أعلنت 70 منظمة حقوقية، اليوم الأحد 26 آيار / مايو، أن مستويات سوء التغذية العالية وانتشار المجاعة على نطاق واسع خاصة بين فئة الأطفال في قطاع غزة يقتضي الإعلام رسمياً عن مجاعة ضربت أوساط المخيمات والمدن في القطاع، وفق معطيات وثقت تدهور الأمن الغذائي.
وأكد بيان مشترك للمنظمات الحقوقية على أن مستويات انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة تتفاقم بشكل مضطرد في جميع أنحاء القطاع، نتيجة إصرار السلطات "الإسرائيلية" على ارتكاب جريمة التجويع واستخدامه كسلاح حرب، في إطار الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مشيرةً إلى وجود آلاف الشاحنات على جانب معبر رفح متوقفة منذ أسابيع ويتعذر وصولها إلى السكان الذين تعتمد حياتهم عليها، نتيجة لقرار الاحتلال بتجويع سكان القطاع وإغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات.
ولفتت المنظمات الحقوقية إلى ضرورة إلزام الاحتلال "الإسرائيلي" بتنفيذ التدابير التحفظية التي أعلنتها محكمة العدل الدولية بشأن ضرورة إبقاء معبر رفح مفتوحاً أمام توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل على نطاق واسع لصالح السكان في إطار منع جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين.
تدهور إنساني آخر شمالي قطاع غزة
ووثق بيان المنظمات الحقوقية المشترك تدهورا آخر شمال القطاع بالتزامن مع انقطاع المساعدات الإنسانية وعودة القوات" الإسرائيلية" لشن هجوم عسكري بري شديد ضد جباليا ومخيمها مساء 11 مايو/أيار الجاري، ليجد عشرات الآلاف أنفسهم إما مضطرين للنزوح القسري وترك أمتعتهم والقليل مما لديهم من مواد غذائية، أو البقاء في مراكز إيواء تخضع ومحيطها للقصف والحصار ولا تصلها أي إمدادات غذائية.
مساعدات محدودة جداً عبر الرصيف المائي
وتعتبر بعض المساعدات المحدودة التي قدمت عبر الرصيف المائي محدودة جداً، كماً ونوعاً، ولم تصل لكافة أنحاء القطاع حيث لا يعدو الرصيف عن كونه سوى وسيلة شكلية أوجدتها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تخفيف حدة الانتقادات التي طالت إسرائيل لاستمرارها في ارتكاب جريمة التجويع وعرقلة المساعدات الإنسانية القادمة براً، وفقاً للبيان الحقوقي.
وشدد التقرير على أن المعابر الحدودية البرية تبقى أنجع الطرق لإدخال المساعدات، وهو الأمر الذ أجمعت عليه مختلف وكالات الأمم المتحدة، والمؤسسات الدولية الإنسانية العاملة في القطاع، وكذلك محكمة العدل الدولية، لذا فإن توقف المساعدات الإنسانية يعني حرمان أهالي القطاع بشكل مطلق من الحصول على المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية التي لا غنى عنها لبقائهم على الحياة.
و حمل بيان المنظمات الحقوقية المجتمع الدولي مسؤوليات قانونية وأخلاقية لمنع انتشار المجاعة في قطاع غزة واتخاذ قرارات فورية، بما في ذلك تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة والإعلان رسمياً عن المجاعة الحاصلة في القطاع، باعتبار ذلك مدخلًا لضمان توفير إمدادات فورية للمساعدات المنقذة للحياة.
وأشارت المنظمات الحقوقية إلى أن الوضع الغذائي في قطاع غزة ينطبق عليه مفهوم المجاعة بحسب التصنيف الدولي المعتمد، وهو التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (IPC).
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" قد حذرت من فقدها السيطرة على انتشار الجوع في قطاع غزة بسبب وقف إمدادات المساعدات الإنسانية وعرقلة سبل الوصول الإنساني من قبل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" والتي تتعمد إجهاض البعثات الإنسانية في كل مرة.
“The hunger was spreading, the famine was looming & we were about to prevent a further spread. Since we're not able to bring proper supply since two weeks, the fear today is that [our gains] might be completely reversed” @UNLazzarini to @ABChttps://t.co/k9OqTRZ6r8
— UNRWA (@UNRWA) May 26, 2024
وذكرت "أونروا" أن 14 بعثة إنسانية خلال الفترة من 1 إلى 20 أيار/ مايو الجاري -كانت متجهة إلى كرم أبو سالم لجمع إمدادات الإغاثة- تأخيرات بسبب "الازدحام المروري الذي يسد الطريق وتأخير التصاريح من قبل السلطات الإسرائيلية"، ما أدى إلى إجهاض ست بعثات و منذ 6 - 20 أيار/ مايو، دخلت 143 شاحنة فقط إلى قطاع غزة عبر كرم أبو سالم، بحسب الوكالة.
اقرأ/ي الخبر: "أونروا" تحذر من استمرار إجهاض "إسرائيل" البعثات الإنسانية إلى قطاع غزة
وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية "اوتشا" أنه تم تنسيق 183 بعثة مساعدات إنسانية في غزة مع السلطات "الإسرائيلية" بين 1-20 أيار/ مايو ومن بين 51 بعثة إلى شمال غزة، تم تسهيل 37% فقط ورفضت سلطات الاحتلال وصول باقي البعثات أو عرقلتها بغرض إجهاضها أو إلغائها.
أما بالنسبة للبعثات الإنسانية في جنوبي قطاع غزة، فمن بين 132 مهمة، تم تسهيل نصفها فقط من قبل السلطات "الإسرائيلية"، في حين تم رفض الوصول للنصف الآخر أو عرقلتها أوإلغائها.
وشددت المنظمات الحقوقية على أن غالبية سكان القطاع يواجهون بالفعل مستويات شديدة من الجوع، فيما بدأ مئات الآلاف من الأطفال والمسنين على وجه التحديد يعانون من الهزال أو النحافة الشديدة بالنسبة لأطوالهم، وفقد جميع السكان آلاف الأطنان من أوزانهم على مدار الأشهر الماضية.
حالات وفاة شبه يومية بسبب تداعيات الجوع
وأكدت المنظمات الحقوقية أن المعطيات المتوفرة لديها من الجهات الطبية تشير إلى أنه إلى جانب تسجيل 30 حالة وفاة رسميًّا نتيجة المجاعة، هناك تقديرات بتسجيل حالات وفاة شبه يوميًّا نتيجة تداعيات الجوع إضافة إلى الوفيات الناجمة عن القصف والافتقار للعلاج والرعاية الصحية.
وطالبت المنظمات الموقعة على البيان باستعادة وصول المساعدات الإنسانية إلى كامل قطاع غزة، بما في ذلك السماح بدخول المواد المنقذة للحياة وانتقالها عبر المعابر والطرق البرية بشكل فوري وسريع وفعال، واستعادة الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي، وتوفير الغذاء الآمن والمغذي والكافي لكامل السكان، وحليب الأطفال، وتوفير العلاج لحالات الجوع وسوء التغذية والأمراض المقترنة بهما، واستعادة نظم الإنتاج المحلي ودخول البضائع التجارية.
كما دعت إلى تفعيل أدوات الضغط الحقيقية لإجبار "إسرائيل" على التوقف عن ارتكاب كافة جرائمها فورًا، والضغط عليها للامتثال لقواعد القانون الدولي ولقرارات محكمة العدل الدولية لحماية المدنيين الفلسطينيين من خطر الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بما في ذلك وقف كافة أشكال الدعم السياسي والمالي والعسكري ل"إسرائيل" في هجومها العسكري على قطاع غزة، ومحاسبتها ومساءلتها عن جميع جرائمها.
والجدير ذكره بأن منظمة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة كانت قد أعلنت عن أن أكثر من 800 ألف ساكن ونازح هجّروا قسرا من رفح باتجاه غرب خان يونس ودير البلح، وأغلبهم اضطروا للمغادرة بالقليل من أمتعتهم وتركوا أغلب ما لديهم من مواد غذائية، فيما هجّر نحو 100 ألف من جباليا ومخيمها وبيت لاهيا شمالي القطاع إلى غرب مدينة غزة.
ويواصل الاحتلال "الإسرائيلي" إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم لليوم الـ 20 على التوالي منذ اجتياحه مدينة رفح جنوبي القطاع رغم تحذيرات من المنظمات الإنسانية والإغاثية ومطالبات دولية بإعادة فتح معبر كرم أبو سالم الذي يعتبر "شريان الحياة" لتلافي حصول مجاعة بسبب انقطاع المساعدات.