أثارت تصريحات أطلقتها نائب المفوض العام لوكالة "أونروا"، "أنطونيا دي ميو"، في مقال لها، جدلاً فلسطينياً، حيث أعربت فيها عن استعداد الوكالة لنقل خدماتها إلى إدارة فلسطينية "في ظل احتمالات حقيقية للتوصل إلى حل سياسي"، وهو ما يتناقض مع مهام الوكالة التي يتوجب ان تتواصل بموجب القانون الدولي حتّى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وفق القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة، حسبما أكدت جهات فلسطينية.
وفي مقال لها بعنوان "الأونروا شريان حياة للأمل" نشرته في مجلة "Cairo Review of Global Affairs" الصادرة عن الجامعة الأمريكية في القاهرة، قالت دي ميو، إنّ "وكالة الأونروا ليست لديها مصلحة في الاستمرار إلى الأبد، وأنها مستعدة لدعم عملية انتقالية محددة زمنياً، تتولى خلالها إدارة فلسطينية تقديم الخدمات التي تقوم بها الوكالة حالياً".
وأضافت: "وسط احتمالات حقيقية وذات مصداقية للتوصل إلى حل سياسي، فإن الوكالة مستعدة لاستعادة وضعها المؤقت من خلال دعم عملية انتقالية محددة زمنياً، وتوفير التعليم والرعاية الصحية الأولية والدعم الاجتماعي إلى أن تتولى إدارة فلسطينية هذه الخدمات".
كما اعتبرت نائب المفوض العام في مقالها "إن الدعوات للقضاء على الأونروا هي دعوات لإنهاء وضع اللاجئين لملايين الفلسطينيين. إن إسكات التذكير بهذا الصراع لا يعني إسكات الصراع، وحده الحوار السياسي والمفاوضات بحسن نية يمكن أن يفعلا ذلك".
"قرار ولاية الأونروا وأماكن عملها تحدده الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتوافق مع الدول المضيفة، ولا دور للأونروا في ذلك"
"الهيئة 302" للدفاع عن حقوق اللاجئين ومقرها بيروت، ردّت في بيان لها الخميس 23 أيار/ مايو، على تصريحات "دي ميو" في مقالها، واعتبرت أنها تحمل محتوى سياسياً غاية في الخطورة.
وأكدت الهيئة أن "أونروا" تعبر عن المسؤولية السياسية الدولية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، وأن إحالة عملها إلى "إدارة فلسطينية" أو أي جهة أخرى ينزع عنها هذا المعنى، ويخدم استراتيجية تفكيك عمل الوكالة التي تقودها دولة الاحتلال بدعم أمريكي، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة في غزة.
وأوضحت الهيئة في بيانها: "قرار ولاية الأونروا وأماكن عملها تحدده الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتوافق مع الدول المضيفة، ولا دور للأونروا في ذلك".
ودعت الهيئة، الوكالة الدولية المعنية بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم، "إلى الدفع باتجاه انتفاء السبب الذي لأجله تأسست، أي بممارسة دورها المؤقت والعمل على إنهاء اللجوء وعودة اللاجئين".
وأشارت الهيئة إلى أن استهداف "أونروا" هو استهداف لشرعية الوكالة وقضية اللاجئين، مشددة على أن الدعوات لتحويل عمل الوكالة إلى جهات أخرى سواء ذات جنسيات مختلفة، أو إلى منظمات أممية أو دولية أخرى يجب أن ترفض.
ودعت الهيئة في بيانها، السيدة "دي ميو" إلى التراجع الفوري عن تصريحاتها "التي تهدف إلى تحويل دور الوكالة إلى طابع إنساني بحت" وطالبت الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، ودائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، والدول الصديقة والمناصرة للحق الفلسطيني، وأحرار العالم إلى رفض هذه التصريحات ودعم الوكالة في دورها الحالي.
وكانت "دي ميو" قد أكدت في مقالها كذلك، أن وكالة "أونروا" تظل حاجة ماسة، حيث تمثل شريان حياة للأمل بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك "القدس الشرقية"، والأردن وسوريا ولبنان، وتساهم برامجها التعليمية والتدريبية المهنية في تمكين أجيال من الفلسطينيين، مما يمنحهم الأدوات اللازمة لبناء مستقبل أفضل.
واعتبرت أنّه ومع مرور 75 عاماً على تأسيس وكالة "أونروا"، أنّ استمرار وجود الوكالة ليس مصدراً للفخر، بل يعكس غياب حل عادل ودائم للاجئين الفلسطينيين.
يذكر، أنّ الأمم المتحدة كانت قد أصدرت قرار تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" برقم (302) بتاريخ 8 كانون الأول/ ديسمبر عام 1949، كمنظمةٍ مؤقتة إلى حين إعادة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم في فلسطين المحتلّة، بموجب قرار صادر بهذا الشأن يحمل الرقم (194) الصادر بتاريخ 11 كانون الثاني/ يناير في عام النكبة 1948.