
وعمل أبو ستة في قطاع غزة خلال حرب الإبادة "الإسرائيلية" لمدة 43 يوماً في مستشفى الشفاء والمستشفى الأهلي المعمداني وشهد مجزرة المستشفى المعمداني المروعة يوم 17 تشرين الأول/ أكتوبر… pic.twitter.com/JjaCcPQxlt
وفي بيان صادر عن مؤتمر "مؤتمر فلسطين - سنحاكمكم"، دعا المنظمون إلى تضامن دولي لوقف ما وصفها بـالجرائم المنتهكة للقانون الدولي التي يرتكبها الجيش "الإسرائيلي" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأشار البيان إلى حجم ضحايا حرب الإبادة "الإسرائيلية" حيث تسبب القصف العشوائي منذ أكتوبر 2023 أسفر عن استشهاد أكثر من 26 ألف شخص في غزة، وتشريد أكثر من 1.9 مليون مدني، مع تدمير البنية التحتية الطبية بشكل كامل.
وفي إشارة إلى التجاهل الألماني لتلك الجرائم، أدان البيان مواقف السياسيين ووسائل الإعلام الألمانية، معتبراً أنهم يستهينون بالوضع، ويبررون الجرائم "الإسرائيلية" باعتبارها دفاعاً عن النفس.
بل استهجن المؤتمر في بيانه، رفع السلطات الألمانية كمية شحنات الأسلحة والذخيرة لـ "لإسرائيل" إلى عشرة أضعافها عام 2023، "حيث تعمل صناعة الأسلحة الألمانيّة على تعظيم أرباحها، وتصبح الإبادة الجماعيّة في غزة ليس أكثر وضوحاً فقط، بل تجارة مربحة كذلك. لا يمكننا أبداً أن نغض الطرف أو أن نغمض أعيننا تجاه هذا الظلم الصارخ"، حسبما جاء في البيان.
وطالب المنظمون، بجملة من الإجراءات، على رأسها وقف الدعم الألماني لكيان الاحتلال، وإنهاء التطهير العرقي والاستعمار الاستيطاني، إضافة إلى فتح معبر رفح وحظر عسكري شامل على "إسرائيل" وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنهاء استخدام التعريف الصهيوني لمعاداة الساميّة، وتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة (IHRA)، مع أي مؤسسة أو سلطة حكومية.
وأكدوا ضرورة حظر التجريم للحراك التضامني مع فلسطين في ألمانيا، ووقف عمليات الترحيل القسري للاجئين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تحقيق الحقوق الديمقراطية للناشطين المؤيدين لفلسطين.
يذكر أن مؤتمر "مؤتمر فلسطين - سنحاكمكم" يجمع ناشطين وحركات سياسية داعمة للقضية الفلسطينية في ألمانيا، ويسعى إلى تسليط الضوء على الانتهاكات "الإسرائيلية" والتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وقبل إجراء منع المؤتمر، حرّص عمدة برلين "كاي فيغنر" على انعقاد المؤتمر، وقال إن الشرطة ستتدخل بشكل حاسم لمنعه "حال صدور تصريحات معادية للسامية." ووصف المؤتمر بالأمر الذي " لا يطاق" حسب تعبيره.
وأضاف فيغنر قبيل انعقاد المؤتمر "نحن لا نتسامح في برلين مع معاداة السامية والكراهية والتحريض ضد اليهود، لذلك ستتخذ شرطة برلين إجراءات صارمة في حال صدور تصريحات أو وقوع جرائم معادية للسامية في هذا الاجتماع، أود أن أشكر أفراد شرطة برلين على جهدهم في تطبيق القانون والنظام في مدينتنا، وحماية قيمنا والدفاع عنها". حسب قوله.