قالت منظمة أطباء بلا حدود، اليوم الخميس: إن الاحتلال "الإسرائيلي" ارتكب في قطاع غزة خلال شهر حزيران/ يونيو الجاري مجازر راح ضحيتها أكثر من 800 فلسطيني وأصيب على إثرها أكثر من 2400 آخرين في هجمات مروعة شكلت مستويات غير مسبوقة في المعاناة والألم، فيما قال طبيب في المنظمة: إن العبارات الفضفاضة بأنّ الحرب قبيحة بطبعها فتعمي الأبصار عن واقع يُقتل فيه أطفالٌ لم يتعلموا المشي بعد وتُقطَّع أوصالهم وتهشَّم أحشاؤهم.
وشهدت الأسابيع الماضية وفق ما أوردت السلطات الصحية تدفقاً مستمراً للإصابات الجماعية إلى المرافق الطبية التي تدعمها "أطباء بلا حدود" في رفح والمنطقة الوسطى في غزة، إثر الهجمات العسكرية التي تستهدف الفلسطينيين والبنية التحتية في تجاهل صارخ لحياة الفلسطينيين، وفق تأكيد المنظمة في تقرير نشرته على موقعها الرسمي.
و دعت المنظمة حلفاء "إسرائيل" بمن فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى بذل كل ما في وسعهم والتأثير عليها لوقف هجماتها على المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة.
كيف يمكن لعملية عسكرية قتلت أكثر من 800 شخص في أسبوع واحد أن تكون التزمت بالقانون الدولي؟
وقال رئيس وحدة الطوارئ في أطباء بلا حدود، "برايس دي لو فين": "لم يعد بإمكاننا قبول التصريحات التي تزعم أن إسرائيل تتخذ جميع الاحتياطات- فهذه لا تعدو كونها تصريحات دعائية".
وفي شهادته حول الهجمات العسكرية "الإسرائيلية" على الفلسطينيين خلال الشهر الجاري، تساءل "دي لو فين": "كيف يمكن لعملية عسكرية قتلت أكثر من 800 شخص في أسبوع واحد، بينهم أطفال صغار، وشوهت المئات أن تكون قد التزمت بالقانون الدولي الإنساني؟
وأضاف: "منذ تشرين الأول/ أكتوبر وحتى قبل ذلك، نشهد تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وهو أمر يشكّل علامة فارقة في هذه الحرب، أما العبارات الفضفاضة بأنّ الحرب قبيحة بطبعها فتعمي الأبصار عن واقع يُقتل فيه أطفالٌ لم يتعلموا المشي بعد وتُقطَّع أوصالهم وتهشَّم أحشاؤهم".
ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، استشهد 274 فلسطينياً في الثامن من حزيران / يونيو، خلال مجزرة كبيرة ارتكبها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" في مخيم النصيرات، من أجل استعادة 4 أسرى "إسرائيليين" لدى الفصائل الفلسطينية.
وفي تقريرها تؤكد "أطباء بلا حدود" أنها دعمت الفرق الطبية في مستشفى شهداء الأقصى الأقصى التي استقبلت 420 جريحًا و190 شهيداً، ومن بين الضحايا أطفال كثر، تؤكد المنظمة أن "آثار القصف الحركي الفتاك بادية على هؤلاء المصابين في أطرافهم المقطعة وإصاباتهم البليغة والحروق والكسور المفتوحة التي يعانون منها".
تقول "أطباء بلا حدود": إنه في ذلك اليوم أيضاً، أُحيل أكثر من 60 مصابًا بجروح خطيرة إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوبي القطاع، الذي تدعمه أطباء بلا حدود وكان بينهم أطفال فاقدون للوعي.
الهجمات الأخيرة على قطاع غزة هي الأحدث في سلسلة فظائع تدل على نوع الحرب التي تخوضها إسرائيل
يؤكد الطبيب "دي لو فين" في شهادته: "هذا الأسبوع، قصفت إسرائيل بشكل متكرر ما يُعرف بالمناطق الآمنة، فضلًا عن مخيمات للاجئين ومدرسة ومستودعات إنسانية متعددة، والتي سبق أن سجلتها القوات الإسرائيلية رسميًا على أنها (مناطق عدم اشتباك)، وأسفرت الضربات الشديدة في 4 يونيو/حزيران في المنطقة الوسطى عن مقتل 70 فلسطينيًا على الأقل وإصابة أكثر من 300 آخرين معظمهم نساء وأطفال، وقد نُقلوا إلى مستشفى الأقصى الذي تدعمه أطباء بلا حدود وهم يعانون من كسور وحروق شديدة وإصابات بالشظايا".
ويقول الطبيب في المنظمة: إن الهجمات "الإسرائيلية" الأخيرة على قطاع غزة هي الأحدث في سلسلة واسعة من الفظائع المرتَكَبة والتي تدل على نوع الحرب التي تخوضها "إسرائيل"، موضحاً أن "إسرائيل" وحلفاءها أظهروا مرارًا وتكرارًا عدم وجود نقطة تحول فارقة أو خط أحمر في هذا العنف.
وأشار في هذا السياق إلى الهجمات التي تُعرف ب"مجزرة الطحين" و"مجزرة الخيام"، فضلًا عن قتل عمال الإغاثة وأسرهم وإبادة المستشفيات والنظام الصحي بشكل عام، مستغرباً من أن تُنتِج كل هذا المجازر "بأحسن الأحوال موقفًا دبلوماسيًا ضعيفاً كلمات فارغة وتقاعسًا هائلًا".
التصريحات "الإسرائيلية" حول المساعدات الإنسانية متناقضة
وحذرت "أطباء بلا حدود" في تقريرها من أن أي إخفاق في تنفيذ قرار مجلس الأمن الصادر في 10 حزيران /يونيو، لوقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية دون قيد، سيكلف مزيدًا من الأرواح ويشكّل وصمة عار أخرى على الضمير المشترك.
وشددت على أنه لا بد من تسهيل اعتماد وقف إطلاق النار هذا بشكل فوري مع ما يصاحب ذلك من توفير للمساعدات، وخلافًا للقرارات السابقة والمماثلة، موضحة في هذا السياق،أن تصريحات الاحتلال "الإسرائيلي" المتكررة حول المساعدات الإنسانية متناقضة، حيث يعرقل الاحتلال مرورها منذ تشرين الأول/ أكتوبر، هذا وإن سمح بمرورها.
وفي ظل نقص الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية والتأخيرات الإدارية من جانب السلطات "الإسرائيلية" في منح الموافقة الأمنية والموافقة على الإمدادات لإنشاء مستشفيات ميدانية، أمسى توفير الرعاية الصحية الأساسية أشبه بالمستحيل، وفقاً لأطباء بلا حدود.
وتؤكد المنظمة أن المستشفيات الميدانية اكتسبت أهميتها هذه بعد تفكيك نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة بشكل منهجي، ولا يمكنها أن تحل محل نظام صحي قوي وفعال بأي حال من الأحوال.